لبنانيون يرسمون وشوماً على ندوب جراح مرفأ بيروت

25 يوليو 2021
مثال على الوشوم (إنستغرام)
+ الخط -

كان المدرب الشخصي اللبناني رمزي بعقليني يقف خارج صالة التمارين الرياضية التي يديرها والمقابلة لمرفأ بيروت، عندما انفجرت كميات هائلة مُخزنة من نترات الأمونيا في الرابع من أغسطس/آب العام الماضي، ما قذف به على الأرض.

وتسبب أثر الانفجار وسقوط قطع ضخمة من الخرسانة في إصابات عديدة لرمزي، الذي يبلغ من العمر الآن 30 عاماً.

غطى ندوب الإصابات بوشوم، وقال إنه مُنح فرصة أخرى للمقاومة والبدء من جديد.

ويروي وهو يشير إلى أماكن الندوب التي خلفتها الإصابات في مختلف أنحاء جسده "فيه عندك (ركبتي) هون مبينة، هون، هون كانت مقصوصة رجعت شوية صحت، هون معلمين، كلو معلم بيظل، هون وهون وهون، وجع شوية بس مشي الحال، كان عندي زيحين هون وهون وهون، هون بظل عندي شعر من وراها، شاكة قرازة (قطعة زجاج) هون".

وعما تسبب فيه الانفجار من خسارة في حياته، قال متحدثاً بالإنكليزية "في دقيقة واحدة، تدمرت عشر سنوات من حياتي... تحطمت تماماً... وكل أحلامي تبددت".

ولم يستغرق الأمر منه سوى شهرين بعد الانفجار لاتخاذ قرار بمغادرة لبنان والسعي وراء عمل وحياة جديدة في الإمارات.

وقال "بعت سيارتي وضبيت أغراضي أخدت القرار، قررت أترك كل شي، أهلي، بيتي، إخواتي وسيارة تانية عندي إياها بستعملها، كلابي، كل شي مأسسه هون إلي عشر سنين... أتركه وأروح أعيش ع صوفا (أريكة) واتبهدل".

ويصف الوشوم التي رسمها على جسده ويقول عن أحدثه، وهو كلمة (ريبورن) بالإنكليزية، "اللي يعني خلقت من جديد.. ورا أكيد أرزة لبنان لأن معروفة أرزة لبنان قد إيه قوية. فبشوف حالي في ها التاتو، لأن من بعد الانفجار، طول عمري بعرف وبسمع إنك مش ناقصك شي وشخص قوي ومنيح وبتساعد ومش ناقصك شي، بس بعد الانفجار استكشفت أن رغم أي ظروف بقدر آخد أي قرار بريده"، مشيراً إلى وشم شجرة الأرز الشهيرة في بلاده والتي يعتز بها ويعتبرها رمزاً للقوة.

واختار الكثير من اللبنانيين مثله أن يضعوا ذكريات ثابتة عبر الوشوم لما حدث في بيروت في الرابع من أغسطس/آب على أجسادهم.

وتقول فنانة الوشوم جوا أنطون إنها رسمت أكثر من 30 وشماً لكلمة بيروت بتصاميم مختلفة، إضافة لأسماء ورسوم تخص ضحايا الانفجار على جسد ذويهم وأحبائهم الذين فقدوهم في ذلك الانفجار المروع.

وعن ذلك، تحدثت جوا قائلة "بعد الانفجار كان فيه كتير عالم عم تعمل كلمة بيروت، هيدي ما اختلفنا عليها، يعني عملت فوق التلاتين تاتو كلمة بيروت، بطرق كتير مختلفة، فيه كذا شخص عملوا تاتوز تخصن بناس توفوا أو قريبين لأن خسروهم بهيدا الانفجار، بس كلمة بيروت كانت هي أكتر شغلة".

أما عن رأيها في شيوع تلك الطريقة في حفر ذكرى فجيعة الانفجار، فقالت "لمعظم الناس كان متل علاج نفسي لأن يتخطوا... هيدي المرحلة، والعالم لأن تركوا لبنان من ورا الشي اللي صار، يعني كان بدهن يتركوا بيروت معهن، ع جسمهن (كذكرى)".

وتسبب انفجار مرفأ بيروت في مقتل أكثر من مئتي شخص وأصاب الآلاف ودمر مساحات شاسعة من العاصمة اللبنانية. وكان جو نون من بين الضحايا الذين قُتلوا مع رجال إطفاء آخرين وهم يكافحون ألسنة اللهب التي استعرت في الميناء.

وعلى ذراع روي سماحة استقر وشم لوجه أحد أقاربه جو الباسم، وكتب تحته بالإنكليزية "أسطورة في الجنة". وقال سماحة إن الكثيرين من معارفة رسموا وشوماً في ذكرى جو.

وقال "نحن عملنا، كذا حدا عمل تاتو.. فيه أنا، فيه خيي، فيه خيو، فيه أخته، فيه رفقاتنا، كذا حدا من أصحابنا.. جو كان عنده كتير أصحاب، كان كتير محبوب، فكل الناس بتحس اللي نحنا حسيناه، فكلهن تقريباً عملوا ذات الشي اللي هو (تاتو لذكراه) بس كل واحد بطريقته، كل واحد الصورة اللي هو بيحبها، كل واحد كاتب الشي اللي هو بيحبه، كل واحد عنده طريقة كان يشوف جو فيها".

وبالنسبة لمدير المبيعات محمد غريبة، المحب للوشوم، كان الحصول على أحدها من أجل بيروت هو الأمر الوحيد الذي خطر بباله بعد الانفجار مع مساعدة أصدقائه الذين تدمرت منازلهم.

وقال "أنا عملتها بعد يومين من الانفجار، الانفجار كان نهار تلاتة... الأُربعا كنت عم أساعد أصدقائي بالبيوت المكسرة عم أحاول أساعدهن، أشيل الردم، نشوف شو بدنا نعمل، نحن وين، الخميس الصبح كنت الشي الوحيد اللي عم أفكر فيه إنه أنا بدي أعمل تاتو لبيروت... بدي يكون فيه إلها محل".

وعن الصدمة التي شعر بها إثر الانفجار، يقول "فجأة خسرت بيروت، تغيرت كل معالمها، تغير كل شي، كل شي كنت بتعرفه عن بيروت تغير بهيدي اللحظة، فهيدا الجرح اللي كان عندي، اللي أنا بالنسبة لي ما إنه جرح جسدي، هو جرح عاطفي إذا بدي أسميه، لأن هيك علاقتنا كانت ببيروت، كان بدي نوع وجع أكتر، بدي وجع جسدي بس تقدر أحس بهيدا التلاحم مع هيدا الشي اللي صار، بالنسبة لي، بدي أترك أثر لهيدا الشي، بدي أترك (علامة) لهيدا الشي عندي لأن الشي اللي صار جوا واللي انكسر جوا، ما بيترمم".

وتغطي جسد غريبة العديد من الوشوم، لكنه قرر أيضاً أن يضيف وشماً ضخماً لانفجار بيروت على جانب جسده، يصور الدخان متصاعداً من بناية في بيروت على شكل سحابة فطر تسبب فيها الانفجار، وكل ذلك في فنجان قهوة مكسور ومعه كلمات عربية تقول "بيروت... اختبار الله" وهي كلمات للشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش.

(رويترز)

المساهمون