- الحرارة الشديدة تهدد صحة كبار السن بشكل مباشر، مما يستدعي اهتمامًا أكبر بتعرضهم للحرارة وتأثيرها على الخدمات الاجتماعية والصحية بسبب شيخوخة السكان وارتفاع التعرض للحرارة.
- يُقترح تعزيز البنية التحتية الصحية، تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وزيادة المساحات الخضراء لمواجهة تأثيرات الحرارة، خاصةً على كبار السن وذوي الدخل المنخفض.
توقع باحثون أن يتعرض ما يصل إلى 246 مليون إنسان من كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 69 عاماً أو أكثر، في جميع أنحاء العالم، لدرجة حرارة قصوى تتجاوز 37.5 درجة مئوية، بحلول عام 2050، مع تعرض أولئك الذين يعيشون في قارتي آسيا وأفريقيا لأشد التأثيرات، وفقاً لدراسة نُشرت يوم 14 مايو/ أيار في مجلة Nature Communications.
يشيخ سكان العالم بمعدل غير مسبوق، إذ من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً إلى ما يقرب من 2.1 مليار شخص بحلول عام 2050. وتشير التوقعات الجديدة إلى أن أكثر من 23% من سكان العالم من كبار السن هؤلاء، الذين يتركزون إلى حد كبير في البلدان منخفضة الدخل، سيواجهون هذه الحرارة الشديدة، مقارنة بـ14% من سكان الأرض اليوم.
"تشكّل الزيادات في شدة نوبات الحرارة ومدتها وتواترها تهديدات مباشرة للصحة البدنية، مع عواقب وخيمة، خصوصاً، على كبار السن، نظراً إلى قابليتهم المتزايدة لارتفاع الحرارة والظروف الصحية الشائعة التي تتفاقم بسبب التعرض إلى الحرارة. وعلى الرغم من الأبحاث المكثفة التي تؤكد التأثيرات الفردية للحرارة الشديدة على صحة كبار السن ومخاطر الوفاة، فإن تعرض كبار السن للحرارة على مستوى السكان حظي باهتمام أقل"، قال المؤلف المشارك في الدراسة، جياكومو فالتشيتا، الباحث في المركز الأورومتوسطي لدراسات تغير المناخ، في إيطاليا.
وأضاف فالتشيتا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه وفريقه قاسوا التعرض المزمن إلى متوسط درجات الحرارة المرتفعة، وتكرار وشدة التعرض الحاد لدرجات الحرارة المرتفعة للغاية، لمختلف الفئات العمرية حول العالم. ووجدوا أنه بحلول عام 2050، سيعيش أكثر من 23% من سكان العالم الذين تزيد أعمارهم عن 69 عاماً في مناخات يتعرضون فيها لحرارة حادة تتجاوز العتبة الحرجة البالغة 37.5 درجة مئوية، مقارنة بـ14% في عام 2020.
وتابع: "وجدنا أن زيادة قدرها 177 إلى 246 مليونا من كبار السن قد يتعرضون إلى الحرارة الحادة الخطيرة. وإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تكون التأثيرات أشد حدة في آسيا وأفريقيا اللتين قد تكون لديهما أيضاً أدنى القدرات على التكيف". وأشار إلى أن المناطق التي تعاني من شيخوخة السكان وارتفاع التعرض إلى الحرارة، من المرجح أن تواجه طلبات كبيرة على الخدمات الاجتماعية والصحية، ما يتطلب تدخلات سياسية جديدة.
يتطلب التعرض إلى درجات الحرارة المرتفعة جهداً بدنياً، وهناك حد لمقدار الحرارة الذي يمكن أن يتحمله الجسم. كما تعتبر درجات الحرارة القصوى خطيرة بشكل خاص بالنسبة لكبار السن لأسباب عديدة؛ منها أنه لا يمكن للجسم أن يبرد بكفاءة، فضلاً عن معاناة كثير من كبار السن من أمراض مزمنة تتفاقم بسبب الحرارة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية أو مرض السكري.
وفي حين ركزت معظم الدراسات التي تبحث في تأثير تغير المناخ على حياة الإنسان من النواحي الاقتصادية والاجتماعية على نطاق واسع، أفاد الباحثون بأن زيادة درجات الحرارة المحيطة تؤثر سلباً على نوم الإنسان في جميع أنحاء العالم.
والأهم من ذلك، وجد المؤلفون أن هذه التكلفة البشرية للحرارة لا تُوزع بالتساوي، إذ كان فقدان النوم لكل درجة من الاحترار أكبر بمرتين بين كبار السن مقارنة بالبالغين الأصغر سناً أو في منتصف العمر، وثلاث مرات أكبر بالنسبة لذوي الدخل المنخفض مقابل السكان في البلدان ذات الدخل المرتفع، وأكبر بكثير لدى الإناث من الذكور.
ولفت فالتشيتا إلى أنه لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع للحد من المخاطر الناجمة عن زيادة التعرض للحرارة لدى كبار السن، ولكن الخيارات تشمل تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية، وضمان التغذية الكافية والترطيب، وتنفيذ أنظمة الإنذار المبكر بالحرارة، وتوفير الرعاية الصحية العامة، وزيادة مراكز التبريد، والتوسع في تخصيص المساحات الخضراء والغطاء الشجري للحد من تأثيرات الجزر الحرارية الحضرية التي تتكون في سماوات المدن المكتظة والصناعية.