اعتقد المتابعون لحملة المرشح الديمقراطي الفائز في الانتخابات الأميركية، جو بايدن، أن لديه خصمين يجب التغلب عليهما: أولاً دونالد ترامب ثم "فيسبوك". لكن الأشخاص الذين تربطهم علاقات وثيقة بـ"فيسبوك" وبرئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ، أصبحوا بالفعل لاعبين داخليين في مرحلة بايدن الانتقالية.
وبحسب موقع "بوليتيكو"، يشير هذا المعطى إلى أن الرئيس المنتخب الجديد قد لا يغلق الباب تماماً أمام علاقات أفضل مع الشركة.
عضو مجلس إدارة "فيسبوك" السابق، جيف زينتس، يشارك في رئاسة فريق بايدن الانتقالي. عضو مجلس إدارة سابق آخر هو مستشار. اثنان آخران، أحدهما كان مديراً في "فيسبوك" والآخر كان من أعضاء جماعة الضغط التابعة للشركة، تولى أدواراً قيادية. وبايدن نفسه لديه علاقة ودية مع مدير تنفيذي كبير في "فيسبوك"، وهو نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق، نيك كليغ.
وتسبب هذا التداخل في ارتباك محرج لكارهي "فيسبوك" في صفوف الديمقراطيين. غرّد كبير مسؤولي التعبئة في اللجنة الوطنية الديمقراطية، باتريك ستيفنسون، في الأيام الماضية: "أكبر تهديدين مؤسسيين لديمقراطيتنا هما الحزب الجمهوري و"فيسبوك"". وجادل المتحدث باسم الحملة، بيل روسو، بعد فترة وجيزة من انتخاب بايدن بأن "فيسبوك" "يمزق نسيج ديمقراطيتنا".
ونقل الموقع عن خبير استراتيجي لم يكشف عن اسمه قوله: "نعتقد أساساً أنها شركة غير أخلاقية"، "هناك الآلاف والآلاف من الأشخاص في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من العمر الذين سيشعرون بالسخط عندما يجدون أنفسهم يعملون لدى المسؤولة التجارية، شيريل ساندبرغ، أو يتعاملون بلطف مع "فيسبوك" لأن نيك كليغ وجو بايدن قرّرا التراجع".
عداوة قديمة
لم يكن بايدن لطيفاً مع "فيسبوك" أثناء الحملة. قال حينها لهيئة تحرير "نيويورك تايمز": "لم أكن أبداً من محبي "فيسبوك"، كما تعلمون على الأرجح. لم أكن أبداً من أشد المعجبين بزوكربيرغ. أعتقد أنها مشكلة حقيقية".
وكان الديمقراطيون غاضبين من "فيسبوك" منذ عام 2016، عندما اعتقدوا أن الشركة سمحت لكل من صُنّاع التضليل الروس والمحافظين بنشر الأكاذيب.
ويجادل مسؤولو حملة بايدن بأنه على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، خذلهم "فيسبوك" مراراً وتكراراً، إذ ترك المعلومات المضللة تتدفق بشكل جامح، وسمح بتشتيت انتباه الجمهور ووسائل الإعلام بمناقشة الإعلانات، وفشل في اتخاذ إجراءات صارمة ضد انتهاكات ترامب.
وقال أحد مسؤولي حملة بايدن إن مسؤولي "فيسبوك" قد أكدوا للحملة أنه سيقضي على أي محاولات من قبل المرشحين للرئاسة للتشكيك في شرعية الانتخابات. في اليوم التالي، قال المسؤول للموقع، إن "فيسبوك" لم يتخذ إجراءات سريعة أو صارمة بما يكفي ضد منشور ترامب الذي بدا أنه يشجع الناخبين في ولاية كارولينا الشمالية على التصويت مرتين.
وقال المسؤول الذي تحدث من دون الكشف عن هويته "إنه يأمر الناس بارتكاب جناية ولم يفعلوا شيئاً حيال ذلك". ويأتي جزء كبير من الغضب من الحقد على فشل الشركة في منع حملات التضليل الروسية في انتخابات عام 2016 والشعور بأن "فيسبوك" لم يفعل ما يكفي لمعالجة انتشار المعلومات الخاطئة أو المنشورات المليئة بالكراهية في سباق 2020.
وركز آخرون في الجناح التقدمي للحزب، بما في ذلك السناتور إليزابيث وارين من ولاية ماساتشوستس، على القوة السوقية لـ"فيسبوك"، ووصفتها بالاحتكار الذي يجب تفكيكه.
أسلوب الخيمة الكبيرة
السؤال المطروح هو ما إذا كانت إدارة بايدن، بعد يوم التنصيب، سوف تتصرف على أساس الغضب القادم من الفصائل المناهضة لـ"فيسبوك" في الحزب الديمقراطي أم أنها ستتبنى العلاقة الودية التي سادت سنوات أوباما. يقول الموقع إن هناك أشخاصاً في الفريق الديمقراطي يمكنهم أن يلعبوا دور الوسطاء مع مكان عملهم السابق "فيسبوك"، وربما يجدون أرضية مشتركة.
بالإضافة إلى زينتس، كانت المستشارة العامة للمرحلة الانتقالية، جيسيكا هيرتز، مؤخراً مديرةً في "فيسبوك"، حيث ساعدت الشركة في تحقيق السلطات حول خصوصية البيانات وفضيحة كامبردج أناليتكا.
وتترأس لويزا تيريل، عضوة جماعة الضغط السابقة في "فيسبوك"، العلاقات الانتقالية في الكونغرس. وأوستن لين، مدير البرامج في "فيسبوك" من 2017 إلى 2018، هو عضو في فريق مكلف بالمكتب التنفيذي للرئيس. وإرسكين بولز، الذي أمضى ثماني سنوات في مجلس إدارة "فيسبوك"، يقدم المشورة للفريق الانتقالي.
وخدم زينتس، وهو مسؤول سابق في إدارة أوباما، وبولز، وهو مسؤول سابق في إدارة كلينتون، في عصور كانت العلاقات بين وادي السيليكون وواشنطن أكثر سلاسة مما هي عليه اليوم. ومع ذلك، ورد أيضاً أن كليهما تركا "فيسبوك" بعد خلافات مع قيادة الشركة. بحسب الموقع، هناك دلائل على أن الرئيس المنتخب يحاول تبني نهج الخيمة الكبيرة، مما يضع كلاً من قدامى الصناعة ونقاد التكنولوجيا في عدد من الفرق الانتقالية.
القادم غامض حتى الآن
ومع تحول حملة بايدن إلى إدارة بايدن، هناك الكثير من المخاطر على "فيسبوك"، ومن المرجح أن تكون جهود الضغط التي تبذلها الشركة مكثفة. ويقول الموقع إنه من غير الواضح مقدار القوة التي سيحملها الغضب بشأن المعلومات الخاطئة خلال الفترة المقبلة.
وسيجري بايدن نقاشات حيال ما إذا كان سيستخدم أدوات مكافحة الاحتكار للحكومة الفيدرالية ضد الشركة أو الضغط من أجل التراجع عن الحماية القانونية لـ"فيسبوك". ومن المتوقع بالفعل أن ترفع لجنة التجارة الفيدرالية دعوى احتكار ضد "فيسبوك" هذا الشهر.
وإذا اختارت إدارة بايدن تركيز طاقاتها على "فيسبوك" فيمكنها دفع الجهود من الخطاب إلى العمل الحقيقي، بما في ذلك تفكيك الشركة التي تبلغ قيمتها حوالي 800 مليار دولار. ومع ذلك، إذا كانت إدارة بايدن تستمد فلسفتها من حقبة أوباما، فستنهج إجراءات أكثر تخفيفاً.