كيف ستبدو قاعدة "ناسا" المستقبلية على القمر؟

13 مايو 2023
يرمي "أرتيمس" إلى إنشاء أول مكان إقامة للبشر على جرم فلكي غير الأرض (بول هينيسي/الأناضول)
+ الخط -

إذا كانت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تعمل للعودة إلى القمر، فهي هذه المرة تعتزم المكوث فيه، إذ يرمي برنامجها "أرتيمس" إلى إنشاء أول مكان إقامة للبشر على جرم فلكي غير الأرض، لكنّ هذا المشروع يتّسم بصعوبات كثيرة، من بينها توفير وسائل العيش والتنقّل، وتسعى الصناعة الفضائية راهناً إلى تطوير الوسائل التكنولوجية اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

وقال نيل ديفيس الذي يعمل لدى شركة دينيتكس الأميركية، التي كشفت عن نموذج أولي لمركبتها القمرية، خلال ندوة عن الفضاء عُقدت الشهر الماضي في كولورادو سبرينغز، إنّ "الأمر أشبه بكأس العالم في مجال الهندسة".

إلا أنه قد يكون ضرورياً انتظار مهمة "أرتيمس 7" والمهام التي تليها لإنشاء "مساكن دائمة على سطح" القمر، على ما قال المدير المساعد في "ناسا"، جيم فري، خلال الندوة نفسها. وهذه المهام لن تُنجز قبل ثلاثينيات القرن الحالي.

وأشار فري إلى أن القاعدة ستكون مؤلفة مبدئياً من مواقع عدة، بهدف تنويع أماكن الاستكشاف العلمي، وجعل عمليات الهبوط على القمر أكثر سهولة.

اتصال وطاقة

على الرغم من أن هذا الهدف الذي يبدو بعيداً، فإن الشركات بدأت تتسابق في مجال تصنيع الأدوات الضرورية للمهمات إلى القمر.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قال رئيس شركة كريسنت سبيس التي أنشأتها مجموعة لوكهيد مارتن أخيراً، والمتخصصة في الصناعات المتعلقة بالمهمات القمرية، جو لاندون، إنّ "المرحلة الأولى تتمثل في الاتصالات".

ومع مجموعة تضم قمرين اصطناعيين للانطلاق بدايةً، ترغب الشركة في أن تصبح الجهة التي تزوّد القمر بالإنترنت وبنظام التموضع العالمي "جي بي إس"، وتريح تالياً شبكة "ناسا" المهددة بارتفاع درجة حرارتها، بسبب مختلف المهام الفضائية المقبلة، وبينها تلك الخاصة.

وأشار لاندون إلى أنّ قيمة سوق الصناعات المرتبطة بالقمر ستكون نحو مائة مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

أما الموضوع الثاني الذي تسعى الشركات إلى تطويره فهو الطاقة. "أستروبوتك" (220 موظفاً) هي إحدى الشركات الثلاث التي اختارتها "ناسا" لتطوير ألواح شمسية عمودية.

في القطب الجنوبي للقمر، وهي الوجهة المقصودة بسبب وجود مياه جليدية فيها، لا تشرق الشمس سوى بشكل محدود فقط فوق الأفق، وتكون أشعتها بالتالي أفقية.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قال المسؤول عن المعدات الخاصة بسطح القمر، مايك بروفنزانو، إنّ ألواح "أستروبوتك" التي يبلغ ارتفاعها نحو 18 متراً سيجري توصيلها بكابلات طولها كيلومترات عدة. وهذه الألواح يمكن فكّها واستبدال موقعها إن لزم الأمر.

مركبات

بالنسبة إلى البعثات العلمية لروّاد الفضاء، طلبت "ناسا" من الفاعلين في المجال ابتكار مركبة مكشوفة تتسّع لشخصين، على أن تكون جاهزة عام 2028.

وعلى عكس الروبوتات النقالة التي استُخدمت في مهمات "أبولو"، ينبغي أن تكون المركبة الجديدة ذاتية القيادة في المهمات التي لا يشارك فيها رواد فضاء، ما يعني أن تظل تعمل خلال الليالي القمرية التي قد تستمر لأسبوعين مع درجات حرارة قد تصل إلى نحو 170 درجة مئوية دون الصفر.

وبدأت شركات عدة العمل على هذه المركبة، فشركة لوكهيد مارتن تستفيد من خبرة "جنرال موتورز" في السيارات الكهربائية ومركبات الطرق الوعرة. ودخلت شركة داينتكس، التابعة لمجموعة ليدوس العملاقة، في شراكة مع "ناسكار" التي تتولى تنظيم سباقات السيارات في الولايات المتحدة.

وقال المهندس نيل ديفيس، لـ"فرانس برس"، إن النموذج الأولي الذي تصل سرعته القصوى إلى 15 كيلومتراً في الساعة سيضم ذراعاً آلية وإطارات معدنية مضفرة، "ليكون تماسكه جيداً، وتحديداً على الصخور (...) لكنه يحوي أيضاً فتحات كثيرة على الجوانب حتى لا يتكدّس الغبار فيه".

ويشكل الغبار القمري تحدياً كبيراً، لأنه لا يتآكل بالمياه أو الرياح، فهو مادة كاشطة كالزجاج تقريباً.

ولم تعلن "ناسا" بعد عن أسماء الشركات التي اختارتها، إلا أنها تعمل على المدى البعيد مع وكالة الفضاء اليابانية على مركبة مضغوطة لن يكون من الضروري فيها ارتداء بزة فضائية.

مساكن

سيحتاج رواد الفضاء إلى منزل. ووقّعت "ناسا" عقداً قيمته 57,2 مليون دولار مع شركة أيكن المتخصصة بالطباعة ثلاثية الأبعاد التي تتخذ من تكساس مقراً، لابتكار التكنولوجيا اللازمة لتشييد طرقات وممرات هبوط ومنازل على القمر. ويُفترض أن تستخدم تربة القمر كمواد.

وتتولى شركات أخرى، على غرار "لوكهيد مارتن"، ابتكار مساكن قابلة للنفخ.

وقال نائب رئيس الشركة المسؤول عن كل ما يخص استكشاف القمر، كيرك شيريمان، لـ"فرانس برس"، إنه "يمكن إرسالها في حزمة صغيرة"، وهو أمر مهم، لأن سعة الصاروخ محدودة. وبمجرد نفخه "يصبح حجمه كبيراً للعيش والعمل فيه".

ويحوي هذا المنزل القابل للنفخ غرف نوم ومطبخاً وأدوات علمية، وكلها متحركة.

والفكرة الكامنة وراء برنامج "أرتيمس" هي في التحضير لمهمات بعيدة جداً، وتحويل القاعدة القمرية إلى قاعدة مريخية. وأكد شيرمان هذه الفكرة قائلاً: "مهما تكن المبالغ التي يتعين علينا إنفاقها لتطوير هذه الأنظمة على القمر، نرغب في أن تكون قابلة للتطبيق في مهمات إلى المريخ".

(فرانس برس)

المساهمون