كيف ساهم عمالقة التكنولوجيا في إلغاء حق الإجهاض؟

06 أكتوبر 2022
ناشطة تؤيد حق الإجهاض: "دماؤنا ستلطخ أياديكم" (جيريمي هوغان/Getty)
+ الخط -

حين ألغت المحكمة العليا الأميركية، في يونيو/ حزيران الماضي، حق الإجهاض، بعد نحو 50 عاماً من القرار التاريخي الذي قضى بتشريعه وعُرف باسم "رو ضد ويد"، استنفرت شركات التكنولوجيا الكبرى، وتعهدت بمساعدة الموظفين في الولايات التي باتت تمنع هذا الإجراء. لكن قبل هذا القرار التاريخي بسنوات، دعم عمالقة القطاع مجموعة مثيرة للجدل عملت بلا كلل وبلا وملل لإخضاع المحكمة العليا لسيطرة المحافظين، وبالتالي تعبيد الطريق إمام إلغاء "رو ضد ويد".

تحمل هذه المجموعة اسم "منتدى النساء المستقلات" The Independent Women’s Forum، وقد برزت عام 1991، حين كافحت من أجل دعم ترشيح كلارينس توماس للمحكمة العليا. منذ ذلك الحين، توسع نشاط المجموعة لدعم قضايا يمينية شملت إنكار التغير المناخي وبث الرعب من المهاجرين. إلا أنّ فرض سيطرة المحافظين على المحكمة العليا الأميركية ظل على رأس أولوياتها.

وفقاً لموقع ذي إنترسبت الإخباري، تلعب العلاقات العامة دوراً مهماً في نشاط "منتدى النساء المستقلات". إذ ثبتت أقدامها كمنظمة مناضلة من أجل النساء، وناضلت في سبيل تعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا الأميركية. تستفيد المجموعة من الوسائط المتعددة، والمقالات الافتتاحية، والإطلالات التلفزيونية، وغيرها. عام 2020، تفاخرت رئيسة المجموعة هيذر هيغينز أمام جمهور محدود من المحافظين في ولاية فرجينيا، بالدور الذي لعبه "منتدى النساء المستقلات" في حشد دعم الكونغرس لترشيح بريت كافانو للمحكمة العليا الأميركية، وهو من اليمين المحافظ وواجه اتهامات بالاعتداء الجنسي.

ويعتمد "منتدى النساء المستقلات"، والمنظمة الشقيقة "صوت النساء المستقلات"، على تبرعات من شخصيات يمينية، ولكنه في السنوات الأخيرة استقطب دعماً من الشركة الأم لـ"فيسبوك"، ميتا، إضافة إلى شركتي غوغل وأمازون، وفق ما كشف "ذي إنترسبت". فعام 2017، رعت "غوغل" حفل عشاء من أجل "منتدى النساء المستقلات"، وانضمت إليها "ميتا" (كانت لا تزال تعتمد اسم فيسبوك) عامي 2018 و2019. من بين المكرمين في تلك الحفلات شخصيات بارزة مناهضة للإجهاض، مثل النائبة لين تشيني، والمسؤولة البارزة في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كيليان كونواي، ونائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس.

أما "أمازون" فتبرعت بمبالغ مالية لم تعرف قيمتها لـ"منتدى النساء المستقلات"، في أعوام 2018 و2019 و2020، وفق ما أشار "ذي إنترسبت" استناداً إلى سجلات إفصاحات الشركة.

ما حجم الخطر الذي يمثله "منتدى النساء المستقلات" فعلاً؟ الناشطة ليزا غرايفس وصفت نشاط المجموعة بأنه محاولة لغسيل الأيديولوجية المحافظة. وقالت لـ"ذي إنترسبت": "إنهن متحدات، ويوفرن وجهاً نسائياً للجناح اليميني في هجومه على التقدميين، ويدعمن الأجندة القمعية والمتطرفة والرجعية".

على الرغم من التصور العام أن مواقف شركات وادي السيليكون تتناسب مع تلك التقدمية والليبرالية، فإنها، وتحديداً تلك التي تستهدف بالتشريعات وتتخوف منها، بدأت منذ فترة طويلة بتحويل الأموال إلى تنظيمات يمينية على غرار "منتدى النساء المستقلات".

بدورها، تدعم هذه التنظيمات المواقف السياسية التي تراعي مصالح الشركات الممولة لها. "منتدى النساء المستقلات"، مثلاً، يتبنى دائماً مواقف ملائمة لشركات قطاع التكنولوجيا، في التوظيف ومكافحة الاحتكار وغيرهما من القضايا. في إبريل/ نيسان الماضي، حذر المنتدى، عبر مدونته، من أن تطبيق تشريع مكافحة الاحتكار على عمالقة وادي السيليكون ستكون له تداعيات كارثية. وعام 2019 مثلاً، خصص منشوراً كاملاً للدفاع عن الرئيس التنفيذي في "ميتا" مارك زوكربيرغ، بعدما ذكر موقع بوليتيكو أنه حضر عشاء مع معلقين ومشرعين محافظين. اعتبر "منتدى النساء المستقلات" حينها أن "زوكربيرغ مواطن عادي، ويمكنه تناول العشاء مع من يريد. العشاء له غرض عمل واضح، وهذا جزء من ممارسة الأعمال التجارية".

وعلى الرغم من عدم وجود دليل على أن زوكربيرغ، أو الرئيس التنفيذي في شركة غوغل ساندر بيتشاي، يعارضان حق الإجهاض، فإن شركتيهما تستفيدان بلا شك من دعم سياسات تتبنى هذه المواقف. ولا يقتصر الأمر على معارضة الحق في الإجهاض طبعاً، فعام 2019 كشفت صحيفة ذا غارديان البريطانية أن "غوغل" تتبرع لأكثر منظمات إنكار التغير المناخي شهرة. حينها، رد متحدث باسم الشركة قائلاً: "لسنا وحدنا بين الشركات التي تتبرع لهذه المنظمات بينما نختلف معها بشدة بشأن سياسة المناخ".

المساهمون