كيف استطاعت منصة X التعافي؟

29 اغسطس 2023
يبدو أنّ "إكس" نجحت في تخطي كلّ العقبات (Getty)
+ الخط -

منذ صفقة شراء إيلون ماسك شركة تويتر عام 2022، دخلت المنصة في سلسلة من المطبات، جعلت مستقبلها على المحك، في ظل تشكيك مراقبين، ومستثمرين في سيليكون فالي، بقدرة ماسك على قيادة المنصة. لكن اليوم، يبدو أن "إكس" (تويتر سابقاً)، نجحت في تخطي كل العقبات. وما كان تغيير الاسم، وعملية الـRebranding التي خضعت لها المنصة، سوى دليل على بداية طازجة، تشبه مالك الشركة، وطموحاته المالية والإعلامية.

سلسلة النكسات

قبل استحواذ ماسك على المنصة، تتالت المشاكل حتى بدا خروج المنصة من مأزقها شبه مستحيل. الأمر بدأ مع انخفاض عدد المستخدمين، ثمّ تغييرالمدير التنفيذي للشركة أكثر من مرة، ثم انتشار الحسابات المزيّفة. كما كان للموقع عدد كبير من القرارات الجدلية، كقرار تعليق حساب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وخوارزميات وضع تحذير على التغريدات التي تنقض أهمية لقاح فيروس كورونا. ثمّ بعد بيع الشركة لماسك، تتالت المشاكل: من منح إشارة التوثيق الزرقاء لأي مستخدم مشترك في خدمة تويتر بلو، ثم طرد آلاف الموظفين، خصوصاً هؤلاء العاملين في مجال التدقيق بصحة الأخبار.

خطة التعافي

مع كل هذه التخبطات، لم يتوان عملاق وسائل التواصل عن الاعتراف بالعثرات والعمل بنشاط من أجل التعافي. في الآونة الأخيرة، تبنت شركة "إكس" مجموعة من الاستراتيجيات المبتكرة التي تهدف إلى استعادة ثقة المستخدم، وتعزيز بيئة أكثر صحة وشفافية عبر الإنترنت، وترسيخ مكانته كمنصة رائدة للمحادثات في الوقت الفعلي. إليكم أبرزها:

إعطاء الأولوية لسلامة المستخدم ومكافحة المعلومات المضلّلة

تتضمن إحدى الاستراتيجيات الرئيسية التي تتّبعها "إكس" للتعافي من الأخطاء السابقة التركيز بشكل كبير على سلامة المستخدم ومكافحة المعلومات المضلّلة. إدراكًا للحاجة إلى نظام أساسي أكثر أمانًا وشمولية، وبسبب الانتشار الكبير للمعلومات الخاطئة والمشكوك بصحتها، نفذّت الشركة سياسات أكثر صرامة. ورغم أن كُثر يفضّلون القواعد الموضوعة قبل استلام ماسك للشركة، الّا أنّ المديرة التنفيذية الجديدة ليندا ياكارينو، التي عيّنها ماسك، قالت إنّها عززت قواعد الشركة ضد التحرش وخطاب الكراهية والسلوك التعسفي، ووضعت نظاما أكثر دقة وشفافية لقمع المخالفين وتعليق الحسابات التي تنتهك هذه الإرشادات.

تحسين سلامة النظام الأساسي

أقرت "إكس" بالتأثير السلبي للتفاعلات السامة على تجربة المستخدم. لمعالجة هذا الأمر، أدخلت المنصة مجموعة من الميزات والتحديثات التي تركز على تحسين صحة النظام الأساسي ورفاهية المستخدم. تتيح ميزة "إخفاء الردود" للمستخدمين إخفاء الردود التي يجدونها غير ملائمة أو مسيئة، وهو ما يمكّن الأفراد من التحكم في محادثاتهم. الميزة الجديدة تتمثّل بتحقّق الموقع من الردود المخفية لتحسين شفافية الخوارزميات في فهم نوعية الردود السلبية بمختلف اللغات، ما يسمح لنظام المنصة بفهم العوامل التي تؤثر على خلاصات المحتوى الخاصة بالمستخدمين وتقليل احتمال ظهورها.

احتضان تدفقات الإيرادات الجديدة

للتعافي من النكسات السابقة، سعت "إكس" إلى تنويع مصادر إيراداتها بما يتجاوز الإعلانات التقليدية. كانت إحدى الاستراتيجيات البارزة هي إدخال النماذج القائمة على الاشتراك. توفر خدمة تويتر بلو، وهي خدمة اشتراك، ميزات محسّنة مثل خيار إلغاء وتعديل التغريد، مقاطع مصوّرة أطوّل وغيرها من الميزات. ولعل أبرز ميزة تحفيزية كانت المساح بنشر مقاطع مصوّرة لمدة تصل لساعتين، بحيث كانت منصة آبل تي في بلاس أوّل المستفيدين منها عبر طرح الحلقة الأولى كاملة من مسلسل الخيال العلمي "سايلو" عبر حسابها على "إكس"، لتحصل على قرابة 70 مليون مشاهدة. لا تولد هذه الخطوة إيرادات جديدة فحسب، بل توفر أيضًا تجربة مميزة للمستخدمين الراغبين في الاستثمار في عرض متميز لمقاطعهم المصوّرة وبرامجهم، كما حصل مع المذيع الأميركي الشهير تاكر كارسلون، الذي بدأ أخيرًا عرض برنامجه عبر "إكس" بعد فصله من قناة فوكس نيوز.

تعزيز الشفافية والشراكات الخارجية

اعترافًا بالحاجة إلى قدر أكبر من المساءلة، اتخذت "إكس" خطوات لتعزيز الشفافية من خلال تزويد المستخدمين برؤى أوضح حول سياسات النظام الأساسي وإجراءات الإنفاذ والحملات الإعلانية. تهدف هذه الشفافية المتزايدة إلى إعادة بناء الثقة بين المستخدمين والمعلنين والمنظمين. شاركت "إكس" أيضًا في تعاون مع منظمات خارجية، مثل الباحثين المستقلين وكيانات التحقق من الحقائق، لإجراء عمليات تدقيق وتقييم لسياساته وممارساته. يساعد هذا التدقيق الخارجي في ضمان بقاء تويتر ملتزمًا برحلة التعافي ويظل منفتحًا على التعليقات البناءة.

الاستثمار في التعلّم الآلي والذكاء الاصطناعي

لمعالجة حجم المشكلات وتعقيدها بشكل فعال، قامت "إكس" باستثمارات كبيرة في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي (AI). ورغم الانتقادات الكثيرة لسياسات ماسك والتي يقول كثيرون إنّها تعطي مساحة أكبر وظهور أكثر لسياسات اليمين، وأجندات الجمهوريين في الولايات المتحدة وبروباغندا محاربة المثليين وغيرها من المواضيع، تقول ليندا ياكارينو إن هدف "إكس" المستقبلي هو التعرف بشكل استباقي إلى المحتوى الضار المحتمل ومعالجته، بما في ذلك الكلام الذي يحض على الكراهية والمعلومات المضلّلة والملاحظات التحريضية.

المساهمون