رصد المحللون والخبراء العسكريون ظهور الحرف Z مكتوباً يدوياً على الدبابات والشاحنات العسكرية الروسية المحتشدة على الحدود الأوكرانية ــ للمرة الأولى ــ في 19 فبراير/شباط الماضي، ما أثار موجة من التكهنات حول ما يعنيه.
ومع بدء الغزو الروسي للجارة أوكرانيا، رُصد المزيد من المعدات العسكرية، وعليها حرف Z، بالإضافة إلى أحرف لاتينية أخرى بينها O وX وA وV. وهذه الأحرف تؤطَّر بمربعات ومثلثات وأشكال أخرى مرسومة. الحرف Z غير موجود في الأبجدية الروسية السيريلية.
نظريات عدة انتشرت حول معنى كتابة الحرف Z، والأكثر شيوعاً تلك التي يقول فيها الخبراء العسكريون إن الأحرف ترمز عادة إلى مواقع تمركز القوات الروسية، وإن الحرف Z يمكن أن يرمز إلى Zapad، أي الغرب. آخرون يقولون إن الحرف خُطّ لتجنب النيران الصديقة، بينما تكهن بعض الخبراء العسكريين الروس الموالين للكرملين بأن الحرف Z يشير إلى اسم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والحرف V لنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وزارة الدفاع الروسية نفسها لم تعلّق على الجدل، إلا أنها نشرت، عبر قناتها في منصة "إنستغرام"، فيديو قالت فيه إن الحرف Z يعني Za pobedu (من أجل النصر) وإن الحرف V يعني "قوة الحقيقة". لكن هذا التفسير أثار جدلاً حاداً في مجلس الأمن الدولي الاثنين، حين قال السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسا إن الحرف يرمز إلى zveri التي تعني الوحوش أو الحيوانات بالروسية. لكن نظيره الروسي، فاسيلي نيبينزيا، ردّ بأن للروس رأيهم الخاص بمَن هم الحيوانات.
وخلال الأسبوعين الماضيين، اجتاح هذا الحرف منصات التواصل الاجتماعي، وأصبح الرمز الرئيسي الذي يعبّر عبره الكثيرون عن دعمهم للغزو الروسي لأوكرانيا. وفقاً لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أعلنت شبكة "آر تي" الروسية الموالية للكرملين، بعد 3 أيام فقط من بدء الغزو، أنها بدأت ببيع بضائع عليها الحرف Z (قمصان وكنزات...)، دعماً للقوات الروسية.
منذ ذلك الحين، نظمت السلطات عدداً لا يُحصى من التجمعات الخاطفة في أنحاء البلاد كافة، حيث شوهد الشباب الروس يرتدون قمصاناً عليها حرف Z ويبدون دعمهم للحرب. كذلك كتب Z على مجمعات سكنية كبيرة تعود إلى الحقبة السوفييتية، ونصبت إعلانات في الشوارع عليها الحرف نفسه. حتى إن مسؤولين روسيين يحرصون على إظهار دعمهم للغزو، تعهدوا بإدراج الحرف في أسماء المناطق. إذ أعلن رئيس منطقة كيميروفو، سيرغي تسيفيليف، أنه قرر إعادة تسميتها وإضافة الحرف Z، لتصبح KuZbass.
ولم ينحصر استخدام الحرف في روسيا، إذ سار آلاف الصرب، الجمعة، وهم يلوحون بالأعلام الروسية ويحملون رايات عليها Z، عبر بلغراد إلى السفارة الروسية، في عرض هدفه إبداء دعمهم لموسكو بعد غزوها لأوكرانيا.
والسبت، ارتدى لاعب الجمباز الروسي إيفان كولياك شارة Z وهو يقف إلى جانب الأوكراني كوفتون إليا، الحاصل على الميدالية الذهبية في بطولة كأس العالم للجمباز في الدوحة. وعلى إثر ذلك، تعرض كولياك للتحقيق الأحد، ووصف الاتحاد الدولي للجمباز سلوك اللاعب الروسي بـ "الصادم"، مؤكداً نيته فتح دعوى تأديبية ضده.
لكن بعض المواطنين الروس سخروا من استخدام الحرف، وشوهد خلال التجمعات المناهضة لغزو أوكرانيا، الأحد، متظاهرون يحملون لافتات كتب عليها Zachem (لماذا؟). كذلك توجهوا إلى شبكة الإنترنت، حيث نشروا صوراً ساخرة ودعابات عن الأمر.
الأمر الأكثر خطورة، أن Z استُخدم كتكتيك لتخويف أولئك الذين يعارضون الحرب. إذ قال أعضاء من مجموعة "بوسي ريوت" الفنية المعارضة، وكذلك من منظمة "ميموريال" غير الحكومية المناهضة للحرب، إن حرف Z كتب على أبواب شققهم. ونشر الناقد السينمائي الروسي الذي غادر بلاده اعتراضاً على الحرب، أنطون دولين، صورة عبر حسابه على موقع "فيسبوك" تظهر حرف Z وقد رُشَّ بخط كبير على باب شقته، واصفاً هذه الخطوة بالترهيبية.
ووصل هذا الرمز إلى دول عربية، وخاصة سورية، حيث شاركه مؤيدو النظام، الحليف لروسيا، فكتبوه على سياراتهم، كما ظهر واضحاً في مسيرات خرج بها مؤيدون للنظام، معربين عن دعمهم للغزو الروسي على أوكرانيا. يذكر أن روسيا تدخلت في سورية منذ عام 2015، بحجة محاربة الإرهاب، لمساندة النظام ورئيسه بشار الأسد.