استمع إلى الملخص
- أجرت الباحثة لودميلا أريستيلدي وفريقها في جامعة نورث وسترن دراسة لتحديد الإنزيم المسؤول عن تفتيت البلاستيك، مما يتيح تحسين العملية واستغلالها في التخلص من النفايات.
- رغم الإمكانيات الواعدة، تحتاج البكتيريا لتحسينات لتسريع التحلل، ويمكن تعزيز فعاليتها بتزويدها بمصادر غذائية إضافية مثل الأسيتات.
لاحظ باحثون منذ فترة طويلة أن هناك عائلة شائعة من البكتيريا تنمو على البلاستيك المتناثر في جميع أنحاء الأنهار الحضرية وأنظمة الصرف الصحي. لكن ما تفعله بكتيريا كوماموناس تستوستيروني (Comamonas testosteroni) ظل لغزاً لوقت طويل، إلى أن كشفت دراسة جديدة نشرت يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، في مجلة "إنفيرونمنتال ساينس آند تكنولوجي"، أن هذه البكتريا تُفتّت البلاستيك إلى قطع صغيرة وتمضغه للحصول على الغذاء.
يفتح الاكتشاف إمكانيات جديدة لتطوير حلول هندسية تعتمد على البكتيريا للمساعدة في تنظيف النفايات البلاستيكية التي يصعب إزالتها، وتتسبّب بتلوث مياه الشرب وتضر بالحياة البرية. وفقاً للدراسة، فإن بكتيريا كوماموناس تنمو على البولي إيثيلين تيرفثالات، وهو بلاستيك يوجد عادة في عبوات الطعام التي تستخدم لمرة واحدة، وعبوات المياه.
يشكل البولي إيثيلين تيرفثالات نحو 12% من النفايات الصلبة العالمية، و90 مليون طن من البلاستيك المنتج كل عام. تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة، لودميلا أريستيلدي، أستاذة الهندسة المدنية والبيئية في جامعة نورث وسترن، لـ"العربي الجديد" إن الآلية الموجودة في الميكروبات البيئية لا تزال تمثل إمكانات غير مستغلة إلى حد كبير لاكتشاف حلول مستدامة يمكننا استغلالها في التعامل مع المشكلات البيئية.
وعلى عكس معظم البكتيريا الأخرى، التي تزدهر على السكر، تتمتع بكتيريا كوماموناس بفم أدق في التعامل مع المواد المعقدة كيميائياً من النباتات والبلاستيك التي تستغرق وقتاً أطول للتحلل. "لقد أظهرنا منهجياً، ولأول مرة، أن بكتيريا مياه الصرف الصحي يمكنها أخذ مادة بلاستيكية أولية، ومضغها وتفتيتها، واستخدامها مصدراً للكربون. من المدهش أن هذه البكتيريا يمكنها القيام بهذه العملية بأكملها، وقد حددنا إنزيماً رئيسياً مسؤولاً عن تفتيت المواد البلاستيكية. يمكن تحسين ذلك واستغلاله للمساعدة في التخلص من البلاستيك في البيئة"، تضيف أريستيلدي.
وتشير إلى أنه في حال وجود البكتيريا، تحلّل البلاستيك الدقيق إلى جزيئات نانوية صغيرة تتحد معاً لتكوين البوليمرات. هذه الوحدات الصغيرة هي مصدر حيوي للكربون يمكن للبكتيريا استخدامه للنمو.
تستند الدراسة الجديدة إلى أبحاث سابقة أجراها فريق أريستيلدي التي كشفت عن الآليات التي تمكّن كوماموناس تستوستيري من استقلاب الكربونات البسيطة الناتجة عن النباتات والبلاستيك المتحلل.
في الدراسة الجديدة، نظر الفريق البحثي مرة أخرى إلى البكتيريا التي تنمو على البولي إيثيلين تيريفثالات، لأنه لا يتحلل بسهولة ويعد مساهماً رئيسياً في التلوث البلاستيكي. من خلال ست خطوات دقيقة، تتضمن تقنيات معقدة للتصوير وتحرير الجينات، وجد المؤلفون أن البكتيريا تفكك بنية البلاستيك أولاً عن طريق مضغه إلى قطع أصغر، ثم تطلق إنزيمات لتفتيت البلاستيك كيميائياً إلى مصدر غذائي غني بالكربون يعرف باسم تيريفثالات.
قارن المؤلفون استهلاك البكتيريا للبلاستيك بكيفية تناول البشر للحوم البقر: "إذا كنت تريد أن تأكل لحم البقر، فأنت بحاجة إلى تقطيعه إلى أجزاء مختلفة، وبعض الأجزاء يمكنك تناولها، وبعض الأجزاء لا يمكنك تناولها. هكذا، نحوّله إلى قطع مختلفة من اللحم، ثم نطهوه، وبعد ذلك نحتاج إلى تقطيعه إلى أجزاء أصغر قبل أن نأكله ونهضمه"، تقول الباحثة.
درس الفريق البحثي عادات الغذاء لدى بكتيريا كوماموناس بدقة حتى تمكنوا من تحديد الإنزيم المحدد الذي يسمح للجراثيم بتحويل البلاستيك غير الصالح للأكل إلى طعام شهي غني بالكربون. ولتأكيد اكتشافهم، أزالوا الجين المسؤول عن إنشاء هذا الإنزيم ولاحظوا انخفاضاً كبيراً في قدرة البكتيريا على تحليل البلاستيك.
لكن على الرغم من أن البكتيريا أدوات واعدة لمكافحة التلوث، إلا أنها ليست جاهزة تماماً لتُلقى في محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومكبات النفايات كطاقم تنظيف، وفقاً للدراسة.
تستغرق البكتيريا بضعة أشهر لتحلل قطع البلاستيك. ونتيجة لذلك، إذا كانت البكتيريا ستمثّل أدوات فعالة، فيجب إجراء الكثير من التحسينات لتسريع معدل تحلل الملوثات. وتتمثل إحدى الطرق في تعزيز نمو البكتيريا من خلال تزويدها بمصدر غذائي إضافي، مثل مادة كيميائية تعرف باسم "الأسيتات".