استمع إلى الملخص
- غانيميد يتمتع بخصائص فريدة مثل حقل مغناطيسي ومحيط من المياه المالحة تحت قشرة جليدية، مما يجعله مرشحاً مهماً للبحث عن حياة خارج كوكب الأرض.
- الباحث هيراتا ناويوكي أشار إلى أن محور غانيميد كان حساساً للأحداث الكوكبية، ويهدف إلى فهم تطور غانيميد وأقمار المشتري الأخرى من خلال الأبحاث والمحاكاة الحاسوبية.
قبل نحو أربعة مليارات سنة اصطدم كويكب أكبر بعشرين مرة من الكويكب الذي أنهى عصر الديناصورات بأكبر أقمار كوكب المشتري غانيميد، وتسبب في أحد أكبر الاصطدامات التي تركت آثاراً واضحة في النظام الشمسي. الآن، كشف باحثون في دراسة نشرت في 3 سبتمبر/ أيلول في مجلة Scientific Reports أن محور القمر غانيميد ــ وهو أكبر أقمار النظام الشمسي ــ قد تحول نتيجة للاصطدام.
يعتبر غانيميد أكبر قمر في النظام الشمسي، ويبلغ قطره أكثر من 5260 كيلومترا، وهو أكبر من كوكب عطارد. يحتوي هذا القمر الضخم على محيطات من المياه السائلة تحت سطحه الجليدي. ومثل قمر الأرض، فهو مقيد بالمد والجزر، ما يعني أنه يظهر دائماً الجانب نفسه للكوكب الذي يدور حوله، وبالتالي لديه أيضا جانب بعيد. تغطي سطحه أخاديد تشكل دوائر متحدة المركز حول بقعة محددة، ما دفع الباحثين في ثمانينيات القرن العشرين إلى استنتاج أنها ناتجة عن حدث اصطدام كبير.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة هيراتا ناويوكي، وهو أستاذ علم الكواكب المساعد في جامعة كوبي في اليابان: "تتمتع أقمار المشتري آيو، وأوروبا، وغانيميد، وكاليستو، بخصائص فردية مثيرة للاهتمام، لكن ما لفت انتباهي كان هذه الأخاديد على غانيميد". ويوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن هذه الميزة نشأت عن اصطدام كويكب منذ حوالي أربعة مليارات سنة، لكن العلماء لم يكونوا متأكدين من حجم هذا الاصطدام وما هو التأثير الذي أحدثه على القمر.
توصل الباحث إلى استنتاج مفاده أن هذا الكويكب الذي ضرب غانيميد كان عبارة عن كويكب بقطر 150 كيلومترا، وقد اصطدم بالقمر بزاوية تراوح بين 60 و90 درجة. قديماً، كان يعتقد أن هذا الاصطدام حدث بواسطة سرب ضخم من الكويكبات والمذنبات ضرب الكواكب والأقمار في النظام الشمسي. يعرف هذا الحدث المفترض باسم القصف الثقيل المتأخر، وفي حين لا يزال الجدل قائما بين الأكاديميين حول ما إذا كان ذلك قد حدث بالفعل بالإضافة إلى السبب المحتمل، لا يزال هناك دليل على حدوثه.
لكن ما يثير الاهتمام بشكل خاص بشأن مواقع اصطدام غانيميد هو العلاقة التي يبدو أنها تربطه بمحوره. إذ إن محور المد للقمر هو الذي يحدد أي جانب من الجسم المقيد مدّيا يواجه الشيء الذي يدور حوله. وفي هذه الحالة، فهو الذي يربط كوكب المشتري بمركز جانب غانيميد الذي يواجهه دائماً.
يضيف ناويوكي أن غانيميد هو القمر الوحيد في النظام الشمسي الذي يتمتع بحقل مغناطيسي، ويعتقد أنه يحتوي على محيط من المياه المالحة يبلغ عمقه 100 كيلومتر تحت قشرة من الجليد يبلغ سمكها 150 كيلومترا. تجعل هذه الميزات أيضاً غانيميد مرشحاً ليبحث فيه العلماء عن حياة خارج كوكب الأرض في نظامنا الشمسي.
ووفقاً للباحث، فإن محور القمر لم يكن ثابتاً طوال الوقت، وإنما قد يكون حساساً للأحداث الكوكبية مثل الاصطدامات والنيازك، كما حدث قبل أربعة مليارات سنة حين ضرب كويكب عملاق القمر غانيميد وأجبره على الدوران، ما جعل موقع هذا الاصطدام الضخم يبدو بعيدا عن مواجهة كوكب المشتري، ويقع مباشرة مقابل المحور المدّي.
كان ناويوكي هو أول من أدرك أن التأثير كان على وجه التحديد على خط الطول (الخط بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي) الأبعد عن المشتري. وربط الباحث بينه وبين بلوتو الذي يظهر أيضا دليلا على حدوث اصطدام. سمحت البيانات التي حصل عليها العلماء من مسبار الفضاء "نيو هورايزونز" باكتشاف أن اصطدام بلوتو تسبب في تحول محور دوران الكوكب القزم.
"أريد أن أفهم أصل وتطور غانيميد وأقمار المشتري الأخرى. لا بد أن الاصطدام العملاق كان له تأثير كبير على التطور المبكر لغانيميد، لكن التأثيرات الحرارية والبنيوية للاصطدام على الجزء الداخلي من غانيميد لم يتم التحقيق فيها على الإطلاق. أعتقد أنه يمكن إجراء المزيد من الأبحاث التي تتناول التطور الداخلي للأقمار في وقت لاحق،" يوضح ناويوكي الذي أضاف أن أول هذه الخطوات كان إجراء محاكاة حاسوبية لتحديد ذلك بالتطبيق على أقمار المشتري.