كان يفترض أن يعود قصر فرساي إلى الحياة بانتهاء سنة 2020 الرهيبة، لكنّه سيبقى "محجوراً" خلال الأعياد، في انتظار إعادة فتحه ربما في يناير/كانون الثاني المقبل وسط تحديات كثيرة.
وأدى القرار الذي اتخذ الأسبوع الفائت بتمديد إغلاق المواقع الثقافية لمدة ثلاثة أسابيع إضافية على الأقل، إلى إضعاف الآمال في العودة السريعة إلى الحياة الطبيعية في أروقة المقر الملكي الذي منعت الجائحة الزيارات إليه على مدى خمسة أشهر هذه السنة.
كان كل شيء مُعدّاً بدقة لإعادة الافتتاح في 15 ديسمبر/ كانون الأول، وكان القصر يعوّل على معرض استعادي يستضيفه راهناً ويتناول أعمال الرسام ياسينت ريغو، يجمع للمرة الأولى نسختي لوحته التي تمثل الملك لويس الرابع عشر، وهي واحدة من أكثر اللوحات المدرجة في كتب التاريخ المدرسية.
(ألين جوكارد/Getty)
ووصف المسؤول عن قصرَي فرساي وتريانون في المتحف الوطني لوران سالومي الأسبوع المنصرم هذا المعرض بأنه "رمز للصمود والقيامة"، وبقي حتى النهاية مقتنعاً بإمكان إعادة افتتاح القصر قبل عيد الميلاد.
وشدد سالومي على أن "قصر فرساي مكان له معنى فقط عندما يمتلئ بالناس الذين يعبرون ممراته وصالات العرض، وعندما يجول الزوار في حدائقه".
إلاّ أن تدابير الإقفال العام خلال الربيع أثّرت بشكل كبير على هذا الصرح السياحي الذي يشكّل رمزاً لفرنسا.
(أوسكاو غونزاليز/Getty)
بين ليلة وضحاها، أغلقت بوابات القصر الذهبية ومعها باب واسع كبير للمداخيل. ولم تؤدِ إعادة فتح القصر في يونيو/حزيران إلى الانتعاش المنتظر بسبب قلة السياح الأجانب الذين يمثلون 80 في المئة من زواره.
فعدد الزوار تراجع بالفعل من 8.2 ملايين عام 2019 إلى "نحو مليونين" فحسب هذه السنة، وتسبب ذلك بخسارة مالية للقصر قدرها 50 مليون يورو، ومن الطبيعي تالياً أن يسجّل عجزاً بحلول نهاية السنة.
ورأت مديرة القصر، كاترين بيغار، أن 2020 كان "عاماً رهيباً" و"شبه ضائع". وأضافت "ثمة حياة توقفت وأدى ذلك إلى صعوبات كبيرة نواجهها لمجرّد حماية قصر فرساي".
(فرانسوا لوشون/Getty)
وأوضحت أن "القصر ليس في وضع سيئ كما كان بعد الحرب، حين كان يحصل تسرّب من السطوح، ونمت النباتات البرية في الحدائق". لكنها أضافت "إذا أردنا حماية هذا الصرح الثقافي، وأن يبقى إشعاع قصر فرساي في العالم، فمن المؤكد أننا يجب ألا نوقف كل الأعمال، وكل الورش".
وشدّدت على أن دعم المتبرعين ضروري وكذلك ثمة حاجة إلى تجديد عروض الزيارات لجذب جمهور أوسع، إلى جانب خطة الإنعاش العام التي ترصد 87 مليون يورو على مدى عامين وستتيح للقصر "التغلب على صعوبات عام 2020".
(فرانسوا لوشون/Getty)
ورأى لوران سالومي أنه من الضروري "إعادة بناء النموذج الاقتصادي" وأن "عودة السياحة ستكون بطيئة للغاية". وأشار إلى أن التفكير ينصبّ على إيجاد "طرق مميزة واستثنائية لزيارة فرساي، قد تجدها بعض الفئات مناسبة مما يساعد القصر على الصمود قليلاً".
ميدانياً، لا تزال ورش التصليحات مستمرة في انتظار إعادة الافتتاح، كما في الكنيسة الملكية التي ستطلّ على الزوار، بعد ورشة مستمرة منذ ثلاث سنوات، بسقف مرمم.
وقال كبير مهندسي الآثار التاريخية والمقاول الرئيسي لعملية الترميم، فريديريك ديدييه، إن الرسوم على السقف استعادت نضارتها. ولاحظ أن "الذهب على السقف يلمع، سواء كان الطقس ماطراً أو مثلجاً أو كانت الرياح تعصف، فإن الرسوم على السقف تولّد ضوءها الذاتي".
(فرانسوا لوشون/Getty)
وثمة "عملية أخرى واسعة النطاق" تجري، وتتمثل في إيواء نحو ألف شجرة برتقال وليمون و"كريب فروت" ونخيل ورمان، وبعضها عمره أكثر من 200 سنة، في مخازن داخلية، على أن تعود إلى موقعها الأصلي الخارجي في الربيع، وفق ما يشرح البستاني المسؤول إريك كينينا.
وأشار إلى أن "حجر" الأشجار يتكرر كل سنة من دون استثناء. وساء بوجود فيروس كورونا أو من دونه. إلا أن المشكلة الوحيدة التي طرأت هذه السنة هي أن القيود المتعلقة بالجائحة حالت، للمرة الأولى منذ عام 1974 وعهد الرئيس الراحل، فاليري جيسكار ديستان، دون تسلّم قصر الإليزيه القرض المتمثل في 40 شجرة زيتون.
(أوسكار غونزاليز/Getty)
(فرانس برس)