فيلم "يوم الدين"

12 اغسطس 2021
من فيلم يوم الدين (imdb)
+ الخط -

يعتمد فيلم "يوم الدين"، للمخرج المصري أبو بكر شوقي، على رواية قصص المهمشين في المجتمع المصري، ولاسيما ذوي الإعاقات أو الأمراض التي تحفر أثارها على الجسد البشري والروح الإنسانية، مثل الجذام، ويرصد الفيلم نظرة فئات المجتمع لهذه الشريحة، وهي نظرة تتسم بالاحتقار والتهميش.

يدين الفيلم المجتمع والسلطة والنظرة اللاعلمية تجاه هذه الأمراض، من خلال قصة بشاي، الذي وضعه والده في مستعمرة الجذام ونسيه هناك.
يظهر الفيلم معاناة بطله ورفاقه من نظرة الاحتقار، التي تصل للعدائية ولا سيما تجاه المجذومين، حيث يتم الاستشهاد بحديث نبوي "فر من المجذوم كفرارك من الأسد".

يستند الفيلم إلى قصة حقيقية مع بعض التعديلات، حيث عاش بشاي (راضي جمال) في مستعمرة لمرضى الجذام بأبو زعبل، في محافظة المنيا جنوبي مصر، واختاره المخرج لتجسيد الدور الأساسي في العمل، بعد تدريب امتد لأربعة أشهر.
من خلال العمل، نلحظ ان جمال، أو بشاي، لا يمثل، وإنما يمارس حياته التي عرفها طويلاً، ولذلك يترك المخرج حتى أخطاءه اللفظية.

كبر بشاي في المستعمرة، وهي إحدى مستعمرتين في مصر للمجذومين، وعمل مع أمثاله في البحث في جبال القمامة عما يؤكل أو يباع. ينقل بشاي ما يلتقطه من القمامة على عربة يجرها حماره "حربي"، وهو رفيق مؤنس يتحدث إليه، ويلعب دوراً مهماً في الفيلم، حيث ينقل بشاي ومعه ولد من المستعمرة اسمه "أوباما" إلى أنحاء مصر، حين يقرر بشاي البحث عن عائلته.

تزوج الرجل القصير المجذوم بشاي من فتاة مسيحية مجذومة، وكان له أن يمضي حياته، التي لا تخلو من لحظات سعادة، كما هي، لولا وفاة الزوجة. الحدث الذي قرر بعده بشاي أن يغادر المستعمرة بحثاً عن أهله في رحلة طويلة يرافقه فيها صبي نوبي صغير ينادونه باسم رئيس الولايات المتحدة الأسبق، "أوباما". 

حصد الفيلم نجاحاً كبيراً في صالات العرض السينمائية في مصر، وحقق إيرادات كبيرة بالنسبة لفيلم من أفلام المهرجانات، ولكنه لم ينجح باجتياز ترشيحات أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة، "أوسكار"، للوصول إلى القائمة القصيرة عام 2019 لجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، والتي وصل إليها فيلم اللبنانية "نادين لبكي، "كفر ناحوم".

موقف
التحديثات الحية

وقبلها، شارك "يوم الدين" في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، وحصل فقط على جائزة فرانسوا شاليه للأعمال الإنسانية.

يسخر الفيلم من البيروقراطية التي تحفظ سجلات المجذومين، ولا تهتم بصحتهم، كما يظهر ارتباط ذوي العاهات المختلفة وتضامنهم في مواجهة مجتمع لا يرحمهم، ويتركهم لأقدارهم. ويرى أنهم يلوثون النيل، بينما جواميسهم لا تفعل ذلك.
وبالنهاية، يترك الفيلم مواجهة المتخاصمين: المجذومين وأصحاب الإعاقات مع المجتمع والسلطة، ومن يدعون الدين والبيروقراطيين إلى يوم الدين.

***
تتجسد بعض تصورات "يوم الدين" في معظم مشاهد فيلم "تشيرنوبل 1986"، المتوفر حديثاً على شبكة نتفليكس، حيث يعود البطل ورجل الإطفاء، أليكسي، إلى مهنته بعد كارثة تشيرنوبل، ليكون سبب إنقاذ حياة مئات الآلاف، ومنهم ابنه وخليلته، من تداعيات انفجار مجمع تشيرنوبل وإشعاعاته المدمرة.

يقررالبطل اللاهي، أليكسي، الرحيل بعد أن يعرف أن لديه طفلاً من حبيبته التي هجرها، والتي تعمل في محل حلاقة، ولكنه يعود لإنقاذ طفله المصاب بإشعاعات الانفجار، إذ كان قريباً من مكان الانفجار وصوره بكاميرته الصغيرة. 
يفاوض أليكسي المسؤولين السوفييت لإنقاذ حياة ابنه بإرساله إلى سويسرا مقابل تطوعه بمهمة انتحارية للوصول إلى قلب المفاعل المحترق وفتح عنفات المياه يدوياَ.

يستند الفيلم إلى قصة حقيقية، حول فرقة الإطفاء في المفاعل في تشيرنوبل، والذي انفجر في 26 إبريل/نيسان 1986. ولا يخلو من أسطرة لبعض أبطاله، مع مناقشات مهمة عن الفساد الحكومي والحزبي، الموت والمصير والهدف من كل ذلك... وهل يستحق بناء تشيرنوبل هذه التضحيات؟

وألهمت مأساة انفجار تشيرنوبل في أوكرانيا السوفييتية عام 1986 الكثير من الأعمال الأدبية والسينمائية والتلفزيونية. ففي الأدب، نجد أعمال الكاتبة البيلاروسية سيفتلانا الكسيفتيش، الحاصلة على جائزة نوبل للآداب عام 2015، ومن أعمالها رواية  "صلاة تشيرنوبل". أما على التلفزيون، فيمكن متابعة مسلسل "تشيرنوبل" بحلقاته الخمس.

دلالات
المساهمون