يسود هدوء غريب أمام قصر كوبورغ في فيينا. وبخلاف حضور عدد من السيارات السوداء وكاميرا أو اثنتين، فإن لا شيء يوحي بأن عشرات الدبلوماسيين يعكفون في الداخل على إبرام اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
حذّرت باريس من أنه لم يبقَ أمام إيران سوى "أيام" لإبرام اتفاق بشأن برنامجها النووي وتجنب "أزمة خطرة" لانتشار الأسلحة النووية، قبل أن يؤكد كبير المفاوضين الإيرانيين أن الأطراف المتفاوضة في فيينا اقتربت من التوصل لاتفاق "أكثر من أي وقت مضى".
بعد استراحة طويلة، استؤنفت المفاوضات في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، في القصر ذي الخمس نجوم الذي أقامه الأمير فرديناند دي ساكس كوبورغ عام 1845، في موقع محصّن في المدينة.
"نعيش مرة واحدة فقط"
ترتفع في المدخل الرئيسي للقصر أعمدة مثيرة للإعجاب، ويضم الآن 34 جناحاً ومطعماً مميزاً وستة أقبية نبيذ حيث يتم تخزين 60 ألف زجاجة. كتبت على صفحة الفندق على الإنترنت عبارة "نعيش مرة واحدة فقط"، كاشفة عن قائمة الأسعار التي تصل إلى 3550 يورو في الليلة.
لا يلتقي المضيفون في المكان إلا الدبلوماسيين الذين يتابعون الاجتماعات بصيغ متعددة، ثنائية وثلاثية وعلى مستوى الخبراء وغيرها، حتى وقت متأخر من الليل، وبما في ذلك خلال عطل نهاية الأسبوع.
لم تطأ أقدام الأميركيين القصر أبداً، إذ يتم إطلاع مبعوثهم روب مالي بانتظام في فندق ماريوت الفخم الحديث أو فندق إمبريال الأسطوري الذي يتردد عليه منذ أكثر من قرن النجوم وقادة الدول، وكلاهما قريب من قصر كوبورغ.
الإيرانيون، المقيمون على الجانب الآخر من حديقة "شتاد بارك"، يرفضون في الوقت الحالي الجلوس مع الأميركيين حول الطاولة نفسها، ما يبطئ المهمة إلى حد كبير، وهو قرار يأسف له الغربيون باستمرار.
خيمة و"رهائن"
بالنسبة لفيينا التي تعاني من تداعيات وباء "كوفيد-19" منذ عامين، يعد احتضان المفاوضات نعمة من السماء.
يوضح مدير مكتب السياحة في فيينا نوربرت كيتنر، لوكالة "فرانس برس"، أن "الحمض النووي للمدينة يستفيد" من ماضيها الغني كمدينة إمبراطورية.
ويضيف كيتنر: "في نهاية الحرب العالمية الأولى، وجدت نفسها فجأة مدينة كبيرة جداً في بلد صغير جداً" و"واصلت إشعاعها خارج حدودها".
تستضيف فيينا مقر العديد من المنظمات الدولية، وقد احتضنت قمماً تاريخية عدة شهدت مثلاً المصافحة بين خروتشوف وكينيدي عام 1961، والمصافحة بين بريجنيف وكارتر عام 1979.
في معظم الأوقات، تبقى الخيمة البيضاء الكبيرة التي أقيمت أمام قصر كوبورغ لاستقبال 200 صحافي معتمدين من نحو ثلاثين دولة فارغة أو تكاد في شتاء فيينا البارد.
على بعد خطوات قليلة من الخيمة علقت صور معتقلين أجانب في إيران. يقول ناشطون حقوقيون إنهم أقدموا على ذلك حتى لا يُنسى مصيرهم، وقد جاء لدعمهم، في يناير/كانون الثاني، "رهائن" أميركيون سابقون.
(فرانس برس)