فلسطينيتان نجمتا أمسية "في البدر التمام" الصوفية

12 ابريل 2023
أقيمت الأمسية في مركز خليل السكاكيني الثقافي (بديعة زيدان)
+ الخط -

"أو تذكر... أول صلاة للسماء حينما صعد الدعاء، والتقى فيك القدر على أمر قد قدّر أو تذكر، ونهلت حبات المطر، وكشفت في القاع الدرر فأخذتهم، ونثرتهم نحو السماء، نارت عيون النهر والنخل استضاء، وألّفت بين كل العقائد والنحل". هذه الكلمات للشاعر أحمد سلموني استمعنا إليها بصوت المغنية يسر حامد، في الأمسية الصوفية الغنائية الأدائية "في البدر التمام"، مساء أمس الثلاثاء، في رام الله.

خلال هذه الأمسية التي احتضنتها القاعة العلوية في مركز خليل السكاكيني الثقافي، رافقت راقصة التنورة رند طه المغنية يسر حامد، وعزف الموسيقيون فكتور قواس (غيتار)، ووسيم قسيس (عود)، وبيير طويل (الإيقاع).

وكانت الأمسية مميزة في طريقة تقديم الأغنيات الصوفية على أكثر من صعيد، منها الأداء الذي أخذ شكلاً حداثيّاً على مستوى لباس الفنّانين وراقصة التنورة، وتركيبتهم ما بين الجنسين، والموسيقى المرافقة التي استطاعوا من خلالها المواءمة ما بين تقديم نمط جديد من النغم من دون المسّ بأصالة الأشعار، فنجحوا في نقل الأحاسيس التي تملكتهم إلى جمهور من أجيال وجنسيّات مختلفة.

ومن بين ما قدمت يسر حامد ورند طه ورفاقهما قصيدة "كل القلوب إلى الحبيب تميل" للشاعر الدمشقي أبو عبد الله أحمد بن محمد التغلبي، وهي من أبرز ما قيل في مدح النبي محمد، وقدّمها عبر عقود الكثير من المنشدين والفنّانين، آخرهم النجم الفلسطيني محمد عسّاف، والمطرب المصري الشاب محمد طارق المتخصص في هذا النوع من الغناء، وغيرهم ممّن أنشدوا أو غنّوا "هذا رسول الله هذا المصطفى، هذا لربّ العالمين رسول، هذا الذي ردّ العيون بكفّه، لمّا بدت فوق الخدود تسيل".

وأبدعت حامد صوتاً وطه رقصاً صوفيّاً، والعازفون موسيقى مرافقة، في وصلة الإنشاد التي حملت اسم الأمسية "في البدر التمام"، وهي مزيج من كلمات ابن الفارض وابن عربي والحلاج، من أعلام الصوفيّة البارزين، تراوحت ما بين موشحات وقصائد مغنّاة تواصلت على مدار سبع دقائق أو أكثر قليلاً.

وقدّم الفريق أيضاً أغنيات صوفيّة معاصرة كـ"سقاني الغرام" من مشروع "صوفي إكستريت" (Soufi Extrait) لمجموعة "إيجيبشن بروجكت" (Egyptian Project)، وأقل مُعاصرة كـ"الله يا مولانا" من الغناء الصوفي المغاربي، وقدمها سابقاً فنّانون وفنانات وفرق، وغيرها من المقطوعات على مدار ما يقارب الساعة.

المغنية يسر حامد قالت لـ"العربي الجديد"، إنها وأفراد فرقتها يسعون لتقديم "بديل معاصر حداثي" لما هو معروف ومتداول وكلاسيكي في إطار الغناء الصوفي، من دون المسّ بروح وروحانيّة هذا النمط الغنائي المميّز، لافتة إلى أن تقديم هذا النوع من الغناء بصوت أنثوي فيه كسر للقوالب التي تكرّست عبر عقود وربما قرون، وأشارت إلى أنها ليست الأنثى الأولى التي قدّمت هذا النمط الغنائي بطريقة خاصة.

ووصفت رند طه تجربتها كراقصة تنّورة فلسطينية بالمختلفة، وأوضحت، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنها جاءت إلى عالم الرقص الصوفي قبل قرابة عامين، من عالمي الرقص الكلاسيكي والمُعاصر. وأضافت أن "الأساس في تقديم رقص صوفي صادق هو التواصل الداخلي مع الكلمات واللحن، وتلك السكينة التي تتغلغل في دواخلك، وتعكسها حركياً بشكل دائري يحاكي الطريقة التقليدية لراقصي التنّورة، ولكن بأسلوب خاص بك، وهو ما أفعله".

"الكلمات والموسيقى في هذه الحالة تشكل نوعاً من التقرب إلى الله، وتخلق شعوراً داخلياً من الصعب وصفه، وحالة حسيّة روحانية جعلتني أقدّم ما في داخلي" في أمسية "في البدر التمام"، قالت طه.

المساهمون