يقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي الصحافيين الفلسطينيين، لكن قصصهم وصورهم وتقاريرهم تنتشر في أرجاء الدنيا؛ وبينما يستهدف المحتل الصحافة في غزة للحيلولة دون فضح مجازره، يحتشد الإعلاميون حول العالم، رفضاً لجرائمه وتضامناً مع زملائهم في القطاع. وخلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، تنظم فعاليات كبيرة ومؤثرة في تركيا تضامناً مع الصحافيين هناك، من قبيل وقفات احتجاجية ومسيرات راجلة وندوات ومعارض صور.
ووفقاً لبيانات المكتب الإعلامي الفلسطيني الحكومي، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 132 صحافياً منذ بدء عدوانه على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأصاب العشرات، واستهدف عائلاتهم، وقصف عشرات مقرات وسائل الإعلام.
وفي "يوم الصحافيين الذين يُقتلون أثناء عملهم المهني" الذي تحييه تركيا في العاشر يناير/ كانون الثاني من كل عام، احتشد الصحافيون الأتراك والعرب في ميدان كيزيلاي التاريخي في العاصمة التركية أنقرة، حاملين صور الصحافيين الفلسطينيين الشهداء، ومرددين هتافات "إسرائيل قاتلة الصحافيين" و"إنها إبادة جماعية وليست حرباً" و"لن تستطيعي يا اسرائيل اغتيال الحقيقة"، كما تخلل الوقفة عرض مسرحي يحاكي استهداف الاحتلال للصحافيين.
وقال نائب رئيس مجلس الصحافيين الدوليين يعقوب أصلان حينها: "حينما تستهدف إسرائيل الصحافيين فإنها تستهدف الحقيقة، سنتابع هذه المجازر على الساحة الدولية". وأضاف: "نحن لا نقبل الموقف المنافق للدول الغربية التي تتحدث عن حرية الصحافة وتتجاهل قتل الصحافيين الفلسطينيين".
من جهته، ذكر الصحافي طيار تيزجان أنه "بينما قُتل 69 صحافياً في الحرب العالمية الثانية التي استمرت 2820 يوماً وراح ضحيتها 60 مليون إنسان، قتلت منظمة إسرائيل الإرهابية أكثر من مائة صحافي في أزيد من مائة يوم، وهذا العدد في تزايد مع استمرار العدوان" لافتاً إلى أنّ "إسرائيل لا تقتل الصحافيين لإسكاتهم فحسب، بل تستهدف عائلاتهم أيضاً بوحشية".
أما رئيس نقابة العاملين في مجال الإعلام سيزائي بالي فقال: "لقد أدرك روادنا الذين خاضوا حرب الاستقلال ضد الإمبريالية أن حربهم لن تنجح بالسلاح والجنود فقط، فأنشأوا وكالة الأناضول للأنباء، وبهذا المعنى فإننا نعرف معنى الواجب الذي يقع على عاتق الصحافيين عندما يقومون بواجباتهم وهم يقفون ضد الظلم في فلسطين".
وفي الرابع عشر من فبراير/شباط الحالي، انطلقت مسيرة راجلة من مركز أتاتورك الثقافي في أنقرة وانتهت بوقفة عند ميدان الأناضول، وشارك فيها صحافيون وممثلون ومغنون وناشطون.
وفي السابع عشر من يناير، نظمت ندوة بعنوان "مذبحة الصحافيين في غزة ومشكلة حرية الصحافة"، شارك فيها صحافيون غطوا العدوان في غزة قبل خروجهم إلى تركيا قبل أسابيع. وفي الندوة، قال مدير الأخبار المرئية في وكالة الأناضول فرات يورداكول: "ما حدث في غزة غير مقبول"، لافتاً إلى أنّ "الأناضول" تحاول نقل ما يحدث على الأرض إلى وسائل الإعلام العالمية بأكثر من 20 مراسلًا في غزة منذ 7 أكتوبر". وذكر أن الوكالة أصدرت كتاباً سمته "الدليل"، يضم صور المجازر الإسرائيلية في غزة، مشدداً على أن المصورين الصحافيين الذين التقطوا الصور فعلوا ذلك على حساب حياتهم.
وسجل المصور الصحافي الفلسطيني مصطفى حسونة تجربة عمله في غزة، مشاركاً قصص الصور التي التقطها بكاميرته، وذكر معاناته ومعاناة زملائه جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل وسعي الاحتلال لإسكاتهم.
واستعرضت مراسلة قناة تي آر تي عربي في غزة سمية أبو عيطة تجربتها، وقالت "بعد تشييع جثمان كل صحافي شهيد يسأل الصحافيون بعضهم من الشهيد التالي؟"، موضحة أنّ إسرائيل تعتبر الهواتف في أيدي الصحافيين أو نشطاء التواصل الاجتماعي سلاحاً.
وفي 20 فبراير، دُشن معرض "الشاهد" الذي ضم صوراً التقطها مصورون صحافيون للعدوان الإسرائيلي. افتتح المعرض بمؤتمر صحافي في أنقرة على ان يستمر عرضه تباعاً في الولايات التركية الأخرى. وفي افتتاح المعرض، قال الصحافي علي دالاز: "ستستمر فعالياتنا إلى ان يجري لجم إسرائيل وينتهي العدوان".
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال الصحافي والكاتب الشهير إسماعيل منصور أوزديمير، إنّ الصحافيين في غزة يواجهون الهجمات والتهديدات الإسرائيلية من ناحية، ويكافحون مع انقطاع الاتصالات والكهرباء والإنترنت من ناحية أخرى.
وأضاف أوزديميرالذي عمل في وقت سابق نائباً لمدير الإعلام الحكومي أن "القصف الإسرائيلي العشوائي واستهداف الصحافيين وقتلهم عمداً هو أمر مخالف للقانون الدولي ولجميع الأعراف" لافتاً إلى أن "من يغتال براءة الأطفال بكل عنجهية أمام مرأى العالم، فلن يتردد في قتل الصحافيين".