فريدريك دوغلاس: إسحاق جوليان يستعيد "دروس الساعة"

27 سبتمبر 2024
المناضل الأميركي ضد العبودية فريدريك دوغلاس حوالي عام 1879 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في سيرته الذاتية، يروي فريدريك دوغلاس كيف أدرك أهمية المعرفة كطريق للحرية، مما دفعه لتعلم القراءة والهروب من العبودية ليصبح رمزاً للكفاح من أجل تحرر الأميركيين السود.
- في معرض "دروس الساعة" بمتحف الفن الحديث في نيويورك، يسلط الفنان إسحاق جوليان الضوء على حياة دوغلاس من خلال عشر شاشات تعرض سرداً بصرياً لحياته وأعماله، مع التركيز على اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي.
- يعرض العمل دور النساء في حياة دوغلاس، مثل زوجتيه وعلاقته بالناشطتين آنا وإيلين ريتشاردسون، ويتناول محاضرته الأخيرة "دروس الساعة" التي تربط نضاله بالاحتجاجات الحديثة مثل حركة "حياة السود مهمة".

في سيرته الذاتية، يحكي المناضل الأميركي فريدريك دوغلاس (1818 - 1895)، أنه كان طفلاً في الثانية عشرة حين سمع صاحب المزرعة الذي كان يعمل في خدمته وهو ينهر زوجته لأنها أقدمت على تعليمه القراءة. هذا الحوار الذي دار بين الرجل وزوجته، دفع دوغلاس إلى إدراك قيمة المعرفة وتأكده أنها الطريق الذي سيقوده من العبوديّة إلى الحريّة. منذ ذلك الحين، صمّم الطفل الصغير على تعلّم القراءة والحصول على المعرفة بأي وسيلة حتى لو اضطر إلى سرقة الكتب. وحين صار شاباً، قرّر دوغلاس الهرب من العبودية ليصبح بعد سنوات أحد أهم الشخصيات إلهاماً في مسيرة الكفاح التي خاضها الأميركيون السود من أجل التحرّر.

في عمله المعروض في متحف الفن الحديث في نيويورك MOMA، حتى 28 من سبتمبر/أيلول الحالي تحت عنوان "دروس الساعة"، يسلط الفنان وصانع الأفلام إسحاق جوليان الضوء على حياة فريدريك دوغلاس وينقب في جوانب لم تكن معروفة عن هذا المناضل الذي تحوّل إلى رمز للتحرّر. يتكوّن العمل من عشر شاشات تعرض معاً سرداً بصرياً من حياة دوغلاس وعمله ومقتطفات من خطاباته وأعماله الأدبية ومراسلاته الشخصية. يسلّط العمل الضوء أيضاً على اهتمام المُناضل الأميركي بالتصوير الفوتوغرافي وإيمانه بأهمية الصورة وتأثيرها، رغم حداثة العلم بالتصوير الفوتوغرافي وقتها.

الرجل الأكثر تصويراً

يقول إسحاق جوليان إن فريدريك دوغلاس كان الرجل الأكثر تصويراً في عصره، وقد أدرك أن التصوير الفوتوغرافي يمكن أن يتحدى الأفكار العنصرية ويعزز حرية وحقوق الأميركيين السود والأشخاص المستعبدين في جميع أنحاء العالم. أدرك دوغلاس أن الصورة بمقدورها أن تغير النظرة النمطية للأشخاص ذوي البشرة السوداء، والذين غالباً ما كانوا يُصوَّرن في أوضاع مزرية ومهينة.

ويتضمن العمل عرض مجموعة من صور فريدريك دوغلاس الفوتوغرافية مطبوعةً على ورق فضي، وكتيبات لخطاباته وطبعات أولى من مذكراته ونسخة طبق الأصل من مخطوطة نادرة تعرض أفكاره حول التصوير الفوتوغرافي. تُعرض هذه المتعلقات في قاعة مغطاة بالكامل بورق حائط مصمم خصيصاً من أجل المعرض. يتألف ورق الحائط من صور لمئات الوثائق والأوراق وقصاصات الصحف والإعلانات المطبوعة والرسائل التي كتبها دوغلاس بخط يده، أو التي كُتبت إليه.

في بداية العرض، يظهر دوغلاس (يلعب دوره الممثل راي فيرون)، على شاشتي عرض من زاويتين مختلفتين وهو يمشي داخل أحد المتنزهات، بينما تعرض الشاشات الأخرى صوراً مشوشة لأوراق ملونة معلقة من أغصان الأشجار. تتغير الصورة ببطء ويظهر مشهد آخر لعملية إعدام خارج نطاق القانون لشاب أسود من أحد الأفلام الأميركية المنتجة عام 1920. يصاحب المشهد الأخير تعليق صوتي لبطل الفيلم يردّد إحدى العبارات التي ساقها دوغلاس في مذكراته، فيقول: "كنت أشعر في بعض الأحيان أن تعلُّم القراءة كان نقمة وليس نعمة، فقد أتاح لي رؤية واضحة لوضعي البائس من دون علاج، وفتح عيني على الحفرة الرهيبة التي أُحاصر بداخلها مع عدم وجود وسيلة للنجاة منها".

تُعيد المقاطع المصورة التي تبثها الشاشات العشر تمثيل عدد من محاضرات فريدريك دوغلاس التي ألقاها في مناسبات مختلفة. تُعرض هذه المقاطع جنباً إلى جنب مع مقاطع فيديو حديثة لأعمال الشغب التي وقعت في الولايات المتحدة عام 2015، بعد مقتل الشاب الأسود فريدي غراي في ظروف غامضة بعد عملية توقيف عنيفة.

النساء في حياة فريدريك دوغلاس

يسلّط العمل أيضاً بشيء من التفصيل الضوء على النساء في حياة فريديرك دوغلاس. بين هذه النساء، تبرز زوجته الأولى آنا موراي التي توفيت عام 1882، وهي من أصل أفريقي، وزوجته الثانية المناضلة في مجال حقوق المرأة هيلين بيتس، وهي بيضاء مناهضة للعبودية. كما يُبرز العمل أيضاً علاقته بالناشطتين البريطانيتين والمُناهضتين للعبودية آنا وإيلين ريتشاردسون، اللتين جمعتا الأموال لتحرير دوغلاس عندما هرب من العبودية عام 1846.

المحاضرة الأخيرة

"دروس الساعة" هو عنوان آخر محاضرة ألقاها دوغلاس في واشنطن عام 1894. وقد رحل بعد ذلك بعام. تطرح هذه المحاضرة الأخيرة، كما يقول إسحاق جوليان، تساؤلات عدة حول المواطنة، وهي أول إعلان احتجاج ضد تفوق البيض. اختار الفنان هذا العنوان لأنه شعر، كما يقول، بأن دوغلاس ينبهنا من خلاله إلى عدم الانجرار نحو المسار الخاطئ نفسه. في هذا الفيلم، يتخيل الفنان خطّاً ممتدّاً على مدار 200 عام، من زمن دوغلاس إلى اللحظة الحالية، وتجسده تلك التقاطعات الدالة بين سيرة المناضل الأميركي ومشاهد الاحتجاجات العنيفة التي صاحبت حركة حياة السود مهمة. لهذا، يشير الفنان في تقديمه للعمل إلى أن هناك تفاصيل ونقاشات عدة غير مكتملة بشأن مسألة المواطنة في الغرب.

المساهمون