فرقة The Rubens... عام 2020 معكوساً

14 فبراير 2021
+ الخط -

أخيراً، أصدرت فرقة الروك البديل الأسترالية، The Rubens، ألبوماً جديداً بعنوان "0202"، وهو الألبوم الرابع للفرقة التي بدأت مسيرتها قبل عشرة أعوام. يضم العمل 12 أغنية، تغلب عليها الصبغة العاطفية.

كان من المقرر أن يتم طرح الإصدار، الذي يحمل اسم سنة 2020 معكوساً، في العام الماضي؛ وقد تم طرح العينات الأولى من الألبوم في نهاية 2019؛ التي كان أبرزها أغنية Live In Life، التي وللمفارقة يتم فيها افتراض اقتراب موعد نهاية العالم في سياق أغنية عاطفية، إذ يرد فيها: "سأكون في الخارج، لأبحث عنك في حياة مختلفة، وإذا ما اقتربت أكثر من نهاية العالم، سأكون حينها قد انتهيت".

وقد تسببت الكوارث التي حلت على العالم سنة 2020 في الترويج للأغنية والألبوم الذي يبني تسويقه على لعبة الأرقام. لكن هذا العرض التسويقي لم يكن في محله، فالألبوم قد تم إنتاجه وفقاً للخطة التي رُسمت له قبل أكثر من سنة، ويكاد يكون تأثير جائحة كورونا عليه غير موجود.

تعتمد فرقة The Rubens في صناعة ألبومها الجديد على ذات الأسلوب الذي رافقها منذ بدايتها؛ فهي تستند إلى مبدأ "الإكثار في الإقلال"، السائد في موسيقى الإندي روك، وتؤمن أنه كلما قل عدد الضربات الموسيقية في الأغنية، زادت حدتها وتضاعف أثرها.

لذلك، نلاحظ أن الفرقة لا تستخدم في الجملة الموسيقية الواحدة سوى صوتين متباينين، أو ثلاثة كحد أقصى. وفي معظم الأغاني، تنتج مقطعاً يعتمد على اللحن الرئيسي للأغنية، ولكن يتم عزفه بشكل أبطأ، لتحاول الفرقة من خلاله أن تستعرض أكبر أثر من الممكن أن تصل إليه كل علامة موسيقية. هذه الثيمة التي لازمتها، لا تتخلى عنها The Rubens في الألبوم الجديد، بل على العكس، إنها تزداد حدة، لأن الأغاني الجديدة، هي أبطأ وأقل صخباً من أغانيها السابقة.

حكاية الألبوم يتم التمهيد لها في الأغنية الافتتاحية Masterpiece، من خلال الاستناد إلى نظرية الاحتمالات، وافتراض أن الحياة تتكرر، وأن النسخة التي وصلنا إليها هي النسخة الأربعون؛ لكن هذه المقدمة التي تبنيها الفرقة في المقاطع الأولى، تهدمها بذات الأغنية، مع تحويل الأغنية نحو سياقها العاطفي؛ ليكون المغزى ضعيفاً وسطحياً لا يحسن استثمار النظرية؛ إذ يتم تتويج هذا السياق بجمل عاطفية من قبيل: "أنت كنت دائماً التحفة التي تزين العالم"، وفقاً لافتراض يهدم ويغير كل مكونات الوجود الأخرى في عوالم باقي الحكايات الأربعين، باستثناء الحب والمحبوب.

هذه البداية، وإن بدت مبشرة، إلا أنها تبدو غير قادرة عن التمهيد لمحتوى الألبوم على الشكل الأمثل، إذ إنها تعجز عن رسم سياق يجمع الأغاني ببعضها، كما تعجز عن الوصول بحالة الحب إلى مكانة رفيعة.

فالألبوم الذي تجمعه ثيمة الأغاني العاطفية، يبقى تائهاً من دون عنوان، حتى الوصول إلى الأغنية الرابعة Time Of My Life، التي تتطور فيها المفاهيم عن علاقات الحب والوجود والألم المادي، لتولد افتراضات لا يعرف الخيال حدوداً فيها، وتفيض بالصور الشعرية؛ إذ تتحول فيها حالة الحب إلى النبض الذي يسيطر على عصب الكون، فيتماهى الوجود المادي مع الشعور حتى تتلاشى الحدود بينهما، حتى يصبح العالم الكائن مجرد انعكاس لحالة شعورية. يرد في الأغنية: "كل حركة وكل خطوة ستنتج خطأً. كل غرفة مررت بها، تحولت إلى غيمة داكنة ترافقني في طريقي. وإذا اخترت يوماً أن أتغلب على الألم ستنكسر دورة الحياة. هل ستتغير ألوان الكون لو أنني حبست أنفاسي؟".

ربما لا توجد أغنية توازي Time Of My Life بجمالها وشعريتها ضمن الألبوم، لكن الألعاب التي تمارسها فرقة The Rubens في حكايتها العاطفية، وتتراوح فيها ما بين نقطتين، إحداهما تقع في مركز الكون، والأخرى في ما بعد الهوامش، تكسب الألبوم بالعموم سحراً خاصاً.

المساهمون