"فرانس 24" تعلّق عمل 4 صحافيين عرب بتهمة "معاداة السامية"

13 مارس 2023
علّق عملهم إلى حين انتهاء التحقيق (توماس سامسون/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت إدارة قناة فرانس 24 الفرنسية، إيقاف 4 عاملين في القسم العربي عن العمل، بعد توجيه اتهاماتٍ لهم من قبل منظّمة مؤيّدة لإسرائيل بنشر تعليقات "معادية للسامية"، حتّى الانتهاء من التحقيق. والعاملون الأربعة هم مراسلة القناة في القدس المحتلة ليلى عودة، والصحافيتان اللبنانيتان دينا أبي صعب (متعاونة مع القناة وليست موظفة)، المراسلة في مكتب بيروت جويل مارون، إضافة إلى الصحافي الفلسطيني - الفرنسي شريف بيبي الذي يعمل في موقع Info Migrants التابع للقناة والخاص بشؤون الهجرة واللاجئين.

ونشرت الشبكة، مساء أمس الأحد، بياناً على النسخة العربية من موقعها، قالت فيه: "بعد نشر موقع كاميرا لمقال نقله مركز سيمون فيزنتال، مشكّكاً في مهنية صحافي وثلاثة مراسلين في القسم العربي لقناة فرانس 24 بسبب أقوال نشروها على صفحاتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، أجرت إدارة القناة على الفور تدقيقاً داخلياً على هذه الأقوال المفترضة، وفقاً لما كانت أبلغته داخلياً منذ العاشر من مارس/آذار الجاري. وعلى سبيل الاحتياط ووفقاً لما هو متبّع في إطار هذا النوع من الإجراءات، تم وقف نشاط الصحافيين الأربعة المعنيين بانتظار نتائج التدقيق".

ويأتي ذلك، بعد رسالة مفتوحة وجّهها مركز سيمون فيزنتال إلى إدارة قناة فرانس 24، في 7 مارس/آذار الحالي، للتعبير عن "صدمته من معاداة السامية لدى مراسلي القناة العربية".

ويعرّف هذا المركز عن نفسه بأنّه "يتصدى لمعاداة السامية والكراهية والإرهاب، ويقف إلى جانب إسرائيل، ويدافع عن سلامة اليهود في جميع أنحاء العالم، ويعلم دروس الهولوكوست للأجيال القادمة".

وتلقّف المركز تقريراً منشوراً في 6 مارس في موقع كاميرا، "لتحري الدقة في تغطية أخبار الشرق الأوسط". كما أنه يزوّد الأمم المتحدة بتقارير خاصة بـ"معاداة السامية حول العالم".

ويعمل موقع كاميرا، الذي يتّخذ من مدينة بوسطن مقرّاً له، على تتبّع وترصّد العاملين والصحافيين العرب في المؤسسات الإعلامية الغربية التي تصدر بالعربية، بحثاً عن أيّ إشارة تدلّ على انحيازهم للفلسطينيين، ومن ثمّ التعريض بهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، في طريقةٍ عملٍ تتشابه مع المخبرين الأمنيين، عبر "التنقيب" في حساباتهم للإيقاع بهم. 

ويظهر ذلك بوضوح في حالة مراسلة "فرانس 24" في بيروت، جويل مارون، إذ "نبشت" تغريدات عمرها أكثر من 10 سنوات، للتدليل على معاداتها للسامية. 

كذلك، وجّهت اتهامات لعودة "بتمجيد الإرهاب والتقليل من أهمية الضحايا (الإسرائيليين)"، مدلّلين على ذلك باستخدامها كلمة شهيد لوصف الفلسطينيين الذين يقتلهم جيش الاحتلال، وكذلك استخدامها عبارة "أراضي عام 1948" بدلاً من استخدام كلمة "إسرائيل" عند التطرق إلى دولة الاحتلال. 

وهو الأمر نفسه في حالة دينا أبي صعب، التي هوجمت بسبب استخدام كلمات مثل "شهيد" و"المقاومة" في منشوراتها حول الصراع العربي الإسرائيلي على منصات التواصل الاجتماعي، علماً أنها نقلتها عن بيانات رسمية.

أمّا بالنسبة لشريف بيبي، فاتّهم بمعاداة السامية، بناءً على استعاضته عن استعمال كلمات مثل "إسرائيل" و"إسرائيليين"، بـ"الكيان الصهيوني" و"الصهاينة"، إضافةً إلى تغريدة واحدة قال فيها: "اسمع اسمع اسمع... من بحر دماء الشهداء... من نفس الثوار الأحمر.. سنقتلعك يا إسرائيل من جذورك".

وكما هو معتاد، استرجع مركز "سيمون فيزنتال" في رسالته تاريخ معاداة السامية في الصحافة الفرنسية، منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتّى اليوم، في تمييع تام للفرق بين وضع اليهود كأقلية مضطهدة في أوروبا خلال القرون الماضية والمستعمرين اليهود في دولة الاحتلال التي تأسّست على الإبادة والتطهير العرقي للفلسطينيين، وهو الأمر الذي يستمرّ حتى اليوم عبر سياسات التوسّع الاستيطاني في مخالفةٍ لقرارات الأمم المتحدة، والفصل العنصري والقتل اليومي للفلسطينيين. 

وحمّل المركز شبكة فرانس 24 ومديرتها فانيسا بورغراف مسؤولية التدقيق في حسابات وكتابات العاملين مع المؤسّسة، وحثّتهم على "اتخاذ الإجراءات اللازمة" بحقّ الموظفين الأربعة. 

وتلقى الصحافيون الأربعة، ليل خميس وصباح الجمعة، اتصالات هاتفية ورسائل بريدية من إدارة القناة تبلغهم فيها بتعليق عملهم إلى حين الانتهاء من تحقيق داخلي، ستقوم به المحطة الفرنسية، إلى جانب توكيلها لمكتب خارجي، للتدقيق في تغريدات وتدوينات الصحافيين، على أن يتقرّر بعدها مصير هؤلاء.

ومع انتشار خبر إيقاف عودة عن العمل مؤقتاً يوم أمس، انطلقت حملة تضامن واسعة مع الصحافية من قبل الناشطين والمغردين العرب عبر منصات التواصل الاجتماعي. 

وتتزايد الضغوط على الصحافيين المؤيّدين للفلسطينيين في وسائل الإعلام الغربية خلال السنوات الأخيرة. 

وكان الصحافي اللبناني ربيع بركات قد أعلن، في شهر فبراير/شباط الماضي، إحجام أكاديمية دويتشه فيله الألمانية عن التعاقد معه، بسبب منشوراتٍ، تضمّن أحدها رسما غرافيتيا للمناضلة الفلسطينية ليلى خالد، على اعتبار أنّها "معادية للسامية".

كذلك، كانت "دويتشه فيله" قد أعلنت، العام الماضي، فصل الصحافيين مرام سالم وباسل العريضي ومرهف محمود وفرح مرقه، وإنهاء التعاقد مع داود إبراهيم بتهمة التعبير عن "آراء معادية للسامية"، في تغريدات ومقالات قديمة تنتقد الاحتلال الإسرائيلي.

المساهمون