في 16 يونيو/حزيران 2023، بدأ عرض الجزء الثاني من Tyler Rake لسام هارغرايف على شاشة المنصّة الأميركية "نتفليكس". أُنتج هذا الجزء بعد 3 أعوام فقط على إنجاز الجزء الأول منه، للمخرج نفسه ("نتفليكس" أيضاً)، ومستوحى من Ciudad، "كوميك بووك" (2014) لآندي باركس وجو وأنتوني روسّو (النص) وفرناندو ليون غونزاليس (الرسوم) وإيريك سْكيلّمان: بعد افتراض وفاته في الهند، يُعثر على تايلر رايك (كريس هامسورث) من أصدقائه المرتزقة، الذين يُرافقونه إلى دبي، حيث يُعتنى به. بعد 9 أشهر من الراحة التامة ليتعافى كلّياً من إصاباتٍ عدّة، مفكّراً في الوقت نفسه بالتقاعد، تتّصل زوجته السابقة مِيا (أولغا كوريلنكو) طالبة منه إنقاذ شقيقتها الصغيرة كيتيفان (تيناتن دَلَكِشْفيلي)، زوجة سجين خطر من جورجيا يُدعى دافيت رادياني (تُرْنيكي بْزيافا)، وأطفال الأخير، وجميعهم معتقلون في سجن محصّن. لكن المهمّة تتعرّض لانتكاسة، ومقتل رادياني يحوّل السجن برمّته إلى فخّ للموت والعنف والمواجهات الحادّة.
الإيرانية الفرنسية غولشفته فراهاني (طهران، 10 يوليو/تموز 1983) تؤدّي فيه، كما في الجزء الأول، الشخصية نفسها: نِكْ خانّ، العضوة الرئيسية في فرقة رايك. شخصية مختلفة تماماً عن الغالبية الساحقة من أدوارها السينمائية، لممارستها عنفاً وقتالاً يدوياً، ولإطلاقها الرصاص.
هذا يستدعي حواراتٍ صحافية معها، أبرزها منشور في العدد الأخير (يوليو/تموز ـ أغسطس/آب 2023) من "بروميير" (مجلة سينمائية شهرية فرنسية)، وفيه يسألها غايل غولان، بعد قوله إنّه لا يُمكن تخيّل "أنّك تسدّدين لكمات عدّة، وتتعلّقين بطائرة هيلكوبتر"، عمّا يجري معها: "هذا سؤال جيّد. ما الذي يجري؟ حسناً، لا أعرف شيئاً. أنا أيضاً لم أفهم. عندما تواصل المنتجون معي، للتعاون معهم في الجزء الأول، تساءلت عن سبب تفكيرهم بي. إنّه لغز هذه المهنة". لكنّ "غير المنتظر في الجزء الثاني كامنٌ في مشاهدتك في التشويق والحركة"، فتقول: "هذا صحيح. الأول لم يكن يحتاج كثيراً إلى الحركة والتشويق واستخدام الجسد"، مضيفةً: "الأول عرف نجاحاً كبيراً، والناس أحبّوا شخصيتي فعلاً، فباتت هناك حاجة إلى أنْ تلتزم الشخصية نفسها في هذه التكملة. جسدياً، تُسلّيني محاولة المواجهة. أردتُ معرفة ما إذا كنتُ قادرة على التحرّك والضرب بشدّة وإطلاق الرصاص".
بحسب غولان، هذا يُغيّر جذرياً من صورتها كـ"العروس الصغيرة" لسينما المؤلّف: "لا أحبّ أنْ أوضع في إطار، كما أنّي لم أعد أرغب في أنْ أكون بطلة الـ"بلوكباستر". في سيرتي المهنية، حاولت فعل كلّ شيء: "قراصنة الكاريبي" ("الميت لا يروي حكايات" ليواكِم رونينغ وأسْبن ساندبرغ، 2017 ـ المحرّر) أو "باترسن" لجيم جارموش، 2016 ـ المحرّر). أريد "تصفّح" عوالم مختلفة. أحبّ كثيراً "تايلر رايك": هناك مال كثير، وأناس كثيرون، ويمكننا خلق مشاهد حركة وتشويق ضخمة، وهذا يرغمني كممثلة على امتحان حدودي (اختبار مدى قدرتها على التحمّل ـ المحرّر). هناك تحدّ كبير للجسد والعقل".
تؤكّد غولشفته فراهاني على أنّ هذا العمل شاقٌ للغاية. تروي أنّها تذهب إلى براغ قبل شهرين على موعد بدء التصوير. هناك، ستخضع لتمارين مختلفة لمدّة 8 ـ 9 ساعات يومياً، وعليها تعلّم كلّ شيء: الفنون القتالية، الملاكمة التايلاندية، استخدام البنادق والسكاكين. تقول إنّ هذا كلّه حاصل مع أقوى فرق التدريب وأمهرها، فـ"أفرادها حريصون على أنْ يكون كلّ شيء مُتقناً للغاية". تجربة كهذه، بالنسبة إليها، لا تُصدَّق، لكنها مسلّية جداً: "مرهقةٌ جسدياً، وفرحةٌ للغاية"، إذْ يتوجّب عليها أحياناً أنْ تركض بين 400 و500 متر، 40 ـ 50 مرة متتالية.
تعترف أنّ الأمر غريبٌ، فهناك أمور في الحياة لم تتدرّب عليها، ومع هذا، عندما يُطلب منها تحقيق أحدها، "يبدو كلّ شيء طبيعياً". مثلٌ على ذلك: الأحصنة. تقول: "أول مرة امتطيتُ فيها حصاناً، عدوتُ عليه كما لو أنّي ولدت فارسةً. الأمر نفسه مع البنادق. أحبّ هذا. أنا جيدة مع هذه المسائل. أعرف كيفية التلاعب بها ومراوغتها، وكيفية احتمالها. أعشق إطلاق الرصاص. أعرف أنّه ليس جيداً قول هذا، لكنّ هذه متعة لا تُقهر".
وماذا عن سينما المؤلّف، هل ستبتعد "نهائياً" عنها؟ تقول: "في السينما المستقلّة، إنّه العقل والحضارة والروح. عندما تتعرّض ممثلةٌ لالتهابٍ مثلاً، يتوقّف التصوير. هنا (في "تايلر رايك" ـ المحرّر) كدتُ أفقد عيناً، لكنّهم استمرّوا بالتصوير. في هذا النوع من الأفلام، يجب تحديداً نسيان العقل. إنّه عمل جسدي بشكلٍ صافٍ. الجسد يُدفع إلى الأقصى. يجب أنْ نتحمّل (تضحك). في نهاية بعض الأيام، إنّه الافتتان".
هل هذا يعني أنّها ستظلّ تشارك في أفلام المؤلّف؟ (تضحك) "بالتأكيد. أنهيتُ تصوير "أنْ تقرأ لوليتا في طهران". أنا ممثلة سينما المؤلّف. لا يُمكن لأحد أنْ يسلب منّي هذا".
يُذكر أنّ هذا الفيلم، للمخرج الإسرائيلي إيرن ريكليس، مُقتبسٌ من رواية بالعنوان نفسه (الترجمة الفرنسية لماري ـ إلين دوما صادرة عن منشورات "Plon" عام 2004، والترجمة العربية لريم قيس كبة صادرة عن "منشورات الجمل" عام 2010) للإيرانية آذر نفيسي (1948)؛ وأنّ الممثلة الإيرانية المتألّقة أخيراً في مهرجانات دولية، زار أمير إبراهيمي، تشارك في التمثيل.