صباح اليوم، قدم الصحافي التونسي بسام بونني استقالته من عمله مراسلاً في شمال أفريقيا للخدمة العربية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي عربي)، كاتباً على حسابه الخاص على "إكس": "تقدمت صباح اليوم باستقالتي من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لما يحتمه عليّ الضمير المهني".
تقدمت صباح اليوم باستقالتي من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لما يحتمه عليّ الضمير المهني
— Bassam Bounenni بسام بونني (@bbounenni) October 18, 2023
جاءت هذه الاستقالة في وقت يعيش فيه العاملون في الخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية حالة من الغليان والغضب من إدارة الهيئة في لندن، وذلك بسبب طريقة تغطيتها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبحسب ما ذكرت مصادر من داخل الهيئة لـ"العربي الجديد، تواصل العاملون في مكاتب الخدمة العربية (عمّان، والقاهرة، وبيروت، ولندن) مع الإدارة بهدف تقديم تغطية متوازنة، لكنّ الإدارة تجاهلت حتى الساعة مناشداتهم.
البداية كانت مع استخدام الهيئة على موقعها الإلكتروني ومواقع التواصل فعل "قُتلوا" لوصف القتلى الإسرائيليين الذين سقطوا في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الاول، و"ماتوا" لوصف الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. اعترض عدد من الصحافيين العرب على ازدواجية التعابير، لكن من دون أن تلقى اعتراضاتهم أي آذان صاغية من قبل الإدارة.
ثمّ جاءت قضية توقيف 6 عاملين في الخدمة العربية عن العمل قبل أيام، بعد التحريض عليهم من قبل موقع "كاميرا" المناصر للاحتلال، وفتح تحقيق في منشورات اتّهمت بـ"التعاطف مع حركة حماس" ومع فلسطين، ليزيد الطين بلةً داخل مكاتب الخدمة العربية، خصوصاً أن غالبيتهم الساحقة (حوالى 300 موظف) من العرب، وقد منع عليهم التعبير، الإنساني حتى، على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما يوم الثلاثاء، ومع نشر "بي بي سي" على مواقعها وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي تقريراً، على شكل سؤال من قارئ، حول ما إذا كانت حركة حماس بنت أنفاقاً تحت المستشفيات والمدارس. السؤال أجابت عنه كبيرة مراسلي الهيئة ليز دوسيت.
أثار السؤال والجواب عليه موجة غضب بين الموظفين في الخدمة العربية، فأرسلوا إلى الإدارة مطالبين بحذف السؤال، إلى جانب لقطات من النقاش الدائر على مواقع التواصل، والاتهامات الموجهة إلى الهيئة بتبرير قصف المستشفيات والمدارس. وكما حصل منذ بدء العدوان تجاهلت الإدارة احتجاجات الموظفين. ثم جاءت مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني التي ارتكبها الاحتلال، وقتل أكثر من 500 فلسطيني، ليزداد الغضب على الهيئة، وتتهم من قبل مستخدمين على مواقع التواصل بالتحريض على القصف وقتل المدنيين في المستشفى. لكن مجدداً تجاهلت الهيئة مطالبات موظفيها.
وقد أبلغ عدد من العاملين في الخدمة الإدارة أن التغطية المنحازة لصالح الاحتلال تجعل عملهم صعباً على الأرض، بسبب غضب الشارع العربي من تغطية الهيئة، ليكون رد الإدارة بالتزام العاملين فيها بيوتهم "كي لا يعرّضوا حياتهم للخطر".
وكانت "بي بي سي" قد واجهت انتقادات عنيفة منذ اليوم الأول للعدوان، بسبب تخصيص مساحة واسعة للرواية الإسرائيلية، ونشرها بعض الأخبار المضللة من التأكد منها. وتساءل الموظفون العرب حول مسارعة الإدارة لفتح تحقيق بمنشورات موظفيها العرب، بينما تتجاهل تماماً كل الشكاوى التي تردها بخصوص مقالات وتحليلات تنشر على موقعها وشاشتها، وتبرر المجزرة المرتكبة ضد الفلسطينيين.