يتواصل عرض مسلسل عرابة بيروت (كتابة مازن طه ونور شيشكلي، وإخراج فيليب أسمر)، الذي أنتجته شركة "إيغل فيلمز" بالتعاون مع منصة شاهد السعودية، ليكون واحداً من الأعمال الدرامية المشتركة بين الشركة اللبنانية والمنتج محمد مشيش.
في الشكل تعتبر حكاية عرابة بيروت تقليدية، عرفتها أجيال سابقة واكبت التحول في الحياة الليلية في بيروت، منذ الستينيات إلى اليوم، ومنها حكايات "عفاف" و"ماريكا" وغيرهما اللواتي عملن في بيع الجنس، وأوقعن مجموعة من رجال الأعمال والسياسة في الفخ، ومن لم يتذكرعفاف وماريكا، يتذكر حتماً أم وليد التي ذاع صيتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ــ 1990).
في عرابة بيروت نتابع قصة ماريكا التي تحولت في السيناريو إلى مدام "جولييت" (جوليا قصار)، التي تبدع في أداء دورها، ومقاربة شخصيات يبدو أنها فهمتها جيداً لتؤديها بهذه الفرادة. كذلك يبدو واضحاً أن أداء باقي الممثلين لا يقل عن أداء قصار، بل على العكس تفتح لائحة الممثلين الباب لمجموعة من الأسماء التي برهنت عن موهبة عالية جداً في الأداء. بينما كان أداء الممثلة المصرية نور الغندور هو الأضعف في العمل.
من جهتها، تثبت اللبنانية نادين الراسي مرة جديدة أنها تتقن الأدوار المعقدة، التي تتطلب مجهوداً في الانفعالات، فتظهر في عرابة بيروت بصورة مغايرة عن أعمالها السابقة. كما تظهر اللبنانية جيسي عبدو حرفية عالية في فهم دورها، وكذلك رولا بقسماطي التي تجاري دورها بطريقة سلسة ومقنعة جداً.
كما يلعب مهيار خضّور دوراً بارزاً في المسلسلات القصيرة، وكذلك زميله بديع أبو شقرا، فالبطولة لحكايات النساء و"العرابة" التي تسيطر على الحلقات بشكل أو بآخر، فيدور الجميع في فلك المرأة اللعوب والتهافت من أجل الفوز بها.
حسناً فعل المنتج جمال سنّان باختياره المخرج فيليب أسمر الذي رسم بعداً تقنياً جيداً للقصة وأبطالها، وبرهن أنّ العمل الدرامي يمكن أن ينفذ بكل هذه السرعة وكل هذه الدقة بوجود فريق عمل متخصص.
ينافس الشكل المضمون في المسلسل سواء لناحية الديكور أوالإضاءة أوالأزياء التي تعود إلى حقبة الستينيات.
يمكن فهم القصة بعد الحلقة الثالثة، واعتماد أسمر على عنصر التشويق، وحياة الترف التي تسودها الشكوك، والأمن الداخلي، والسياسة والنفوذ التي امتلأت بمثل هذه الروايات على مر العصور.
من أهم المؤشرات الجيدة في المسلسل في السرد هي الزمان والمكان، وهو ما يشجع المُشاهد ويساعده على تخيل الأحداث بدقة.