عائلة حرفيين تحافظ على تقليد صنع تماثيل دينية في سنغافورة

31 ديسمبر 2023
افتتح المحل قبل أكثر من 100 عام (روسلان رحمان/ فرانس برس)
+ الخط -

تلتقط تان تشوي ليان ريشة، وترسم بدقة تفاصيل تجاعيد وجه مجسّم خشبي يشهد على العقود السبعة التي قضتها في نحت التماثيل الدينية البوذية والطاوية في متجرها، وهو واحد من آخر المتاجر من نوعها في سنغافورة.

في مواجهة المنافسة من المنتجات المصنعة بالجملة، وعدم وجود ورثة لحمل الشعلة، أصبحت الحرف التقليدية على وشك الزوال.

يعد محل تان الذي افتتح قبل أكثر من 100 عام، ويقع في وسط سنغافورة بين المقاهي والمحال العصرية، أحد آخر متاجر المجسمات في سنغافورة التي لا تزال تصنع التماثيل الخشبية يدوياً.

وتصنع الجدة البالغة من العمر 92 عاماً تماثيل خشبية، منذ زواجها المرتب من صانع الدمى نغ تيان سانغ عندما كان عمرها 18 عاماً.

"كنت أجلس بجانبه وأشاهده وهو يقوم بذلك. حين كان يخرج للتسوق، كنت أتولى المهمة، وعندما يعود يخبرني بما يجب عليّ تصحيحه" تقول تان وهي تفرد قطعة من العجين مصنوعة من رماد أعواد البخور بحسب وصفة عائلية سرية.

بعد لف الخليط حتى يصبح خيطاً رفيعاً، تستخدم عودين من الخيزران لتثبيته على تمثال خشبي بنمط معقد لإظهار نحت الخيط، وهي تقنية تقليدية في جنوب شرق الصين.

رغم كونها متقاعدة، تأتي تان يومياً إلى متجر ساي تيان هنغ، لتقدم المساعدة من مكتبها الواقع أمام منزل الكشك التقليدي، حيث تتراكم مئات التماثيل الدينية على الرفوف.

عمل يتطلب الصبر

يدير ابنها نغ يو هوا، البالغ من العمر 71 عاماً، هذا المتجر حيث تصنع وتباع وتصلح تماثيل الطاوية والبوذية للمعابد والمصلين.

على غرار كثير من سكان سنغافورة، فإن أصول هذه العائلة تعود إلى الصين حيث هاجر كثيرون في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بحثاً عن حياة أفضل.

أسس جد نغ المتجر مع شقيقه عام 1896 بعدما غادر كينمين، الجزيرة الملحقة حالياً بتايوان، لكي يستقر في سنغافورة.

يأمل نغ الذي يحاول ابنه تطوير الشركة عبر تنظيم زيارات إلى المشغل وكذلك برامج تعليمية حول الثقافة الصينية، بأن تنتقل هذه الحرفة من جيل إلى آخر.

يقول لوكالة فرانس برس: "إذا كان (ابني) مهتماً فيمكنه الاستمرار، لكن يجب عدم إرغامه على ذلك".

نجله الذي يدعى نغ تسي يونغ هو صحافي سابق يبلغ من العمر 43 عاماً، وقرر أن يصبح متدرباً قبل بضع سنوات لمواصلة هذا التقليد.

يستغرق الأمر حوالى ثلاثة أشهر للحرفيين لصنع هذه التماثيل يدوياً. وقد اكتسبوا أسرار التصنيع وتناقلوها من جيل إلى جيل، خلال سنوات طويلة من التدريب المهني غير الرسمي.

قضت الجدة سبعة عقود في نحت التماثيل (روسلان رحمان/ فرانس برس)

"قبل أن يفوت الأوان"

في المقابل، يجري إنتاج التماثيل التي تعد بشكل صناعي بكميات كبرى وتكلف جزءاً صغيراً من السعر ويمكن أن تسلم سريعاً.

يقول نغ إن "الزبائن الذين يأتون إلينا يؤمنون بجمال الأشياء المصنعة يدوياً"، مقراً بأن المنافسة الصناعية "أدت إلى تراجع النشاط". ويضيف "أحاول أن أتعلم المهنة من والدي وجدتي قبل أن يفوت الأوان".

بالإضافة إلى تعلم تقنيات الزخرفة، عليه التعرف على العشرات من الرموز الدينية للطاوية، ولكل منها تاريخ فريد.

تقول العائلة إنها تفهم الدور المهم الذي تلعبه هذه التماثيل في حياة زبائنها، حين يمرون بأوقات عصيبة. وأضاف نغ: "هي تمنحهم الأمل وتشجعهم على المضي قدماً إلى الأمام، بالتالي نأخذ هذا الأمر على محمل الجد".

يقوم بتسجيل كل خبرات عائلته ويأمل على المدى الطويل في استقبال متدربين آخرين حتى تتمكن ورشة العمل من الاستمرار في العمل بعد جيله.

ويخلص إلى القول "إذا لم أقم بشيء، فالمشغل سيموت".

(فرانس برس)

 

 

المساهمون