ليست مشاكل الصحة العقلية جديدة في عالم الموسيقى، كما توضح تجارب العديد من الفنانين، بينهم المغني الأميركي كيرت كوبين الذي انتحر عام 1994، والموسيقي الأميركي بريان ويلسون (1942) الذي عانى من تدهور صحته العقلية.
أكدت العديد من الدراسات أخيراً أن محترفي الموسيقى يعانون من ضغوط نفسية أعلى بكثير من المعدلات المتوسطة، وفق ما ذكرت "فرانس برس".
ولكن في حين أن الأفكار الرومانسية حول "الفنانين المعذبين" غالباً ما تترك الموسيقيين الضعفاء يشعرون بأنهم محاصرون بمشاكلهم، يأمل جيل جديد منهم بأن يوفر رالنقاش المفتوح والدعم فرصة لإبعاد هذا الشبح. ويُنسب الفضل إلى نجوم مثل ستروماي وأديل وبيلي إيليش، في تجاوز المحرمات حول مناقشة الاضطرابات النفسية.
وكانت الموجة الصادمة من حالات الانتحار، بين عامي 2017 و 2019، بمن في ذلك الـ"دي جي" السويدي أفيتشي، والمغني البريطاني كيث فلينت، ومغني الروك الأميركي كريس كورنيل، والمغني الأميركي تشستر بنينغتون، بمثابة إنذار.
وقال الصحافي البريطاني الذي كتب كتاب "ساوند أدفايس"، ريان جونز، إن "كل هؤلاء ماتوا في غضون ثلاث سنوات". وأضاف "لم يعد بإمكان الصناعة التنصل من المسؤولية عن صحة فنانيها، أو إنكار وجود ضغوط معينة تأتي مع المهن الموسيقية".
أرقام كئيبة
ووجدت شركة INSAART الفرنسية التي تدعم الفنانين والفنيين أن 72 في المائة ظهرت عليهم علامات الاكتئاب مقابل 12 في المائة من عامة السكان، في حين قالت دراسة أسترالية إن الحياة المهنية الموسيقية قضت على متوسط 20 عاماً من العمر.
يمكن أن يكون هذا جزئياً بسبب المزاج الفني، ولكن عوامل مثل انعدام الأمن الوظيفي، والجولات التي لا هوادة فيها، والليالي المتأخرة، والتوافر السهل للمشروبات والمخدرات غالباً ما تكون عوامل حاسمة.
وقالت عالمة النفس ومديرة الفنانين السابقة صوفي بيليت "نظراً لأن الموسيقى تعتبر عملاً شغوفاً، فهناك فكرة أنه يجب عليهم أن يكونوا ممتنين وألا يشكوا أبداً".
وقالت إيرما، المغنية المولودة في الكاميرون والمقيمة في فرنسا، إن الأمور كانت أصعب عندما توقفت جولتها. وقالت لوكالة "فرانس برس"، عام 2019: "الجولة الغنائية حياة غير عادية، شرنقة. العودة إلى الوطن معقدة". وأضافت "عندما تتوقف الجولة، تقول لنفسك: لماذا أنا هنا؟ وسط كل آلاتك، تضيع. هذه الحياة ليست حقيقية".
في غضون ذلك، حتى مع تحسن الوعي، تفجر تهديد جديد على شكل وسائل التواصل الاجتماعي. وقال فرانك تورنر، المغني وكاتب الأغاني البريطاني الذي يعالج مشاكله الخاصة مع الاضطراب العقلي والإدمان: "العمل في الصناعة، خاصة إذا كنت محظوظاً بما يكفي لتكون ناجحاً، يجلب الكثير من الاهتمام والضغط والنقد".
إجراءات متأخرة
أخيراً، تفكر شركات الإنتاج في إعداد نجومها لضغوط الحياة المهنية في دائرة الضوء "لا يمكننا أن نقتل كل فنانينا"، كما قال أحد التنفيذيين لمجلة "رولينغ ستون".
يقدم عدد من المؤسسات الخيرية، مثل Help Musicians وBackline في الولايات المتحدة وبريطانيا، مشورة ودعماً لا يقدران بثمن، بما في ذلك مواقع الاستقبال في المهرجانات. لكن هناك حاجة إلى المزيد، خاصة مع تخفيف قيود كوفيد-19.