صلاح السعدني... نجم رغم كل العقبات

13 مارس 2021
الممثل المصري صلاح السعدني (فرانس برس)
+ الخط -

لا يحتاج صلاح السعدني إلى تعريف، فتاريخه الطويل زاخر بالإبداع والعطاء. لكن ما لا يعرفه كثيرون هو تعرضه لأشد أنواع الظلم والتهميش والإقصاء، وهو ما أثّر حتماً على مسيرته الفنية، وكان السبب في تأخره عن أقرانه مثل عادل إمام وسعيد صالح وغيرهما...

كانت بدايات صلاح السعدني مبشرة جداً، وكان المستقبل الفني فاتحاً له ذراعيه. اكتسب حب الناس والنقاد وصانعي الفن، كان ذلك الحب نادراً ما يحدث لفنان وهو ما يزال في مقتبل العمر.   

ما أزال أذكر أداء صلاح السعدني المُعبّر والصادق في ثلاثية الأديب عبد المنعم الصاوي الرائعة "الساقية"، و"الرحيل"، و"النصيب" (إخراج نور الدمرداش). لعب صلاح في ذاك المسلسل دور شخصية خرساء تدعى أبو المكارم. أذكر أيضاً أن تلك الشخصية كانت من أهم الشخصيات درامياً؛ فهي الشاهد الذي يرى كل شيء، ولا يستطيع فعل أي شيء، سوى الألم والحزن العميق. كانت شخصية صعبة ومركبة ومحمّلة بدلالات كثيرة، وكان صلاح مذهلاً إلى درجة أنه لفت النظر إليه وأصبح القاسم المشترك الأعظم في الثلاثية.

وبدأ الحظ يبتسم لصلاح أكثر وأكثر، إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ فقد أُلقي القبض على أخيه الصحافي الكبير محمود السعدني مع مجموعة أخرى في بداية حكم الرئيس المصري الراحل أنور السادات. كانت التهمة هي التخطيط لمؤامرة لقلب نظام الحكم وعزل السادات وتسلم مقاليد البلاد. وبات صلاح منذ ذاك الحين غير مرغوب فيه. ومن ثم مُنعت كل الأعمال التي اشترك فيها من العرض ومنع صلاح نفسه من ممارسة حقه المهني.

هكذا أصبح بين ليلة وضحاها وحيداً مهزوماً، ليبدأ بعدها نشر الإشاعات ضده بهدف اغتياله معنوياً وبالطبع تباينت وتنوعت تلك الإشاعات حسب المطلوب. عانى صلاح فترة طويلة من شظف العيش، ووضع قسراً في دائرة النسيان.

وبعد سنوات من هدوء العاصفة أعطت السلطة الضوء الأخضر لعودته مرة أخرى إلى الفن. لكن عند عودته كان كل زملائه قد أصبحوا نجوماً كباراً. معضلة أخرى واجهته وقتها، وهي ميوله السياسية الاشتراكية الناصرية التي كانت تتعارض مع المرحلة الساداتية والاقتصاد الحر، لكنه عرف كيف يُعبر كل هذه التحديات والأزمات، وأن يعود بقوة حضوره المؤثر وأدائه الدقيق لمختلف الشخصيات التي أداها خصوصاً في السينما. واستطاع أن يفرض وجوده على المشهد الفني، ويحصد حب الناس والنقاد على حد السواء.

صلاح السعدني فنان مهم، لكنه عانى ما عانى بذنب لم يقترفه. ولم يكن الأول ولن يكون الأخير في سلسلة الفنانين الذين دفعوا ثمن مواقف ذويهم.

حقاً إنهم يقتلون الجياد. أليس كذلك؟

 

دلالات
المساهمون