صلاح السعدني... إخفاقات ونجاحات توجته عمدة للدراما المصرية

19 ابريل 2024
السعدني مكرماً في مهرجان الإسكندرية السينمائي، 12 سبتمبر 2012 (عمرو مراغي / فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- رحل الفنان المصري صلاح السعدني عن عالمنا عن عمر يناهز 81 عامًا بعد معاناة مع أمراض الشيخوخة، حيث بدأت حالته الصحية في التدهور بعد تصوير مسلسل "القاصرات" في 2013، مما أثار قلق جمهوره.
- بدأ مشواره الفني بمسلسل "الضياع" في 1960 ولم يحقق النجاح المتوقع، لكنه عاد للتمثيل بعد لقائه بالمخرج نور الدمرداش وقدم أعمالًا ناجحة مثل "أبنائي الأعزاء شكرا" و"ليالي الحلمية".
- ترك بصمة لا تُنسى في الدراما التلفزيونية والسينما والمسرح، مقدمًا أعمالًا تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية بعمق، وحظي بتقدير واحترام كبيرين في الوسط الفني والثقافة المصرية.

رحل، صباح الجمعة، الفنان المصري صلاح السعدني عن عمر 81 عاماً، بعد صراع مع أمراض الشيخوخة بدأ منذ انتهائه من تصوير آخر مسلسلاته "القاصرات" عام 2013، وبسبب تساؤلات الكثيرين من جمهوره عنه وانطلاق شائعات تفيد بمرضه ووفاته، لم يجد ابنه الممثل أحمد صلاح السعدني، سوى أن ينشر صورة برفقته قبل أعوام ليؤكد أن والده بخير.

واجه الفنان الراحل، إحباطاً كبيراً في أولى خطوات مشواره الفني الذي امتد لأكثر من خمسين عاماً، فبعد انتهائه من دراسته في كلية الزراعة في جامعة القاهرة، تعرف إلى المخرج محمد فاضل، الذي رشحه لدور في مسلسل "الضياع" عام 1960، ولكنّه لم يحقق أيّ نجاح يذكر، ولم يشر أحد إليه ولم يلفت الأنظار كما كان يتوقع، خاصةً وأنه يمثل مع أحد أهم مخرجي الدراما المصرية محمد فاضل. نتيجة خيبة أمله قرر ترك الفن لعدة سنوات، حتى تعرف عن طريق الصدفة إلى المخرج نور الدمرداش الذي قدمه في مسلسل "الضحية" عام 1964، ليحقق نجاحاً كبيراً.

وقدم بعدها عدة أعمال لاقت استقبالاً متفاوتاً، حتى جاء مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" عام 1979 الذي حقق نجاحاً كبيرا للغاية، بمشاركة يحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي وعبد المنعم مدبولي وفردوس عبد الحميد وآثار الحكيم، حيث جسد السعدني شخصية عاطف الابن البار بوالده المختلف عن باقي أشقائه ممن يبحثون عن إرضاء زوجاتهم على حساب أبيهم، فلاقى تعاطفا وحبا من الجمهور، وكان المسلسل من إخراج محمد فاضل ليشهد السعدني معه نجاحاً ينسيه إخفاق بدايته معه في مسلسل "الضياع".

ومع انتهاء فترة السبعينيات بسلسلة تخبطات للسعدني، بين نجاحات وإخفاقات، أتت فترة الثمانينيات ليقدم في مسلسل "ليالي الحلمية"، عن قصة أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبد الحافظ، شخصية العمدة سليمان غانم. توهج السعدني، وحقق نجاحاً وشهرةً وحضوراً وحباً من خلال هذه الشخصية التي قدمها على مدار خمسة أجزاء ليطلق الجمهور عليه لقب "العمدة صلاح السعدني".

بعدها، توالت أعماله على الشاشة الصغيرة وقدم أعمالاً ناجحة مثل مسلسلات "أرابيسك" و"عمارة يعقوبيان" و"عدى النهار" و"الباطنية" و"الإخوة الأعداء" و"رجل في زمن العولمة" و"حلم الجنوبي" وغيرها من المسلسلات. أمّا سينمائياً فقد قدم السعدني، عددا من الأفلام مثل "أغنية على الممر" و"لية يا دنيا" و"اليوم السادس" و"زمن حاتم زهران" و"ملف في الآداب" وغيرها.

كان للسعدني، أيضاً حضور كبير على خشبة المسرح، هو الذي تدرب وعمل لسنوات على خشبة مسرح كلية الزراعة، ومن العروض المسرحية التي قدمها كل من "الدخان" و"ثورة الموتى" و"الناصر صلاح الدين" و"الملك هو الملك" و"بالو بالو" و"زهرة الصبار".

ووصفت الناقدة ماجدة خير الله الراحل بالفنان المثقف، وكتبت عبر "فيسبوك": "رغم أنه اختار في سنواته الأخيرة، أن يعيش في هدوء بعيداً عن الأضواء إلا أنه بقي في ذاكرة عشاقه ومحبيه، صلاح السعدني أحد أهم نجوم الدراما التلفزيونية خلال الثلاثين عاما الأخيرة". أضافت: "عرفته عن قرب عندما لعب بطولة مسلسل سنوات الشقاء والحب، الذي كتبت له السيناريو والحوار والمأخوذ عن قصة تاريخ حياة أحد اللصوص للأديب إحسان عبد القدوس، وهو المسلسل الوحيد الذي أخرجه أشرف فهمي، وشاركت في بطولته نيللي، وليلي فوزي، وفكري أباظة، وخيرية أحمد، ومادلين طبر، وتم إنتاجه 1998". تابعت: "كان السعدني مثالاً للفنان الراقي المثقف، شديد الالتزام والاحترام، وداعاً صلاح السعدني، العمدة سليمان غانم، ورجل في زمن العولمة، وعشرات الأدوار التي تركت أثرا لن يمحى في مسيرة الدراما التليفزيونية".

ونعاه الناقد طارق الشناوي، عبر "فيسبوك" وكتب: "البقاء لله في رحيل العمدة عمدة الدراما صلاح السعدني، كان عملاقاً في ذروة عطائه منذ مطلع الستينيات وعندما اختار الصمت في سنواته الأخيرة ظل عملاقاً صلاح السعدني قامة وقيمة، كانت وستظل. كان بيننا الكثير من اللقاءات والأحاديث حان الآن وقت البوح بها".

من ناحيته قال المخرج المصري محمد فاضل في تصريحات لـ "العربي الجديد" إنه كان مقرباً من صلاح السعدني نتيجة عملهما معاً في أكثر من مسلسل، موضحاً أن الراحل، كان "فناناً مختلفاً في اختياراته، ولا يقبل التواجد في أي عمل لمجرد جني الأموال أو طمعاً بالشهرة، بل على النقيض تماماً كان يختار أدواره بعناية شديدة واضعاً الجمهور نصب عينه"، ووصفه بأنّ "فنان المثقف وقارئ جيد".

ووصفته الفنانة داليا البحيري، التي عملت معه في آخر مشاركاته التلفزيونية "القاصرات"، بأنّه "الفنان الذي لم يكن يكبر"، أضافت لـ"العربي الجديد" إنها "كانت منبهرة بشغفه للتمثيل رغم عمره"، مشيرةً إلى أنه كان "محباً للتفاصيل بشكل كبير وكانت علاقته بكل العاملين في موقع التصوير جميلة وكان مثل الأب مع الجميع، وكان خفيف الظل للغاية وتعلمت منه الكثير فكان لديه القدرة بشكل كبير على أن يخطف الكاميرا من الجميع".

أما المخرج محمد النقلي، الذي أخرج للسعدني مسلسل "الإخوة الأعداء"، فقال لـ "العربي الجديد" إنه يعرف السعدني، منذ الستينيات أثناء تقديمه مسلسل "الضحية" مع خاله المخرج نور الدمرداش، الذي كان يؤكد له أن السعدني سيكون له مستقبل كبير في الفن. لاحقاً، لعب السعدني دور بطولة مسلسل "الباطنية"، وبعده "الإخوة الأعداء" إخراج محمد النقلي، وتوطدت العلاقة بشكل كبير بينهما.

يذكر أن موعد عزاء الفنان الراحل صلاح السعدني، قد حدّد بالتنسيق بين نقيب المهن التمثيلية، أشرف زكي، ونجل الراحل الفنان أحمد صلاح السعدني، مساء يوم الأحد المقبل، في مسجد الشرطة في حي الشيخ زايد.

المساهمون