تنشر منصات إعلامية محسوبة على الحكومة الصينية وحسابات مؤيدة للسلطات الروسية على مواقع التواصل الاجتماعي أفكاراً مؤيدة للكرملين على شبكة الإنترنت في الصين، عبر إساءة ترجمة الأخبار حول الحرب في أوكرانيا أو فبركتها. وفي الوقت نفسه، دشنت مئات الحسابات الوهمية في الهند، لدعم الرئيس الروسي والحرب الحالية.
ويتصدى متطوعون مجهولون على شبكة الإنترنت، وبينهم المنضوون تحت حساب "حركة الترجمة العظمى" Great Translation Movement على موقع تويتر، للبروباغندا الصينية المؤيدة لروسيا، عبر تسليط الضوء على الأخبار التي أسيئت ترجمتها لتحمّل القوات الأوكرانية المسؤولية عن قصف ومجازر ارتكبتها نظيرتها الروسية ضد المدنيين.
في 21 إبريل/نيسان الماضي، كشفت مقالة نشرتها صحيفة ذا غارديان البريطانية عن مقتل مدنيين بسهام معدنية صغيرة تسمى السهام الخارقة، من قذائف أطلقتها المدفعية الروسية، في مدينة بوتشا الأوكرانية. إلا أن منصة ساوث ريفيو، المحسوبة على الحكومة الصينية، أساءت ترجمة المقالة، وزعمت أن القوات الأوكرانية هي من أطلقت السهام. وعلى منصة ويبو الصينية للتواصل الاجتماعي، كتب حساب عسكري يضم 4.7 ملايين متابع: "على الرغم من أن ذا غارديان تنشر عادة تعليقات معادية لروسيا، فإن تقرير الطب الشرعي هذه المرة أثبت العكس"، وفق ما أفادت الصحيفة البريطانية الثلاثاء الماضي.
إساءة الترجمة هذه التي تبدو متعمدة أثارت جدلاً واسعاً حتى على منصات التواصل الاجتماعي الصينية التي تُفرض عليها رقابة واسعة. وسلط الكثير من مستخدمي "ويبو" الذين يتحدثون بالإنكليزية الضوء على الخطأ في الترجمة، وكذلك فعلت خدمات مستقلة للتدقيق في الحقائق.
وفي حالات أخرى، وعلى الرغم من دعوة المسؤولين الصينيين إلى اتخاذ موقف محايد من النزاع في أوكرانيا، فقد تلاعبت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الموالية لروسيا بالأخبار القادمة من الجبهة الأوكرانية. في 8 إبريل مثلاً، انفجر صاروخان باليستيان روسيان فوق محطة السكة الحديد، في كراماتورسك شرق أوكرانيا، مما أسفر عن سقوط ذخائر عنقودية قتلت 59 شخصاً وأصابت المئات. في اليوم نفسه، زعم حساب عسكري شهير على "ويبو" لديه أكثر من 34 مليون متابع أن الهجوم نفذته القوات الأوكرانية. وأفادت "حركة الترجمة العظمى" التي يتابعها نحو 150 ألف شخص عبر "تويتر" بأن القاموس الصيني من الإنكليزية إلى الصينية يترجم كلمة روسيا إلى أوكرانيا.
هذه المجموعة دشنت بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي لأوكرانيا، وهدفها مناقشة كيفية تعاطي المنصات الصينية المرتبطة بالحكومة مع الحرب في أوكرانيا. ووفقاً لـ "ذا غارديان"، يدير هذه المجموعة اللامركزية مئات المتطوعين حول العالم. ويقول هؤلاء إنهم ــ لأسباب أمنية ــ لا يعرفون المواقع الجغرافية لزملائهم.
المنصات الإعلامية الصينية التي اتبعت نهج الكرملين في الحديث عمّا يدور في أوكرانيا بدأت هجوماً على حساب "حركة الترجمة العظمى" فور بروز نشاطه. على سبيل المثال، نشرت الصحيفة القومية غلوبال تايمز، منذ مارس/آذار، عدداً من المقالات تتهم "حركة الترجمة العظمى" بأنها جزء من "القوة المناهضة للصين". حتى أنها قارنت الحساب بالحملة الصليبية المكارثية المناهضة للشيوعية في أميركا خلال الخمسينيات من القرن الماضي. وجاء في واحدة من المقالات المنشورة في 31 مارس أن "مثل هذه الحركة الحقيرة لديها جمهور كبير، معظمه في الغرب. بعضهم يبحث عن التجديد، ويشعر بأنه متفوق ثقافياً. في ضوء الصعود السريع للصين وانحدار الغرب، يحتاج هؤلاء إلى تفوق وهمي ليشعروا بتحسن".
وفي السياق نفسه، يستغل مؤيدون لروسيا صور مشاهير في الهند في الترويج للحرب على أوكرانيا عبر "تويتر" ودعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فنجمة مواقع التواصل الهندي، إي آر يميني، لم تغرد يوماً في حياتها، وتوظف حضورها في منصتي إنستغرام ويوتيوب. ولكن في بداية مارس، غرد حساب يحمل صورتها: "أنا أساند بوتين. صداقة حقيقية". وأرفقت التغريدة بفيديو يظهر رجلين يتعانقان، أحدهما يمثل الهند والآخر روسيا. وقالت النجمة الهندية، لموقع هيئة البث البريطانية "بي بي سي"، الثلاثاء الماضي، إنها لا تساند أياً من الطرفين في الحرب الدائرة حالياً، إلا أنها قلقة على متابعيها.
مثل هذا الحساب الوهمي جزء من بروباغندا تروج لبوتين على "تويتر"، وتحديداً عبر وسمي #IStandWithPutin (أساند بوتين) و#IStandWithRussia (أساند روسيا). البروباغندا ركزت على مواضيع مماثلة تحديداً في دول مثل الهند وباكستان وجنوب أفريقيا ونيجيريا.
وتتبعت شركة CASM Technology التي تدقق في المعلومات المضللة عبر الإنترنت 9907 ملفات شخصية تروج لدعم روسيا في 2 و3 مارس، بلغات مختلفة. ووجدت أن أكثر من ألف من هذه الحسابات لها خصائص تشبه "سبام"، أي الرسائل المزعجة والعشوائية. ووجدت "بي بي سي" أن الصور التي استخدمتها هذه الحسابات أخذت من مشاهير ومؤثرين ومستخدمين عاديين لا فكرة لديهم عن استغلال صورهم في إظهار الدعم لروسيا ضد أوكرانيا. لم يتمكن الموقع البريطاني من تحديد هوية منشئي الحسابات، أو ما إذا كان لديهم أي صلة بالحكومة الروسية.