ورّطت صحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسية نفسها بغلافها لعدد يوم أمس الأربعاء، على خلفية فوز المنتخب الفرنسي على مضيفه الألماني ضمن الجولة الأولى من بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، إذ فُسر بأنه تلميح سياسي استدعى ردوداً شاجبة وصلت إلى أروقة الدبلوماسية، بعدما علّق عليه السفير الألماني في فرنسا هانس ديتر لوكا.
وعلقت الصحيفة في غلافها على فوز فرنسا على ألمانيا، الثلاثاء، وكتبت "كما في 18"، في إشارة إلى فوز فرنسا على ألمانيا في نهائيات كأس العالم عام 2018، لكن عدم كتابتها التاريخ كاملاً والاكتفاء برقم 18 دفع الكثيرين إلى تفسير العنوان بأنه تلميح سياسي إلى الحرب الدموية بين فرنسا وألمانيا عام 1918، في حين اعتبره آخرون إشارة إلى خطاب الجنرال شارل ديغول (1890 ــ 1970)عبر إذاعة "بي بي سي" في لندن، في 18 يونيو/حزيران عام 1940، حين دعا إلى عدم وقف القتال ضد ألمانيا النازية.
La une du journal L'Equipe de ce mercredi 16 juin : https://t.co/YMKXkpeJHt pic.twitter.com/isi2c7WfHH
— L'ÉQUIPE (@lequipe) June 15, 2021
أبعد من ذلك، اعتبر فريق ثالث أن الصحيفة قصدت حرب عام 1870، حين كان إقليم الألزاس واللورين متنازعا عليه بين ألمانيا وفرنسا، وهو إقليم سمي بـ"أراضي الإمبراطورية المفقودة"، ويضم حتى اليوم تنوعاً عرقياً ولغوياً كبيراً بين سكان فرنسيين وألمان وسويسريين.
وبينما لم يصدر أي تعليق من الصحيفة، حاول السفير الألماني في فرنسا تهدئة الجدل بلغة دبلوماسية، إذ نشر الغلاف عبر حسابه على "تويتر" معلقاً بأن "ذكرى أداء ألمانيا في نهائيات كأس العالم 2018 لا تزال ذكرى مؤلمة، لكن لحسن الحظ جعلنا أصدقاؤنا الزرق (لقب المنتخب الفرنسي) نعيش مشاعر رائعة في ذلك العام. تحيا الصداقة الألمانية الفرنسية".
تعليق السفير الألماني دفع عدداً من السياسيين إلى التنديد بغلاف الصحيفة، وفي مقدمتهم سكرتير الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور، إذ غرّد: "هذا الغلاف ناجم عن ذوق سيئ للغاية، وحتى مخز"، معتبراً أنه يجب إعطاء الصحيفة "بطاقة حمراء" على فعلتها.
وعاتب المراقب العام السابق لـ"مرصد العلمانية في فرنسا"، وهو هيئة ملحقة برئاسة الوزراء، نيكولا كادين، الصحيفة بقوله: "على أمل أن يكون القصد كأس العالم 2018، لكن هذا الغلاف لا يمكن إلا أن يسبب الارتباك مع تاريخ نهاية حرب كلفت 19 مليون ضحية، بينما نحن الآن، فرنسيين وألمانا، مواطنون أوروبيون متحدون في التنوع... مؤسف جداً".
أما المؤرخ الفرنسي لتلك الحقبة أندريه لويز فندد بالغلاف، معتبراً أنه يضرب كل الجهود التي قامت للتعافي من تلك الذكريات. ووجّه رسالة إلى محرري الصحيفة على "تويتر" قال فيها: "باعتباري مؤرخاً للحرب العالمية الأولى، ومواطناً، أزعجني غلاف الصحيفة: إنني أتفهم اللعب بالكلمات، لكن، أليس إدارة الصحيفة الظهر لمبادئها بهذا التلميح في كرة القدم هو مجرد استمرار للاشتباكات الجيوسياسية؟".