صحافيو مصر غير مستثنين من الإخفاء القسري

11 نوفمبر 2022
مع السفير الصيني في القاهرة لياو ليتشيانغ (محمود دياب/فيسبوك)
+ الخط -

تعود قضية الاختفاء القسري في مصر إلى السطح مع تأكيد عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، محمود كامل، اختفاء الصحافي في مؤسسة الأهرام محمود دياب، منذ شهرين، ليضاف إلى قائمة طويلة من آلاف المغيبين.

كانت "العربي الجديد" كشفت، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، أن جهازاً أمنياً سيادياً يحتجز الصحافي محمود دياب في سجن عسكري، إثر اعتقاله من مطار القاهرة أثناء إتمام إجراءات سفره إلى العاصمة الصينية بكين، ونقله إلى السجن بعد تحقيقات مطولة معه، وذلك بتهمة "التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد".

وبعد أيام، أكد عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، محمود كامل، أن دياب مختف منذ شهرين. وكتب عبر حسابه الخاص في موقع فيسبوك: "اليوم (6 نوفمبر) يمر شهران بالتمام والكمال منذ اختفاء الزميل محمود سعد كامل دياب، الصحافي في مؤسسة الأهرام وعضو نقابة الصحافيين".

وأضاف: "وفقاً لأسرته، فإنه اختفى بعد وصوله إلى مطار القاهرة، يوم 6 سبتمبر/أيلول الماضي، في طريقه في مهمة عمل إلى دولة الصين على متن الرحلة 953. وهاتفه أغلق عقب وصوله إلى المطار بعشر دقائق. وفي اليوم الثاني لغيابه، تلقت أسرته رسالة منه عبر تطبيق واتساب من رقم هاتفه، أكد فيها أنه وصل إلى دولة الصين وموجود في الحجر الصحي. كما أرسل رسالة في اليوم الثالث تفيد بعدم قدرته على التواصل مع الأسرة نظراً لسوء أوضاع الشبكة. إلا أن أسرته ارتابت في أسلوب رسالته التي جاءت على غير عادته في الاطمئنان على أطفاله الصغار. وبعد 8 أيام من غيابه، تلقت الأسرة اتصالاً من مقر عمله في التلفزيون الصيني للاستفسار عن سبب عدم وصوله إلى الصين، وهو ما دعا الأسرة للاستفسار من شركة مصر للطيران، التي أكدت عدم مغادرته البلاد، وهو ما دعا الأسرة للتقدم ببلاغات وإخطارات حول غيابه للنائب العام ووزير الداخلية".

الاختفاء القسري في مصر واحد من أبشع الجرائم التي يرتكبها النظام السياسي الحالي بحق معارضيه، ولا يستثني ذوي الشهرة والتأثير على الرأي العام، أو المواطنين العاديين. يوجد نحو 15 ألف مختف قسرياً في مصر منذ يوليو/تموز 2013 حتى أغسطس/آب 2022، حسب آخر حصر لمنظمات حقوقية مصرية، في رسالة استهدفت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب27) الذي انطلق في شرم الشيخ الأحد الماضي ويستمر حتى الـ18 من الشهر الحالي.

وفي اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 أغسطس/آب، أكد مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن جريمة الاختفاء القسري في مصر أصبحت "أمراً ممنهجاً وسياسة متبعة من قبل الأجهزة الأمنية، يقع على كافة شرائح المجتمع من المعارضين السياسيين، بصورة تحميها ممارسات تشريعية وقضائية لا تلتزم ولا تحترم الدستور المصري والقوانين الوطنية المعنية، وواقع طاول كافة فئات وشرائح المجتمع المصري، لتبقى جريمة الاختفاء القسري ــ المصنفة كأشد الانتهاكات وفقاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان ــ رحلة معاناة للضحية وذويه والمجتمع بأكمله، تسلطه الدولة القمعية، في انتهاك صريح للمواثيق المحلية والدولية المعنية بهذا الأمر".

كما وثق المركز مقتل 62 مصرياً خارج نطاق القانون من المختفين قسرياً، وادعاء الحكومة بأنهم قتلوا أثناء اشتباكات مع القوات الأمنية، هو ما يزيد من القلق من التعامل مع هذه الجريمة، وذلك في ضوء التوسع في سياسة الإفلات من العقاب المنيعة. ونبّه المركز من "غياب المحاسبة والمساءلة لأي شخص داخل المنظومة الأمنية، والذين قدمت ضدهم البلاغات بتعرض مواطنين للاختفاء القسري، مع تقاعس مريب من سياسات النيابة العامة، الرامية لإغلاق أي شكوى أو بلاغ يقدم إليها في هذا الصدد".

وفي مصر نحو 25 صحافياً معتقلاً حتى عام 2021، حسب تقرير لجنة حماية الصحافيين. وتعد مصر أحد أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحافيين، إذ حلت في المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد منهم، بعد الصين وميانمار. كما تراجعت مصر هذا العام للمرتبة 168 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود. تقيم "مراسلون بلا حدود" الدول، في مؤشرها هذا، على أساس جرد كمي للانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى دراسة نوعية تستند إلى إجابات مئات الخبراء الذين اختارتهم المنظمة، التي تتخذ من باريس مقراً لها، من بين المختصين في مجال حرية الصحافة من صحافيين وأكاديميين وحقوقيين.

المساهمون