يواجه الصحافيون الفلسطينيون جُملة من التحديات أثناء تغطيتهم الميدانية خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، لليوم السابع على التوالي، والتي تُعيق عملهم، وتضع العراقيل أمام إيصال التقارير المكتوبة والمسموعة والمرئية على وجه التحديد لوسائل الإعلام التي يعملون بها.
وإلى جانب الاستهداف المُباشر لحياة الطواقم الصحافية، على الرغم من التزام كافة سُبل ووسائل الحماية والوقاية المُتعارف عليها، خُلِقت خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل أزمات مُتتالية، تهدف بمجملها إلى تغييب الرواية والمظلومية الفلسطينية، وسيطرة الرواية الإسرائيلية الكاذبة على وسائل الإعلام والرأي العام الدولي.
وأدى الاستهداف الواسع للأبراج المدنية والعمارات السكنية إلى دمار كبير في مقار المؤسسات الإعلامية العاملة في قطاع غزة، سواء الوسائل المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، وهو ما أفقد طواقمها القدرة على التغطية الصحافية بالشكل الطبيعي وخلق حالة من عدم الاستقرار ساهمت في شح المعلومات وضعف وصول العديد من المواد الإعلامية بالكثافة التي تتناسب مع ضخامة الأحداث.
ويوضح الصحافي الفلسطيني هاني أبو رزق، الذي يعمل في إحدى الصحف المحلية المكتوبة، أن العمل الميداني في ظل عدم وجود مقرات صحافية نتيجة تدمير المكاتب اللازمة للعمل الصحافي "أمرٌ في غاية الصعوبة، بفعل انعدام كافة معايير ووسائل العمل والأمان والسلامة".
ويشدّد أبو رزق، في حديث مع "العربي الجديد"، على أن نقل الأحداث خلال الأوضاع العامة الراهنة والمتدحرجة صعب للغاية، خاصة في ظل الانقطاع الكامل لشبكات الإنترنت والتيار الكهربائي واستهداف الكوادر الصحافية العامِلة.
وتتزامن الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الصحافيون نتيجة فقدان مقار عملهم، أو عدم قدرتهم على الوصول إليها، مع المُعطيات الميدانية، والتي تنعدم فيها إمدادات الإنترنت والكهرباء، بفعل قصف شركة الاتصالات وقطع خطوط الكهرباء، إلى جانب إغلاق المعابر، ومنع دخول أنواع الوقود كافة.
من ناحيته، يلفت الصحافي أسامة الكحلوت إلى أن الواقع الصعب لانعدام مقار العمل بسبب استهداف البنايات والأبراج، إلى جانب تضرر خدمات الإنترنت والكهرباء، أدى إلى تفاقم صعوبات التغطية الميدانية وأعاق وصولها في الوقت المطلوب.
ويُبين الكحلوت في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الصحافيين موجودون بشكل عام في المناطق المحاذية لوجود المواطنين والأحداث، ما يُبقيهم تحت الحالة العامة التي يخلفها العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، والتي تستهدف الحجر والشجر والخدمات.
ويوضح أن غياب المقار الإعلامية المزودة بخدمات الإنترنت والكهرباء والاتصال، والتي لا تصل إليها الإمدادات بشكل متواصل، يؤخر وصول مُعظم الصور ومقاطع الفيديو لعدة ساعات بعد التقاطها، أو يؤدي لعدم وصولها.
وتُظهر التقارير ومقاطع الفيديو التي يُنتجها الصحافيون الفلسطينيون مدى فظاعة المجازر الجماعية المُرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين بفعل القصف الذي طاول مناطق بأكملها، وساهم بمسح عائلات بأكملها من السجل المدني.
وقد استشهد 8 صحافيين فلسطينيين منذ السبت، فيما يواجه آخرون الاعتداءات في الميدان، وبينهم مراسل قناة تي آر تي محمّد خيري والمصوّر محمّد أبو سنينة.
وقال خيري، لمركز إعلام: "في اللحظة الّتي كان من المفروض أن نكون في بثّ حيّ ومباشر من رأس الناقورة الحدوديّة، وبعد أن نجحنا في المرور من الحواجز كلّها، تعرّضنا لهجوم من قبل جنود، أحدهم أشار بصريح العبارة إلى أنّ عودتنا إلى المنطقة ستعرّضنا للقتل!". ووصف خيري تلك اللحظات بأنها كانت "مخيفة جدّاً". وتواجد في الحدث إلى جانبه أيضاً الصحافي عبد القادر عبد الحليم من "راديو الناس". واضطرّ خيري وعبد الحليم وأبو سنينة إلى مغادرة المكان من دون إتمام عملهم الصحافيّ.
كما هُدّد صحافيو "الجزيرة"، إذ ذكرت مصادر يمينيّة أنّ وزير الاتصالات موشيه كرعي يعمل على فحص إمكانيّة إغلاق وتحديد بثّ القناة في البلاد، كما قالت إيمان جبور، من قناة الغد، إنها تعرّضت لمضايقات وصلت إلى حدّ رفع السلاح بوجه الطاقم في أثناء تغطيتها للأحداث الجارية على حدود غزّة، فيما أوقف جيش الاحتلال المصوّر الصحافيّ أحمد غرابلي لمدّة 3 ساعات ومنعه من التغطية، وفقاً لما رصده مركز إعلام.
ومركز إعلام هو مؤسسة غير ربحية في الناصرة، أسس عام 2000، على يد أكاديميين وصحافيين فلسطينيين، وفقاً لموقعه الإلكتروني.
وفي بيان أصدره المركز اليوم، دان "الاعتداء الذي وقع على الزملاء الصحافيّين خلال تغطية أحداث الحرب الواقعة على الحدود الشماليّة، أمس الخميس"، وهو ما وصفه بـ" "المسّ السافر بحرّيّة العمل الصحافيّ المكفولة في المواثيق والمعاهدات الدوليّة".
وناشد "إعلام" الصحافيّين في الميدان "توخّي الحذر قدر الإمكان، في هذه الأيّام الفاقدة لكلّ بوصلة قانونيّة، مع العمل على نشر الحقائق بدقّة".