صحافيو العراق يتصدون لمشروع قانون حق الحصول على المعلومة

13 سبتمبر 2024
تظاهرة في بغداد احتجاجاً على اغتيال صحافيين وحقوقيين، 25 مايو 2021 (طه حسين علي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **انتقادات واسعة لمسودة قانون حق الحصول على المعلومة في العراق**: يواجه مشروع القانون انتقادات من الصحافيين والمنظمات الحقوقية لتقييده حرية الصحافة ومنع الوصول إلى المعلومات الضرورية، مما يعوق عمل الصحافيين بحرية.

- **توصيات المنظمات الحقوقية لتعديل القانون**: قدمت منظمات حقوقية توصيات لتعديل مسودة القانون لتتوافق مع المعايير الدولية والدستور العراقي، تشمل تعديل مواد محددة لضمان حرية الوصول إلى المعلومات وتقليل ممارسات السرية.

- **تأثير القانون على حرية الصحافة والديمقراطية**: يعبر الصحافيون والناشطون عن مخاوفهم من أن القانون سيعوق الديمقراطية وحرية الصحافة، ويعزز الفساد عبر ثغرات قانونية تمنح المسؤولين سلطات تقديرية لتصنيف الوثائق كسرية.

انتقادات عدة توجه لمسودة قانون حق الحصول على المعلومة المطروح في البرلمان العراقي، والذي أخذ طريقه إلى التشريع لكنه توقف جرّاء الاعتراضات عليه، إذ يوصف بـ"الملغوم" لاحتوائه على نصوص وفقرات تقيّد قدرة الصحافيين على الحصول على المعلومات التي يحتاجونها من دوائر الدولة.

منذ أكثر من عشر سنوات، يطالب الصحافيون العراقيون بقانون يضمن لهم العمل بحرية من دون التعرض للمساءلة القانونية أو التهديدات التي تصل إليهم من مسؤولين وجماعات مسلحة وأحزاب، وينص على إمكانية الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية أو شبه الرسمية، إضافة إلى ضمان حرية التحرك والدخول إلى مؤسسات الدولة، سواء التي تُثار حولها شبهات الفساد أو تلك التي تحتوي على سجلات وملفات تخدم المواد الصحافية. لكن جهود الصحافيين لم تنجح، بل إن كتلاً برلمانية في مجلس النواب العراقي سعت إلى الاحتيال على مسودة القانون لأجل منع وصول المعلومات إلى الصحافة، فيما تستمر اتحادات وتجمعات وتحالفات المنظمات المعنية بحرية العمل الصحافي بتنظيم الحملات الإعلامية والمسيرات من أجل إجبار السلطات على سنّ القانون بعيداً عن تلاعب الأحزاب به.

وفي يونيو/حزيران العام الماضي، وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة. وقال السوداني، في الاحتفال الرسمي الذي أقامته نقابة الصحافيين العراقيين بمناسبة العيد الـ154 للصحافة في البلاد، إنه "وجّه بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتقديم الملاحظات بشأنه، من أجل إرساله إلى مجلس النواب". لكن هذا الإعلان لم يطمئن الصحافيين، بل تخوف بعضهم من احتمال إقرار قانون لا يناسب تطلعات العاملين في قطاع الإعلام والصحافة، خصوصاً مع وجود أحزاب داخل البرلمان العراقي لا تسمح بحرية الصحافة خشية من فضح عمليات فساد كبرى جرت في البلاد خلال العقدين الماضيين.

أخيراً، أعلنت مجموعة من المنظمات غير الحكومية والحقوقية الوطنية والدولية الناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد جملة من التوصيات بخصوص قانون "حق الحصول على المعلومة". وذكرت، في بيان مشترك، أنها "ترى الصيغة الحالية للقانون تحتاج إلى تعديلات جوهرية لضمان توافقها مع المعايير الدولية والدستور العراقي، وكذلك لتلبية تطلعات الشعب العراقي في الحصول على المعلومات بشكل حر وشفاف". وأضافت أن بعض المواد المقترحة "قد تفضي إلى تعزيز ممارسات السرية وتقويض الشفافية، ما يزيد من خطر الفساد ويضعف من دور المؤسسات في تعزيز سيادة القانون". كما حددت النصوص التي تحتاج إلى تعديل قبل تشريع القانون، ومنها "المادة 1، ثانياً"، وأشارت إلى أنه "يجب أن ينص القانون على أن الالتزامات بموجب قانون حق الحصول على المعلومة تنطبق على جميع الهيئات العامة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) على المستويين الوطني والمحلي، بما في ذلك هيئات الدفاع والأمن، وكذلك الهيئات الخاصة التي تتلقى تمويلات عامة". وفي اعتراضها على المادة الثالثة من القانون، شددت على أنه "يجب إعطاء دائرة المعلومات الصلاحيات الكاملة لتكون الجهة الرقابية المسؤولة عن حسن إنفاذ القانون، مع تمتعها بضمانات الاستقلالية وتوفير الموارد البشرية والمالية التي تمكنها من القيام بدورها بفعالية". وعن المادة الرابعة، فقد أوصت بتعديلها من أجل "تكريس الحق لكل شخص طبيعي أو معنوي، سواء كان عراقياً أو أجنبياً، لضمان شمولية وفعالية القانون". وأوصت بمراجعة المادة 11 بالكامل "بحيث تُستثنى فقط المعلومات التي يمثل الكشف عنها ضرراً بمصلحة مشروعة، ويجب أن يكون الضرر المحتمل من الكشف عن المعلومة أكبر من الضرر الناجم عن التعتيم عليها، بالإضافة إلى ضمان الطعن على قرارات رفض الحصول على المعلومة ضمن المادة 14، ويجب ضمان الحق في الطعن على قرارات رفض الحصول على المعلومة على ثلاث درجات (داخلياً ضمن كل هيكل، وأمام هيئة أو دائرة مستقلة، وأمام هيئة قضائية لضمان الحماية الكاملة لحق الوصول إلى المعلومات)".

في السياق، قال عضو نقابة الصحافيين العراقيين مؤيد علي إن "الأحزاب تدخلت سلباً في نسخة قانون حق الحصول على المعلومة، من أجل تقويض حرية الصحافة ومنع الوصول إلى معلومات مهمة قد تفضح جهات سياسية بالتورط في عمليات فساد، لذلك فإن أغلبية الصحافيين يرفضون تشريع القانون بشكله الحالي في البرلمان". وأكد علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تشريع قانون ينسجم مع الدستور العراقي سيؤدي إلى تراجع المعلومات المغلوطة، لأن المعلومات تكون في متناول الصحافي ويقطع الطريق على من يريد تضليل الرأي العام".

من جهته، قال وسام جعفر، وهو رئيس منظمة تواصل وأحد الناشطين العاملين في حملة تعديل قانون حق الحصول على المعلومة العراقي، إن "مشروع القانون الحالي الذي اقترحته الحكومة ويسعى البرلمان إلى تمريره سيمثل عثرة وانتكاسة كبيرة في مسار الديمقراطية، وحالياً تسعى كتلة الإطار التنسيقي في مجلس النواب إلى تمرير رزمة قوانين، منها قانون حق الحصول على المعلومة، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وقانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي". وأضاف جعفر متحدثاً لـ"العربي الجديد" أن "قانون حق الحصول على المعلومة يتضمن ثغرات قانونية خطيرة من شأنها تكريس الفساد المستشري في الدولة، وبعض مواده تتضمن تقييداً لممارسة هذا الحق تمس جوهره، كما أنه يمنح أي مسؤول في دائرة حكومية سلطات تقديرية لتصنيف الوثائق سريةً وخاضعةً للحجب من دون معايير، مثل عقود المناقصات والمزايدات الحكومية".

وتكمن أهمية قانون حق الحصول على المعلومة في دعم مفاهيم الشفافية، وتقليل الفساد عبر كشفه، وتشديد الرقابة الشعبية على المؤسسات الحكومية، من خلال بيانات وأرقام ومعلومات حقيقية تزيد من ثقة الجمهور بالصحافة، لا سيما أن الأحزاب المتنفذة والماسكة بالسلطة بعد عام 2003 عملت على شيطنة هذه المهنة، واتبعت أساليب أدت إلى تطويقها بأسوار من الخوف والتهديد، في حين قتل وغيّب العشرات من ممارسيها خلال تغطيتهم ملفات معينة، وتحديداً المتعلقة بالفساد واحتجاجات الحراك المدني، وأقيمت ضد عشرات آخرين دعاوى قضائية.

يذكر أن العراق تراجع من المرتبة الـ167 إلى المرتبة الـ169 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الذي تعده منظمة مراسلون بلا حدود ويشمل 180 دولة. وقد حذرت "مراسلون بلا حدود"، ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، من أنه "بين الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والتظاهرات، يواجه الصحافيون تهديدات من كل حدب وصوب، في ظل ضعف الدولة ومؤسساتها التي تتقاعس عن دورها في حمايتهم". ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أنه "إذا كان الدستور يكفل حرية الصحافة نظرياً، فإن القوانين المعمول بها تتعارض مع بعض مواده، إذ غالباً ما تلجأ الشخصيات العامة إلى المحاكم لمتابعة الصحافيين الذين يحققون في أنشطتهم، وعادة ما تكون الملاحقة بتهمة التشهير. كما أنّ مشروع القانون المتعلق بالجرائم الإلكترونية، الذي يعود إلى الواجهة بانتظام، جاء ليزيد من متاعب أهل المهنة، حيث ينص على عقوبات بالسجن (تصل إلى المؤبد) بسبب منشورات إلكترونية تمس استقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا".

المساهمون