اختار الفنّان الفلسطيني شادي زقطان الذي انطلق من مدينة رام الله، ويقيم حاليّاً في ألمانيا، اسم "ذيب" عنواناً لحفله في مهرجان وين ع رام الله، بنسخته الرابعة عشرة، مساء الأحد، في ظل حضور كبير في ساحة راشد الحدادين المقابلة لمبنى بلدية رام الله المنظمة للمهرجان.
و"ذيب" عنوان الأغنية التي بدأ بها زقطان حفله، وهي أغنية ذات طابع سياسي اجتماعي، وتتناول حسب ما قال لـ"العربي الجديد"، موضوعات عدّة من بينها الحريّة والاحتلال والحرب الأهلية، كما أن "ذيب" هي تعبير عن الفلسطيني.
وعبّر زقطان عن سعادته بتقديم عرض في المهرجان الأبرز بالمدينة التي منها انطلق، رام الله، فعرض "ذيب" كان يمكن عنونته أيضاً بـ"أنا والمدينة"، فالأغنيات هي تلك التي أعطتني إيّاها رام الله، وها أنا أعدتها إليها مغنّاة.
وغنّى زقطان في الحفل الوجع الفلسطيني بأنماط مغايرة، وبجرأة غير مسبوقة، بما يتناسب مع عنوان المهرجان "75 عاماً على مسار العودة"، فصدح: "أنا ذيبي قلّي عن حلم، نركض تحت ضوء النجم، ناري ع نابه ترتسم لكن قبل هيهات، قَلّي في أرضك مَن غزا، وقلب الزغاريد لعزا، خلّف سلالم في الهواء، وسرق بواب الدور".
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، قال زقطان: "خمسة وسبعون عاماً على النكبة، والحال على ما هو بل يزداد سوءاً، حيث الحاجز العسكري والجدار والأسرى السياسيون في السجون الإسرائيلية، ممّا اضطرني لإعادة صياغة الأغنيات التي قدمتها منذ ما يقارب خمسة عشر عاماً، وأغيّر بعض التواريخ في كلماتها".
وكانت الأغنية الثانية في الحفل بعنوان "وطن"، وكتبها ولحنها زقطان خلال اجتياح رام الله ومدن الضفة الغربية، مطلع الألفية الثالثة، وتحديداً عام 2002.
وفي تقديمه للأغنية الثالثة في أمسيته الغنائية، أكّد زقطان أنّ "الحكايات لا تنتهي على الدوام بانتصار البطل، وهو ما حدث لشعوب لا تزال تناضل من أجل وطن مستقل كما الأرمن والأكراد والشيشان"، مهدياً هذه الشعوب أغنيته دولة".
وقبل أن يقدّم أغنيته "تفتيش"، تحدث عن الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ومزاجيّة جنود الاحتلال في السماح أو منع مرور المواطنين الفلسطينيين، قائلاً: "حين كان يوقفني ولد من هؤلاء الجنود على حاجز عسكري، كنت أبحث عمّا في جيوبي وعمّا في قلبي وقتذاك، فكان يخرج هذا الخليط الذي يحيلني بأنه ليس لي ذنب ليفرض عليّ التفتيش المذلّ على الحواجز، باستثناء أنني فلسطيني، وهو يطارد وجودي على أرضي، وكأنني أقوم بتهريب نفسي، فهو لا يريدني، وأنا الممنوع وليس ما في جيوبي".
ولفت زقطان إلى "التشابه بين نضالات الفلسطينيين، ونضالات من وصفهم بأخوتنا في الحضارة السوداء بالولايات المتحدة الأميركية، هؤلاء الذين بنوا حضارة كاملة للرجل الأبيض، وقدّموا أجمل فن، ليغني من وحي غنائهم للذات الإلهية في الكنيسة السوداء، أغنيته "تأخر البحر"، متبعاً نمط البلوز".
وأثارت أغنيتته "نشرة أخبار" تفاعلاً كبيراً من جمهور "وين ع رام الله"، وهي الأغنية التي يقدّم فيها الفلسطيني نشرة أخبار محلية، مغايرة للطريقة التي عادة يخرج فيها على شاشات الفضائيات، ومن قبلها التلفزيونات، فيتحدث عن الأوضاع الداخلية عن الانقسام الفلسطيني الداخلي، والفساد، ومساحة الحريّات المحدودة، وغيرها.
ولم يغب الأسرى الفلسطينيون عن حفل "ذيب" من خلال أغنيته "11 ألف مقعد فاضي"، وهي أغنية كما غيرها من أغنياته لا تعتمد التثوير والخطابيّة والشعاراتية. كذلك، قدّم أغنية للأمل بعنوان "خيول"، وصفها بأنها "عكس واقعنا"، ليعود ويغنّي للبحر، الذي وصفه برمز للاستقلال، والحريّة، والانطلاق، وتندرج في إطار "الأمل" بالوصول ذات يوم للوصول إلى الموانئ "التي كانت لنا"، وحملت عنوان "في بلد".
وختم زقطان حفله بأغنية "بشوفِك في البلد"، التي يمكن وصفها بأنها أغنية تمزج ما بين عشق المحبوبة وعشق المدينة، وعشق الوطن والعودة.
وسبق لشادي زقطان أن أصدر أربعة ألبومات موسيقيّة، منذ أن تفرّغ للعمل كموسيقي ومغنٍ محترف عام 2010، كاشفاً في نهاية حديثه مع "العربي الجديد" أنّ "في جعبته العديد من الأغنيات، التي يتطلب إطلاقها، مساحة أكبر من الحريّات والديمقراطية في فلسطين".