سيرته المهنيّة مرتكزةٌ على تأريخ السينما، محطاتٍ وشخصيات ومدارس وتفاصيل. الفرنسي أنطوان دو باك (1962) موصوفٌ بأنّه "مؤرّخ وناقد سينمائي ومسرحي وناشر". اختصاصه الأساسي منصبٌّ على التاريخ الثقافي للقرن الـ18. أستاذ جامعي في الدراسات السينمائية، في قسم "فنون العرض"، في "جامعة باريس غرب نانتر لا ديفانس". منذ عام 2018، يُدرِّس في "المدرسة العليا العادية". فيها، يؤسِّس مجلة "تطوّرات سينمائية" (ترجمة حرفية لـ Avancees Cinematographiques).
ببلوغه 22 عاماً، تُنشر له أول مقالة في مجلة "دفاتر السينما"، بمناسبة وفاة فرنسوا تروفو (1932 ـ 1984)، ستكون بداية مسار صحافي ونقدي، إذْ يكتب مقالاتٍ كثيرة، في السينما الفرنسية تحديداً، متناولاً بشكل أساسي تروفو وجان ـ لوك غودار (1930)، وتاريخ "دفاتر السينما" (1951)، التي يُصبح رئيس تحريرها بين عامي 1996 و1998، والتي ستكون محور كتابٍ له بعنوان "دفاتر السينما: تاريخ مجلة" (1991)، قبل أنْ يُصدر "الأنطولوجيا الصغيرة لدفاتر السينما" (2001)، مع غبريال لوكَنْتونيو، في 9 أجزاء، تضمّ بعض المنشور في المجلة، المتعلّق بأحوال السينما في العالم، كتابات ولقاءات وتحقيقات.
له مؤلّفات عن "الموجة الجديدة" في السينما الفرنسية ("بورتريه لشبيبة"، 1998)، وعن بعض أبرز صانعيها: "فرنسوا تروفو" (مع سيرج توبيانا، 1996)، و"قاموس تروفو" (مع آرنو غيغي، 2004)، و"قاموس بيالا" (عن موريس بيالا، المعاصر للموجة الجديدة، 2008)، و"غودار: سيرة حياة" (2010)، و"إريك رومر: سيرة حياة" (مع نويل إرْب، 2014).
جديده، "شابرول: سيرة حياة" (منشورات "ستوك"، باريس، 2022، 624 ص.)، يستعيد 57 فيلماً لكلود شابرول (1930 ـ 2010)، منجزة بين عامي 1958 (سيرج الجميل) و2009 (بِلاَمي)، محلّلاً كلّ واحدٍ منها على حدة، ومفكّكاً تفاصيل وهوامش مرتبطة بنواة درامية وجمالية وفنية. لكنّه يُنقِّب أولاً في جذوره العائلية في بيئة كاثوليكية، مستعيداً شبابه كطالبٍ مُحبّ للفنون في باريس، "حيث يحتكّ بجان ـ ماري لوبن، الذي يتعاطف معه"، كما في مقالةٍ لأوليفييه دو برون (Les Echos، الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2021)، يُضيف فيها أنّ دو باك "يفحص، بعدسة مكبِّرة، نتاجاً هائلاً، يتميّز بمعالم أثرية عدّة".
"نصف قرن من الإبداع، مروراً بتقلّباتِ سينمائيٍّ شعبي، يحتاج إلى التصوير كحاجة الناس إلى التنفّس. سينمائيٌّ استفزازي، يخترق ـ بمشروعه البلزاكيّ (نسبةً إلى بلزاك) ـ مظاهر البورجوازية، بفرحٍ"، كما في مقالةٍ لجاك مُندلبوم، منشورة في الصحيفة اليومية الفرنسية "لو موند" (14 نوفمبر/تشرين الثاني 2021). يُضيف الناقد الفرنسي أنّ دو باك يستعيد الحركة الداخلية لهذا النتاج، "بين مُنتجَين اثنين كبيرين، أندره جِنوفَسْ ومارَن كرْميتز"، كما "بين فترات ازدهار وعبور في صحراء" (إشارةٍ إلى لحظات فشلٍ وتراجع)، وبين "ممثلتين ملهمتين"، سْتِفان أودرُن وإيزابيل أوبّير: "الأولى منبوذة من المثالية البورجوازية، والثانية مناضلة من أجل النسوية".
كتابٌ جديد عن سينمائيّ أصيل، بقلم ناقدٍ مهمومٍ بتأريخ السينما وبعض ناسها المؤثّرين فيها.