لا يمكننا القول إن مسلسل "مع وقف التنفيذ"، للمخرج السوري سيف الدين سبيعي، ومؤلفيه علي وجيه ويامن حجلي، قد قدم رؤية مختلفة عن العمل السابق، "على صفيح ساخن"، الذي جمع ثلاثتهم للمرة الأولى في الموسم الرمضاني 2021.
الاشتغال والحوارات والحبكة، في "مع وقف التنفيذ"، لم تحمل رؤية جديدة. قالب درامي مُستنسخ عن الصيغة التي اتُّبعت في النص السابق. يلعب سبيعي على محاور الحكاية، وفَرْد خيوطها، لتتشابك وتلتقي في نقطة واحدة، مع تصاعد وتيرة الحلقات مرة أخرى.
تقطيع المشاهد والارتكاز على مشاهد الفلاش باك، لاستعراض حياة الشخصيات وسلوكياتها، منذ السنوات الأولى لاندلاع الحرب السورية، حتى يومنا هذا، واحدة من المناورات التي تكرّرت أيضًا في العمل. هناك اعتماد على خلط زمن درامي وواقعي ونفسي، لفتح روابط نفسية ترفع من وتيرة المشاهدة، وتعطي مرونة للقصص في الانتشار. ولكنها، رغم محاولة تعبئتها بشكل سردي متناسق، إلا أن توظيفًا كهذا ساهم في ضياع بعض خيوط القصة، وعدم تصديق عدد من شخصياتها. القص والتشذيب، مقابل التعريف عن ماضي الشخصيات بين زمنين، لم يخدم كثيرًا فكرة سبيعي والإنتاج في استهلاك أقل قدر ممكن من عمليات التصوير وإضفاء لمسة الاختزال بالحنكة والمهارة. هذا يشمل مشاهد الحلقة الأخيرة، التي اختَزلت المواضيع المتفرعة والأساسية للحكاية، بشكل مقتضب وسريع، ما ساهم في رفع حدة تشويه الإطار العام للقصص، رغم متانة الصراعات المتشابكة في النص.
تميزت بيئة الصراع (حارة العطارين)، حيث دارت غالبية أحداث "مع وقف التنفيذ"، بشخصياتها التي حافظت على التناغم السردي لإيقاع القصص ومجرياتها. الرابط الموضوعي لهذه القصص، مسوغات تريد تشريح طبقات المجتمع السوري بتفاصيله السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفق رؤية منهجية مكررة في الخطاب الدرامي السوري. وهذه الحارة، ما هي إلا نسخة مصغرة تمثل تلك الشرائح، وعلاقاتها بين بعضها بعضاً، وبين السلطة ومفاتيح الوصول إليها، أو التحايل عليها، أو الامتثال لها.
عمليات المونتاج والموسيقى التصويرية أدت دورها بشكل جيد، علاوة على بروز بعض الشخصيات التي كان لها دور كبير في الحفاظ على إيقاع العمل، كشخصية هاشم (فادي صبيح) والدور الكبير الذي قدمته شخصية فوزان (عباس النوري) وابنته أوصاف (حلا رجب). بينما قدم الحجلي شخصية محورية، لا تختلف عن تلك التي كتبها في نصه السابق.
شخصية مظلومة تحاول كسر الواقع المفروض عليها، من خلال ارتداء ثوب المحقق الخاص، لكشف الحقائق من جهة، ثم تأدية دور روبن هود، الذي يريد الانتقام وإحلال الحق من جهة أخرى.
هناك شخصيات متباينة من حيث مركزها ومكانتها، ساهمت في تعزيز حدة الصراعات، ولا سيما شخصية جنان العالم (سلاف فواخرجي) التي تمثل السلطة الفاسدة، من خلال استغلال مركزها في المجلس البرلماني، وطموحها إلى إحكام قبضتها على عقارات الحي. وشخصية أبو العون (بشار إسماعيل)؛ أمير حرب يريد التحكم هو الآخر بمستقبل الحارة، عبر تنفيذ استثمارات عقارية، لتحويلها إلى مراكز عمليات خاصة تحت غطاء الدين.
لا يخلو العمل من بعض المواضيع الجادة، التي سُلّط الضوء عليها، مثل يوميات الكتاب، واليساريين، والضباط الفاسدين والصالحين، وتجارة الدولار والمازوت، والقيود النقدية والرقابة الأدبية والصحافية، وغيرها من مواضيع تتغلغل في عمق الشارع السوري.