"سليم" فيلم كرتون أردني لمعالجة أطفال الحروب نفسياً

04 فبراير 2024
حاول الفيلم التركيز على ما يدور في أفكار الأطفال ضحايا الحروب ممن هم في عمر سليم (يوتيوب)
+ الخط -

اختارت المخرجة الأردنية سنثيا مدانات، الرسوم المتحركة لتكون علاجاً نفسياً للأطفال المتضررين من الحروب. الواقع والبيئة المحيطة بها وما تضمه من ويلات ومآس متجددة كانت دوافع كفيلة لمدانات (48 عاماً) لبلورة فكرتها قبل 5 أعوام. فالأمر لم ينطلق من المشاهد المرعبة القادمة منذ أكثر من 3 أشهر من قطاع غزة، بل كان القطاع الفلسطيني وما يحدث فيه منذ سنوات تأكيداً بأن أطفال المنطقة يحتاجون خروجاً عن المألوف في دعمهم النفسي.

"سليم" هو العلاج الذي أخرجته الأربعينية الأردنية، إلا أنه ليس عقاراً طبياً، بل فيلم رسوم كرتونية متحركة لا تتجاوز مدته ساعة ونصف الساعة، يحكي قصة طفل يحمل الاسم ذاته، فقد والده في أحد الحروب، اضطر بعدها إلى ترك بلاده والانتقال للعيش في مكان آخر.

والتقى مراسل "الأناضول" مدانات وفريق عملها ومنتج الفيلم شادي الشرايحة، وتعرف منهم على فكرة العمل الذي شارك في 11 مهرجاناً دولياً، في مقدمتها "آنسي" في فرنسا، وهو أحد أهم مهرجانات الرسوم المتحركة في العالم.

وقالت لـ"الأناضول": "جاءت فكرة الفيلم منذ 5 أعوام، قبل الحرب على قطاع غزة (اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، وهي تتناول موضوع صحة الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية". وأضافت: "اعتمدنا خلال العمل على رأي متخصصين في هذا المجال، ومن بينهم المعالج النفسي الأردني عصام سمير، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية".

وأشارت مدانات إلى أن قصة الفيلم "تحكي حكاية طفل يُدعى سليم، عمره 9 أعوام، فقد والده خلال أحد الحروب، يعيش كوابيس أرّقت نومه على إثر هذه المأساة، بسبب ذكريات صعبة عاشها خلال فترة الحرب". وتابعت: "حاولنا التركيز قبل إنتاج الفيلم على الفهم النفسي لما يدور في أفكار الأطفال ممن هم بعمر سليم، وواجهتنا الكثير من التحديات لإخراجه بصورته النهائية".

وفي توضيحها لتلك التحديات، قالت: "أبرز هذه التحديات طريقة العرض التي كنا نريد من خلالها توضيح المشكلة والحلول في الوقت نفسه، وهذا التوازن خلق لنا بعض الصعوبات، ولكن الحمد لله تمكنا من تجاوزها".

ولفتت إلى أن "الفيلم عائلي ومناسب لجميع الأعمار، ولكن الأكثر مناسبة هي الفئة ما بين 6 و 14 عاما".

وبيّنت مدانات أن "شخصيات الفيلم 14، بينها 9 أساسية، منهم سليم ووالدته وأشقاؤه نور وسعيد، وجدته، وأصدقاؤه فارس وزينة وعبود، والمرشدة النفسية، والعم أبو دريد".

وأردفت: "البيئة التي يحاكيها الفيلم هي بلاد الشام؛ ويعكس خليط ثقافاتها، ولكن اللهجة المستخدمة هي أكثر قرباً للأردنية". وأكدت أنها أرادت لمن يشاهد الفيلم ومرّ بظروف صعبة أن يعيش ويشعر نفسه سليم: "أردنا أن نحيي الأمل في نفوس الأطفال، ولا نريد أن نعيدهم لوقت مؤلم عاشوه".

واعتبرت مدانات أن "هذا الفيلم نقطة في بحر الألم والحزن والمعاناة التي يعيشها أطفال غزة، ولكن أتمنى أن يعطي بصيص أمل للناجين في مستقبل مشرق".

سينما ودراما
التحديثات الحية

سليم.. رسائل نفسية ملحة

وبدوره، قال منتج الفيلم شادي الشرايحة إن "منطقتنا مليئة بالأزمات والصراعات، وهناك حاجة حقيقية للدعم النفسي لهذه الفئة العمرية". وأشار إلى أن الإعلان عن الفيلم "جاء بالتزامن مع أزمة إنسانية في غزة، لتؤكد الفكرة التي قامت لأجلها ومن أجلها عملية إنتاجه، فقد كان الهدف من خلال الفيلم هو تمرير رسائل نفسية".

وأوضح الشرايحة (51 عاماً) أن "الفيلم عُرض منذ يونيو/ حزيران عام 2023 بمهرجانات دولية، وجرى ترشيحه للعديد من الجوائز، أهمها مهرجان آنسي للرسوم المتحركة بفرنسا، وهو أهم مهرجانات الرسوم المتحركة في العالم". وأردف: "حصل في الشهر ذاته على جائزة بمهرجان cartoon on the bay في إيطاليا كأفضل موسيقى تصويرية، بالإضافة إلى جائزة الجمهور في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من مهرجان الطفل الأردني".

وعن إمكانية إسقاط تفاصيل الفيلم على ما يجري في غزة، أكد الشرايحة أن "حجم الدمار في غزة يحتاج إلى ألفي سليم ليعالج ما تعرض له أطفال القطاع الفلسطيني"، في إشارة إلى حجم المصاب وأثره النفسي في أطفاله.

ويشنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى السبت 27 ألفاً و238 شهيداً و66 ألفاً و452 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وتسببت في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

(الأناضول)

المساهمون