يتفق شبّان وشابات بغداد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على الانطلاق بجولات على الدراجات الهوائية إلى مواقع أثرية وأسواق ومساجد وكنائس ومراقد شخصيات بغدادية معروفة، ضمن مبادرة منظمة برج بابل لحماية التراث التي تعمل منذ أعوام في العراق وتتخصص بملفات عدة، منها الحريات العامة والشخصية وحفظ تراث بغداد.
أخذت المنظمة، ومقرها على شاطئ نهر دجلة في كرادة مريم، على عاتقها فكرة تشجيع العراقيين على ركوب الدراجات الهوائية، كونها وسائل لا تضر بالبيئة من جهة، وتلافي الوقوع في الزحامات المرورية الخانقة التي تعاني منها بغداد. وبالفعل، نجحت المنظمة في الترويج لهذه الثقافة، بحسب شابات عراقيات، ولا سيما أن ركوب النساء للدراجة الهوائية يدخل في حيز المحظور أحياناً، إذ تمنعه شرائح عراقية بدواعٍ دينية وأخرى اجتماعية.
وتقول ذكرى سرسم، وهي نائبة رئيس منظمة برج بابل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمة معنية بالإعلام وتهدف إلى حماية استقلالية العمل الصحافي وتفعيل القوانين التي تحمي حرية التعبير. وساهمت المؤسسة، إضافة إلى نشاطاتها الثقافية والاجتماعية، في تأسيس تحالف المادة 38، كما نظمت عدداً من المؤتمرات الصحافية للدفاع عن الصحافيين الذين تعرضوا لانتهاكات، ونظمت مهرجان العراق الأول للدراجات الهوائية في مطلع عام 2017".
توضح سرسم أن "المنظمة ساهمت بأن تكون هناك مشاركة للمرة الأولى للنساء بركوب الدراجات الهوائية، إلى جانب الرجال في بغداد. وقد اتسعت المشاركة النسائية عام 2019. وعلى أثر المهرجان الثاني للدراجات الهوائية، باشرنا بتنظيم جولة كل يوم جمعة لزيارة أحد المعالم التراثية في بغداد، مع رصد الأضرار التي تعاني منها، وكذلك السعي إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية التراث إلى جانب الضغط على السلطات لحمايته والحفاظ عليه".
ولفتت إلى أن "المبادرة توسعت نشاطاتها، إذ بدأت بالتنسيق مع بعض المؤسسات الحكومية في سبيل التعاون لغرض تنظيم جولات للترويج للأبنية التراثية العائدة لها، فنظمنا جولة إلى خان ضاري على أطراف بغداد، لتوثيق أعمال الترميم التي يشهدها بعد عقود من الإهمال، وقد جاءت الجولة بدعوة من مثقفي وشباب بلدة أبو غريب الذين يسعون إلى توظيف الخان كمركز ثقافي للأهالي".
وبخصوص التواصل مع الجهات الحكومية، فقد بيَّنت الناشطة ذكرى سرسم أن "مؤسسة برج بابل لديها تواصل مستمر مع هيئة الآثار في وزارة الثقافة وأمانة بغداد والوقف السني"، مؤكدة أنها "تلقت أخيراً دعوة من مدير سكك بغداد لزيارة محطة قطار الكاظمية، وهو مبنى تراثي بحاجة إلى ترميم وسيتم التنسيق لزيارته خلال الأيام المقبلة".
من جهته، أشار المتطوع مع المنظمة محمود الزهاوي إلى أن "جولات الدراجات الهوائية داخل العاصمة بغداد مستمرة منذ عام 2017، والمشاركون يتزايدون، في حالة لكسر النمطية التي تفرض محاذير على العراقيين، وتحديداً النساء، من ركوب الدراجة الهوائية"، موضحاً في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "الجولات إلى المناطق الأثرية والمطورة من أثر بغداد القديم، تهدف إلى تعريف المجتمع بأهمية حماية التراث والمواقع الأثرية في بغداد وبقية مدن العراق، ونجد في كل زيارة أن هناك ترحيباً واضحاً من الأهالي، ولا سيما أن العراقيين تعبوا من المصائب والمحن، وهم بحاجة إلى أي جهود غير نمطية، وقد واجهتنا بعض الصعوبات، لكن هدفنا هو الحفاظ على التراث وزيادة الاهتمام به".
أما فاطمة الوردي، وهي ناشطة عراقية تشارك في جولات برج بابل، فقد أشارت إلى أن أحد أحلامها هو ركوب الدراجة الهوائية في بغداد، وقد تحقق هذا الأمر عبر فريق برج بابل، كما أن ثلاثا من صديقاتها شاركن في الجولات على الدراجات إلى المناطق الأثرية، موضحة لـ"العربي الجديد" أنه "في بداية الجولات كانت تتعرض إلى تعليقات سلبية، وأحياناً تكون مؤذية، إلا أن هذه التعليقات سرعان ما تحولت إلى إعجاب بما نقوم به".