استمع إلى الملخص
- تأثرت صناعة الدراما في لبنان بالعدوان الصهيوني، مما أدى إلى توقف تصوير مسلسلات مثل "عن الحب والكذب" و"ما اختلفنا"، وعودة بعض الفنانين السوريين إلى بلادهم.
- رغم التحديات الأمنية، تستمر بعض المسلسلات في التصوير بلبنان، بينما تستمر عمليات التصوير في دمشق، مما قد يدفع شركات الإنتاج للبحث عن مواقع أكثر أماناً.
بات لبنان، في العقد الأخير، مركزاً استراتيجياً لشركات الإنتاج، لتصوير المسلسلات فنُفّذت معظم الأعمال المشتركة السورية - اللبنانية هناك، بالإضافة إلى بعض الإنتاجات المصرية التي تولّتها شركة "سيدرز آرت بروداكشن" (الصباح إخوان). كما كان لبنان ملاذاً للأعمال السورية التي هربت من الرقابة الصارمة في سورية، حيث فضّلت العديد من شركات الإنتاج تصوير مسلسلاتها في بيروت لتجنب القيود الرقابية.
ومع سنوات الحرب التي تلت اندلاع الثورة في سورية عام 2011، هرب ممثلون سوريون، ومعهم مخرجون وكتّاب سيناريو إلى العاصمة اللبنانية، فانتقلت معهم شركات إنتاج، وبات لبنان عاصمة لتصور المسلسلات المحلية والمشتركة.
ثمّ جاء الانهيار الاقتصادي عام 2019، ليستقطب لبنان شركات إنتاج عربية عدة، لتصوير أعمالها في العاصمة بيروت، بسبب انخفاض كلفة الإنتاج، بالتزامن مع انهيار الليرة اللبنانية. لكن اليوم، يواجه لبنان تحديات خطيرة نتيجة العدوان الصهيوني، خصوصاً في جنوب البلاد وشرقها، والضاحية الجنوبية لبيروت. هذا الوضع المستجّد أثّر مباشرة بالعديد من الأعمال الدرامية التي كانت تُصوَّر هناك، إذ باتت هذه المشاريع مهددة بالتوقف لضمان سلامة العاملين.
في الواقع، هناك ما يقارب ستة مسلسلات بدأ تصويرها في لبنان قبل اندلاع العدوان الأخير. من بين هذه الأعمال، مسلسل تنتجه شركة "إيغل فيلمز" بطولة ماغي بو غصن، وتأليف نادين جابر، وإخراج فيليب أسمر. رغم التحضيرات التي بدأت منذ فترة وجيزة، قررت الشركة التريث في استكمال العمليات الفنية، بسبب الأوضاع الراهنة، مما قد يؤدي إلى تأجيل العمل، وخروجه من موسم رمضان المقبل، في حال استمرار الأزمة.
على الجانب الآخر، بدأ المخرج السوري سيف الدين السبيعي تصوير مسلسل "عن الحب والكذب" المكون من 15 حلقة، وهو إنتاج مشترك من بطولة يوسف الخال، وكندة حنا، ويامن الحجلي، وأيمن عبد السلام، ورشا بلال لصالح شركة "الصدى". رغم إيقاف التصوير لفترة قصيرة، عاد السبيعي لاستكماله. الوضع مشابه للمسلسل الكوميدي السوري "ما اختلفنا" في موسمه الثاني، الذي أوقف تصويره مخرجه وائل أبو شعر لعدة أيام، وما زال مستقبل التصوير غامضاً. يعتمد هذا المسلسل بشكل رئيسي على نجوم سوريين يُستقدمون من سورية إلى لبنان، مما يمثل خطراً في الظروف الحالية. وقد عاد معظم الفنانين السوريين إلى بلادهم، كما حدث مع مسلسل "ليديز نايت" لشركة "إيغل فيلمز"، الذي كان يُصور بمشاركة نجوم من سورية ولبنان، وعلى رأسهم سامر إسماعيل.
ومن بين الأعمال المتأثرة أيضاً، مسلسل شركة "شيدرز آرت بورداكشن" الذي يشارك فيه عابد فهد، ومعتصم النهار، ودانييلا رحمة، والذي أُجّل إلى أجل غير مسمى.
إلا أن مسلسلات أخرى تواصل التصوير، على أمل اللحاق بالعرض الرمضاني، ومواعيد التسليم المحدّدة مع القنوات العارضة. ولم توقف العمل إلا في أيام الحداد الثلاثة التي حددتها الحكومة اللبنانية، بعد اغتيال الاحتلال الإسرائيلي أمين عام حزب الله حسن نصر الله الأسبوع الماضي.
في المقابل، لا تزال عمليات التصوير والتحضيرات للأعمال السورية قائمة في دمشق، رغم التحديات الكبيرة. ورغم أن الأوضاع الأمنية في سورية أقل خطراً مقارنة بلبنان، فإن العاملين في مجال الدراما السورية اعتادوا على العمل في ظروف صعبة طوال سنوات الحرب، حيث كانوا يتعرضون لخطر قذائف الهاون في دمشق، لكنهم واصلوا إنتاج الأعمال الدرامية دون توقف، ما جعلهم يتأقلمون مع واقع الحرب واستمروا في حياتهم العملية.
في ظل الصعوبات التي يواجهها لبنان حالياً، قد يتوجب على شركات الإنتاج التفكير في تصوير أعمالها في مناطق أكثر أماناً، أو تأجيل مشاريعها، مما قد يفسح المجال لمزيد من الحضور للدراما السورية والمصرية في المشهد التلفزيوني خلال الفترة المقبلة.