يحلم البشر، وكذلك الكلاب والطيور وبعض أنواع الحيوانات الأخرى. واليوم، أظهرت دراسة جديدة أنّ العناكب تمرّ بفترات من التغير السريع في حركة العين أثناء النوم، وهي مرحلة تربط عادةً بالحلم، وذلك بحسب ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال.
يقول أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة واشنطن بول شو، الذي لم يشارك في البحث الجديد، إنّ النتائج غيّرت قواعد اللعبة فيما يتعلّق بفهم العلماء النوم عند الحيوانات المختلفة.
خلال الدراسة، التي نُشرت نتائجها، أمس الاثنين، في مجلة "بروسيدينغز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس"، فحص الباحثون مقاطع فيديو بالأشعة تحت الحمراء لعشرات العناكب الشابة وهي نائمة في الليل. تنام العناكب الصغيرة، التي تلتقط فرائسها بالاعتماد على الرؤية الحادة والبراعة في القفز، رأساً على عقب معلّقة بخيط من الحرير.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، أظهرت مقاطع الفيديو أنّ العناكب كانت ترتعش بشكل دوري وتلفّ أرجلها، لأنّ ما يسمّى بالأنابيب الشبكية (وهي من مكونات عيونها الخالية من الجفون) قد تحوّلت بسرعة للإشارة إلى أنها كانت تعاني من حركة العين السريعة (REM) أثناء النوم. تأتي هذه الفترة مرّة كلّ 15 إلى 20 دقيقة، وتستمر حوالي 90 ثانية.
تكون أجسام العناكب الصغيرة النامية شفّافة تقريباً، ممّا يجعل من الممكن ملاحظة حركات الأنابيب الشبكية.
وقالت الباحثة في جامعة كونستانز الألمانية والمعدّة الرئيسية للدراسة دانييلا روسلر: "عندما رأيت هذه الوجوه المتشنجة لأوّل مرة أذهلتني، لأنها بدت كما القطط أو الكلاب وهي تحلم".
من جهته قال الدكتور شو: "إذا كانت العناكب تنام بحركة العين السريعة، فهذا يغيّر ما نعرفه عن تطوّر حركة العين السريعة". وأضاف أنّ الاكتشاف "يوسّع عدد وأنواع الحيوانات التي تظهر هذه الحالة البشرية". وأشار إلى أنه لم يتفاجأ من أنّ العناكب تختبر حركة العين السريعة، نظراً لتعقيد أدمغتها الصغيرة.
عند البشر، يحدث نوم حركة العين السريعة عادةً بعد حوالي 90 دقيقة من بداية النوم، ويتكرّر بشكل دوري حتّى الاستيقاظ.
وأظهرت الأبحاث التي أجريت على البشر أنّ نشاط الدماغ يزداد أثناء نوم حركة العين السريعة، وأنّها الفترة التي تحدث خلالها الأحلام.
كما لوحظت حركة العين السريعة عند النوم لدى عددٍ محدود من الحيوانات، منها الحبار والقرود والكلاب والطيور.
بالطبع لا تستطيع الحيوانات الإبلاغ عن أحلامها. لكنّ الدكتور شو قال إنّ الأبحاث أظهرت أنّ نشاط الدماغ المسجل للفئران عند تحركها في متاهات يشبه ذلك الذي شوهد لدى الحيوانات أثناء حركة العين السريعة خلال نومها، وهو اكتشاف يشير إلى أن الحيوانات تعيد أنشطتها أثناء الحلم.
وأشارت روسلر إلى أنّ الدراسة الجديدة لم تقم بقياس النشاط في أدمغة العناكب، التي لا يتجاوز حجمها بذور الخشخاش. لكنّها قالت إنّها تعتقد أنّ حركات العناكب تشير إلى أنّهم كانوا يحلمون، وربما يعيدون ممارسة بعض الأنشطة النهارية. وأوضحت: "أعتقد أنهم يحلمون، لكنّ إثبات ذلك علمياً سيكون قصة مختلفة".
كما لفتت روسلر إلى أنّها خطّطت لتجربة أخرى لمقارنة حركات عيون العناكب أثناء اليقظة وأثناء نوم حركة العين السريعة. وقالت إنّه إذا لاحظت نشاطاً مشابهاً للعين أثناء النوم والاستيقاظ، فهذا يشير إلى أن العناكب تحلم ببعض الأنشطة النهارية. على سبيل المثال، إذا كانت حركات عين العنكبوت أثناء مشاهدة الذبابة تتطابق مع حركات عينها أثناء النوم، فقد يعني ذلك أنّ العنكبوت كان يحلم برؤية الذبابة، على حد قولها.
تابعت روسلر: "من الصعب التحدّث عن حركة العين السريعة خلال النوم من دون الحديث عن الأحلام".