خيوط اللعبة المفقودة في مسلسل "للموت"
تجتمع ماغي بو غصن ودانييلا رجمة للمرة الثانية في مسلسل مشترك (تويتر)
يعرض ضمن باقة مسلسلات موسم رمضان للدراما، مسلسل "للموت"، كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر. جابر تحاول منذ سنوات العبور إلى عالم الكتابة عن طريق شراكتها مع الكاتب السوري بلال شحادات، في مجموعة من الأعمال، لعل أبرزها "عروس بيروت" في الجزء الأول، الذي حقق نسبة مشاهدة عالية، لكنه فشل في الطرح، لسبب بسيط يتمثل بالاستعانة بالنسخة التركية بحذافيرها في التنفيذ، والاستخفاف بالسيناريو. لكن الفشل لا يدفع شركات الإنتاج، أو القائمين عليها، إلى البحث، أو الاستعانة بأخصائيين لكشف مكامن الضعف في بعض النصوص، وتحويلها إلى مسلسلات موسمية، والعمل على معالجة الضعف الحاصل عند التنفيذ.
في "للموت"، حكاية مستنسخة من مجموعة أفلام غربية، تنقل جابر ما يحلو لها، وتضعها في توليفة لبنانية كنوع من تقديم محتوى درامي يتماشى، في اعتقادها، مع حاجة السوق. القصة باختصار لفتاتين تهربان من دار الأيتام بعد معاناة طويلة، وتنطلقان برحلة الانتقام من المجتمع والظلم في مرحلة المراهقة عن طريق التعنيف، والاغتصاب، والإجهاض.
تحاول جابر تقديم مادة ما، لكنها تفلت منها لأسباب كثيرة، منها عدم تماسك خيوط اللعبة، والاعتماد على الغموض البارد من الحلقة الأولى، لقصة زواج "هادي" (محمد الأحمد) من "ريم" (دانييلا رحمة) وفق خطة وضعتها مع أختها غير الشقيقة، "سحر" (ماغي بو غصن) طمعًا في المال. لكن "ريم" تغرم بـ"هادي"، لتبدأ الحكاية بعد رحلة يقوم بها الثلاثة إلى تركيا،و اعتراف الشقيقتين بمصالحهما، التي تمنع عليهما الحب والحياة الهانئة.
ثمة خيوط مفقودة في اللعبة. حتى الحلقة العاشرة من "للموت"، من الواضح أن الكاتبة لم تتنبه لها، وأبقتها خارج السياق الدرامي المفترض أن يحضر في مثل هذه الحرب الباردة بين "سحر" و"ريم"، من دون تحديد الهدف من وراء ما تقومان به
كان بإمكان الكاتبة مثلاً إنجاز المسلسل في ثماني حلقات خاصة بالمنصّات، في رؤية مقنعة أكثر، تنقل تداعيات الحال النفسي لطفلتين عاشتا الحرمان ومختلف أنواع الفقر والعوز، وتعملان لخطف السعادة عن طريق إيقاع الرجال في فخ الحب ثم الزواج. في حين تظهر المعالجة في "للموت" بعداً مقصوداً عن العامل النفسي الذي دفع "ريم" و"سحر" إلى هذا الفعل، وتكراره، فضلا عن اتجاه أشبه بالحكايات "الهندية" للأفلام، الأم التي تظهر فجأة، وابنة "ريم" البالغة التي أخفتها "سحر" عنها، وتركتها لشقيقها وزوجته الخادمة في قصر "ريم".
لا تقتصر الحكاية على النقص في رسم الشخصيات، بل تصل إلى عدم توازن في الشخصيات نفسها، خصوصاً في التقديم التمثيلي لبداية كل حلقة: شريط أحداث ينقل صوراً عن طفولة معذبة عاشها هؤلاء، لا يتناسب مع أشكالهم.
كان مبكراً تقديم نص "للموت" بهذه الطريقة، وتجنب إهمال رسم خريطة الأدوار، ربما لا يتعلق الأمر فقط بالكاتبة، بل يصل إلى دور المخرج فيليب أسمر الغائب عن تفاصيل دقيقة في تبسيط القصة؛ إذ يبدو أن كل تركيز المخرج ومدير التصوير كان على المشاهد الطبيعية، واختيار مجموعة من القصور والقرى اللبنانية لإتمام العمل الذي يدور في حلقة مفرغة لن تضيف له علامات للتقدم لاحقاً.