لا تخلو أي صورة جمالية لمدينة غزة من المشهد العام لحديقة الجندي المجهول، التي تتوسط حيّ الرمال، أحد أكبر الأحياء وأكثرها حيوية، وقد بات العاصمة التجارية والسُّكانية للمدينة.
يتوسط الحيّ شارع عُمر المُختار، وهو شارع رئيسي يصل غرب المدينة بشرقها، فيما ينقسم الحيّ، الذي تعود بداية بنائه إلى ما يقرب من قرن، إلى الرمال الشمالي، والرمال الجنوبي.
يقع حيّ الرمال بمُحاذاة الخط الساحلي، ويُحيط به 20 حياً مُعتمدة من المجلس البلدي، ومنها حيّ الدرج، والتُّفاح، والزيتون، والشجاعية، والشيخ رضوان، والصبرة، والشيخ عجلين، وتسبقها منطقة تل الهوا.
يسكن حيّ الرمال العديد من العائلات، فيما بات ساحة لبناء العمارات السكنية، بفعل حيوية المنطقة وقربها من كل المناطق الأخرى. ويدفع قُرب الحيّ من المحال التجارية، ومكاتب العمل، والمؤسسات الرسمية والحكومية والمشافي، الفلسطينيين من مُختلف مُحافظات قطاع غزة، إلى التوجه لاستئجار أو شراء الشقق السكنية فيه، فيما تُعتبر أسعار الشقق السكنية فيه من أغلى المناطق.
ويقول الفلسطيني محمد العشي، وهو أحد سُكان حيّ الرمال، إن المنطقة تتمتع بالعديد من المُميزات، المُختلفة عن باقي المناطق، إذ تجتمع في الحيّ عدة مقومات، فهو حيّ تجاري، ويضم كُل المرافق المطلوبة، مثل المدارس والعيادات والمراكز التجارية، وكل ما يمكن أن يلزم المواطنين من مرافق عامة وخاصة.
ويوضح العشي لـ"العربي الجديد" أن حيّ الرِمال يتمتع بصفة إضافية تميزه، إذ يضم مختلف المرافق والمستلزمات الضرورية التي يُمكن أن يزورها السكان وأهالي مدينة غزة نهاراً، كذلك فإنه حيّ هادئ ليلاً.
يشتمل شارع عُمر المُختار على مختلف أنواع المحال التجارية، التي حولت المنطقة إلى أشبه بالعاصمة التجارية، يقصدها المواطنون والتُّجار، وتشتمل مختلف المُنتجات الغذائية، والملبوسات، وألعاب الأطفال والأكسسوارات، والمستلزمات المنزلية.
يشتهر حيّ الرمال بعدد من المعالم التي باتت مزاراً للمواطنين من مُختلف محافظات قطاع غزة، مثل حديقة الجندي المجهول، ومركز رشاد الشوا الثقافي، وعدد من المحال التجارية، ومنها كنافة أبو السعود، وكنافة ساق الله، ومُرطبات كاظم والجرجاوي ومُرطبات أبو العوف، ومطعم أبو طلال الشهير للفلافل والسوسي للمأكولات الشعبية.
ويضُم حيّ الرمال، الذي تبلغ مساحته وفقاً للمجلس البلدي نحو خمسة آلاف دونم، مقارّ لمعظم المؤسسات الدولية، والمؤسسات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني، والأبراج والمدارس والمساجد والبنوك ومحلات الصِرافة، وشركات الاتصال والإنترنت، علاوة على مقر المجلس التشريعي والمقارّ الشرطية والأمنية والحكومية والوزارات، إلى جانب مقر النيابة العامة، والمقارّ الرئيسية للجامعات الفلسطينية الكُبرى، والمقر الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
ويقول الفلسطيني عبد الكريم أبو شعبان، مختار منطقة غزة، إنّ حيّ الرمال أُسِّس في عهد الانتداب البريطاني، بعد الحرب العالمية الأولى، في عام 1920. وقد سُمي بهذا الاسم، لأنه كان عبارة عن منطقة كثبان رملية، ولا يوجد فيه أي حياة أو عمل، إذ كان عبارة عن غابات من منطقة جباليا حتى منطقة الشيخ عجلين، وفي عهد الإدارة المصرية في الخمسينيات، وُزِّع حيّ الرمال للموظفين، ومن ثم قُسِّم وفُتحَت الشوارع.
واقتُطِعَت منطقة الشيخ رضوان من حيّ الرِمال، وفق توضيح أبو شعبان لـ"العربي الجديد"، وذلك بعد دخول الاحتلال الإسرائيلي، لتخصيصه كمساكن للاجئين من مخيم الشاطئ، بهدف تفريغ المُخيم من سُكانه، وباتت حدود حيّ الرِمال بشكل عام تمتد من منطقة الشيخ رضوان شمالاً حتى منطقة الشيخ عجلين جنوباً، ومن منطقة السامِر شرقاً، حتى بحر غزة غرباً.
ويعتبر حيّ الرمال صاحب الكثافة السُّكانية الأعلى في مدينة غزة، لأنه حيّ ساحلي، وحيوي، وسكني وتجاري في آن واحد، وفق قول أبو شعبان، الذي قال إن الحيّ ضمّ كذلك سجن السرايا المركزي، الذي يقع إلى الناحية الجنوبية الشرقية من مفترق السرايا، وهو تقاطع شارعي عُمر المُختار والجلاء الرئيسيين.
ويوضح أن مقر سجن السرايا بناه البريطانيون، وبعد الجلاء سيطرت عليه الإدارة المصرية، ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي، وانتقل بعد انسحاب إسرائيل من غزة إلى سيطرة السُّلطة الفلسطينية، وبعد أحداث الانقسام الفلسطيني انتقل إلى حُكم حركة حماس، وقد تعرض للقصف في حرب عام 2008/2009، وكل الحُروب التالية، وتحول إلى ساحة شبه فارغة، تُحيط بها أكشاك بيع المشروبات الساخنة.