حيوان السمندر والقدرة على تجديد الدماغ

04 سبتمبر 2022
تمكن من تجديد كافة الخلايا العصبية المفقودة في منطقة الإصابة (فرانسوا جيلوت/فرانس برس)
+ الخط -

 

في موطنه الأصلي في المكسيك، أصبح حيوان السمندر المكسيكي نادراً وعلى حافة الانقراض. السمندر المكسيكي يشكّل لغزًا دومًا للباحثين والعلماء، لأنّ خصائصه فتنت ليس فقط الناس العاديين، بل الخبراء أيضًا. المثير في هذا الحيوان هو القدرة على تجديد الأعضاء التي تتعرّض لإصابات وبتر، بل حتّى الأعضاء الداخلية، كالقلب والدماغ. إذْ إنّ أي عضو لدى هذا الكائن لا يلبث أن ينمو خلال أسابيع قليلة إذا ما تعرَّض لرضّ أو لأذى.

حاول الباحثون مرّة أخرى تعقّب وفهم هذه القدرة العجيبة لدى هذا الكائن على التجدد. في إحدى الدراسات التي نشرت أخيرًا، أنشأ العلماء بإنشاء خريطة لخلايا من أجزاء دماغه. وراقب الباحثون حيوان سمندر مكسيكي أصيبت أجزاء من دماغه الأمامي، وتحديدًا الأماكن المسؤولة عن معالجة الروائح. بعد ثمانية أسابيع، تمكن حيوان الاختبار من تجديد كافة الخلايا العصبية المفقودة في منطقة الإصابة، والدليل أنّ الحيوان تمكّن من شم وتحليل الروائح مجددًا.

وقالت كاترينا لوست، من معهد فيينا لبحوث الأمراض IMP، إنّ الخلايا الجديدة المتشكلة بنت روابط جديدة مع الخلايا القديمة المجاورة. نشرت نتائج هذه الدراسة في مجلّة Science العلمية المحكّمة. وأضافت لوست: "لكننا لا نعرف حتّى الآن ما إذا كانت هذه الخلايا المتجددة ستعمل بالتناسق والتكامل نفسه مع مجمل الشبكة العصبية للحيوان مثل الخلايا الأصلية التي تلِفَت".

وعيّن الباحثون في المعهد بتعيين أنواع الخلايا في المنطقة الأمامية لدماغ هذا الحيوان التي تكون مسؤولة عن هذه القدرة الاستثنائية على التجدد. كما قارنوا هذه الخلايا بخلايا السلاحف والفئران.

في الشجرة التطورية للتاريخ الطبيعي، انفصلت البرمائيّات عن الفقاريات قبل نحو 350 مليون سنة. حتّى الآن، ليس واضحًا مدى التشابه بين دماغ السمندر المكسيكي (وهو من البرمائيات) ودماغ الفقاريات الأخرى. ولكن، تمكّن الباحثون من تحديد مجموعات من الخلايا العصبية في دماغ السمندر، تتوافق وتتشابه مع خلايا دماغ السلاحف والفئران.

قالت لوسا: "إن رسم خرائط لأنواع الخلايا المختلفة في دماغ السمندر المكسيكي لا يساعد في فهم تطوُّر أدمغة الفقاريات فحسب، بل يمهد الطريق لأبحاث جدية وحقيقية حول تجديد الدماغ لدى البشر أيضًا". الهدف هو النقاط التالية: ماذا تفعل الخلايا الجذعية في دماغ السمندر المسؤولة عن التجديد بالضبط؟ ما هي الجينات التي تنشّطها؟ كيف تتفاعل وتستعيد الاتصال مع الشبكة العصبية الشاملة للحيوان؟ باختصار، كما تقول لوست: "كيف تعرف كل خلية ماذا يجب أن تفعله بالضبط؟".

في دراسات سابقة، تمكن الباحثون من تحديد الخلايا المسؤولة عن تجديد الأطراف لدى حيوان السمندر المكسيكي. عام 2018، حددت ورقة بحثية نشرت في الولايات المتحدة أنواع الخلايا المسؤولة عن تجديد الأطراف بخلايا قليلة التمايز، و"جاهزة لأن تصبح أي شيء". ولكن الخلايا الليفية البشرية كانت تفتقر لهذه الميّزة، لأنّها تشكّل نسيجًا ندبيًا مباشرة بعد الإصابة.

دلالات
المساهمون