حرب الإعلانات على منصات التواصل... الاحتلال يُنفق ولا يجد مقابلاً

23 ديسمبر 2023
تظاهرة داعمة لفلسطين في واشنطن (Getty)
+ الخط -

أنفقت الجهات التي تدعم إسرائيل في عدوانها على غزة ما يقرب من 100 مرة أكثر على إعلانات منصات التواصل الاجتماعي، مقارنة بداعمي فلسطين، وفقاً لتحليل أجرته صحيفة بوليتيكو.

أنفقت الجهات الداعمة للإسرائيل أكثر من مليوني دولار على "فيسبوك" و"إنستغرام" في الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يُظهر كيف تحاول الجماعات المؤيدة لدولة الاحتلال تشكيل الرأي العام بين المواطنين الأميركيين، وخاصة الأجيال الشابة التي تشكّك بشكل متزايد في شرعية إسرائيل وحقها بالوجود، كما أشارت الصحيفة.

إعلانات بالملايين

حلّلت "بوليتيكو" مكتبة إعلانات "ميتا"، وراجعت الإعلانات التي عُرضت بين 2 نوفمبر/تشرين الثاني و1 ديسمبر/كانون الأول، بناءً على انتماءات مجموعات المناصرة إما لإسرائيل أو فلسطين. وعلى منصات "ميتا"، التي تُعَد مجتمعةً أكبر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم من حيث عدد المستخدمين، تضم المجموعات التي تشتري الإعلانات الداعمة لإسرائيل أسماء معروفة، مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية، وكذلك مؤسسة مكافحة معاداة السامية.

ووجدت "بوليتيكو" أن إنفاقها المشترك البالغ 2.2 مليون دولار، تجاوز تقريباً أي كيان آخر خلال الفترة المدروسة، باستثناء المنبر الإخباري المحافظ، ديلي واير، وحسابات "ميتا" التابعة لها، التي أنفقت ما يقرب من ثلاثة ملايين دولار.

وبالمقارنة، أنفقت المجموعات الداعمة للفلسطينيين والمسلمين والعرب أقل من 20 ألف دولار في نفس الفترة على الإعلانات، بحسب ما وجدته الصحيفة. وكانت اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التشهير أكبر منفق على الإعلانات من جماعات مناصرة فلسطين، ولم تصرف سوى أقل قليلاً عن عشرة آلاف دولار على منصات "ميتا"، في الفترة ما بين 2 نوفمبر و1 ديسمبر، على الرغم من أن جميع رسائلها المدفوعة تقريباً لم تذكر العدوان على غزة على وجه التحديد، إذ جاء في أحد إعلانات اللجنة: "ساعدونا في حماية حقوق العرب الأميركيين!".

في هذا السياق، قال المدير التنفيذي الوطني للجنة، عابد أيوب، إن "الغرض من إعلاناتنا هو السماح للناس بمعرفة أننا هنا لحمايتهم". وعندما سُئل عن سبب تأخر الإنفاق على الإعلانات المؤيدة للفلسطينيين مقارنة بأولئك الذين يدافعون عن إسرائيل، قال أيوب إن "تغيير آراء الناس حول كذبة يتطلب كثيراً من المال".

في المقابل، ادعى المتحدث باسم "أيباك"، مارشال ويتمان، في حديثه لـ"بوليتيكو"، أن المنظمة استخدمت حملتها على وسائل التواصل الاجتماعي لما وصفها بـ"مواجهة الادعاءات الكاذبة وضمان نشر معلومات دقيقة حول الصراع".

لكن الإعلانات التي رصدتها الصحيفة تُظهر شيئاً آخر. مثلاً، أنفقت منظمة تسمي نفسها "حقائق من أجل السلام"، أكثر من 450 ألف دولار لاستهداف مستخدمي "ميتا" الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً في المدن الكبرى مثل هيوستن وأتلانتا ولوس أنجليس.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

تضمنت الرسائل المدفوعة، وهي خامس أكبر عملية شراء إعلانية من قبل أي منظمة خلال تلك الفترة، ما قالت إنه مواطن فلسطيني في إسرائيل يندد بمعاملة حركة حماس للمثليين، في حين زعم مقطع آخر أنه "بينما يعاني سكان غزة، يقيم قادة حماس في فيلات في قطر". لا تكشف المنظمة عن مموليها عبر الإنترنت، لكن صفحتها على "فيسبوك" تدرج رقم هاتف يطابق رقم جوش فلاستو، المستشار السابق لحاكم نيويورك الديمقراطي السابق أندرو كومو.

ولم تشترِ الحكومة الإسرائيلية إعلانات "ميتا" خلال الفترة التي حلّلتها "بوليتيكو"، لكن منصة إكس أوقفت ترويجاً مدفوع الأجر يقارن حركة حماس بـ"داعش".

الوسوم المؤيدة للفلسطينيين

يتزامن الإنفاق العملاق لداعمي الاحتلال على الإعلانات، التي يستهدف العديد منها المستخدمين الأصغر سناً، مع تزايد الشكوك حول إسرائيل بين الشباب الأميركيين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك، صدر الشهر الماضي، أن 66 في المائة من المشاركين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً قالوا إنهم لا يوافقون على رد إسرائيل على عملية طوفان الأقصى، مقارنة بالأميركيين الأكبر سناً الذين كانوا أكثر دعماً لإسرائيل.

وفي نوفمبر، استجابت "تيك توك" لانتقادات النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن، مايك غالاغر، الذي ادعى من دون دليل أن المنصة ربما كانت تمارس "عملية تأثير خبيثة" تتلاعب بالشباب الأميركيين عبر "الدعاية المتفشية المؤيدة لحماس". ردّت الشركة في إحدى التدوينات بأن الوسوم المؤيدة للفلسطينيين كانت أكثر شعبية من المؤيدة لإسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأشارت إلى "إنستغرام"، حيث حصد وسم "قف مع إسرائيل" حوالى 264 ألف مشاركة، مقارنة بأكثر من 7 ملايين مشاركة لـ"فلسطين الحرة". وعلّقت "تيك توك": "كانت المواقف بين الشباب تميل نحو فلسطين قبل وقت طويل من وجود تيك توك".

وأثارت هذه التصريحات غضب كثيرين من مؤيدي دولة الاحتلال والصهيونية. يبدو أن رغم ما تُسخّره المؤسسات الداعمة لإسرائيل من أموال طائلة كي توسّع من خطابها، لكنها لم تستطع التأثير، عالمياً، بقدر ما كانت تطمح إليه؛ إذ يزداد وعي الشباب باستمرار تجاه القضية الفلسطينية، وكثيرون منهم نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم أعادوا النظر في ما أُملي عليهم، واكتشفوا أن إسرائيل مجرّد دولة فصل عنصري، وماكينة قتل لا تتوقف.

المساهمون