قصّت "جماعة خير" شريط افتتاح فعاليات النسخة الـ14 لمهرجان "وين ع رام الله"، في ساحة راشد الحدادين التي لم تتسع للجمهور الذي حضر بالآلاف مساء الخميس، فجلس من جلس، ووقف الباقون، وهم كُثر، يتفاعلون بسعادة مع الفرقة الأردنية التي يحبّون، ومع التقنيات غير المسبوقة التي رافقتها، خاصة على مستوى "الغرافيك".
وقدّمت الفرقة للمرّة الأولى أغنية "شمس كانون"، فيما كشف مؤسسها وقائدها، الفنان علي خير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الفرقة قد تعتمد التصوير في حفل رام الله الذي وصفه بالاستثائي لجهة تفاعل الناس، فيديو للأغنية، حال توافقت والمعايير الفنيّة للفرقة، مشيداً بالفرق التقنية القائمة على المهرجان.
ولم يستغرب خير هذا التفاعل الكبير مع إحدى "أجمل حفلات الفرقة"، قائلاً لـ"العربي الجديد": "كنّا متحمسيّن جداً للغناء في المهرجان، خاصة أن عدد المتابعين لنا في فلسطين كبير جداً، وربّما يفوق عددهم في الأردن. جمهور رهيب. لم نشعر أننا نغادر بلدنا، فعمّان ورام الله متشابهتان، حتى في ناسهما".
وكشف خير أن فكرة زيارة فلسطين والغناء فيها تراودهم منذ تأسيس الفرقة، مشيراً إلى أن أول عروض قُدّمت للفرقة بتقديم حفلات خاصة بها كانت من فلسطين، بمجرد صدور أغنيتهم الأولى، وعليه "الجمهور الفلسطيني هو أوّل من قدّر الفرقة ولمس أهميّة ما تقدّم". وقال: "فلسطين، وعبر الكثير من المؤسسات والشركات فيها، كانت صاحبة أكبر عدد من العروض المقدمة لفرقة جماعة خير، إلا أن الفرقة كانت تنتظر تقديم ما يليق بها وبجمهورها في فلسطين".
وقدّمت الفرقة، وسط حضور يمكن وصفه بالأكبر في تاريخ المهرجان، مقابل مبنى بلدية رام الله، الجهة المنظمة، نخبة من أعمالها التي اختتمت بأغنية "عمّان" الشهيرة. ومن بين الأغنيات التي أشعلت الأجواء في الساحة العامة: "رم" نقطة انطلاقها، و"هيجن"، و"صافي يا لبن"، و"سمرا"، و"أنتي ملاذي"، و"ندمي"، و"أصيلة"، و"الحب الكبير"، و"حلق"، و"بحبك بكل حالاتك"، وغيرها.
ولفت خير إلى أنه على الرغم من عدم حصول الفنانة زين طبيشات، عضو الفرقة، على تصريح لدخول فلسطين، والمشاركة في الحفل، فقد استطاع المتواجدون من الفرقة، وبينهم المغني الرئيسي سعد، "تقديم عرض يشرفنا"، مؤكداً أن "الغناء لفلسطين فكرة تلحّ على الفرقة، ولكن عندما نقدّم أغنية لهذا البلد العزيز علينا، ولأهله، ولجمهوره الذي يحبّنا، سنقدمها على طريقتنا القائمة على الشغف أولاً. هو شعارنا في كل أعمالنا، وبعيداً عن أي تملّق".
وفي مستهل الحفل، قدم الممثل عامر حليحل من حيفا، قراءة أدائية تعبيرية لقصيدة "مأساة النرجس ملهاة الفضة"، للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، الذي صادفت الذكرى الخامسة عشرة لرحيله قبل يوم من افتتاح المهرجان، وذلك بمشاركة الفنانين جوانا مرجية، وسعيد قاحوش، وسما شحوك، وعبد الرؤوف الزعبي، وبما يتناغم مع شعار المهرجان "75 عاماً على مسار العودة"، وهو كما أشار نائب رئيس بلدية رام الله صلاح هنية، يأتي تزامناً مع الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني المشؤومة التي تشكّل شرخاً عميقاً في قلوب الفلسطينيين، "وعلى الرغم من ذلك، ما زلنا باقين متجذرين مقاومين، وحتماً عائدين إلى فلسطين... كل فلسطين، لأن لا أحد باستطاعته كسر صورة فلسطين في المخيال الجمعي".
واستذكر هنيّة، مثقفين وأدباء وشعراء كانوا وسيبقون وجهًا مشرقًا لمدينة رام الله، ومنهم الراحلان محمود درويش وزكريا محمد، وختم: "لا يسعنا ورغم كل الظروف القهرية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، سوى المضي قدماً مُوحّدين في مواجهة القمع نحو الاستقلال والعودة وتقرير المصير".