أثار تسرّب أوراق رسمية حكومية في الأردن، تتعلق بعقد شراء خدمات مازن قعوار، المدير الحالي لمهرجان جرش للثقافة والفنون، الكثير من الجدل.
وفي التفاصيل، تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وثائق أصلية مسربة تظهر أن وزير الثقافة الأردني السابق، علي العايد، قرّر شراء خدمات مازن قعوار، بوظيفة المدير التنفيذي لمهرجان جرش لسنة ميلادية واحدة تجدد بموافقة الطرفين، اعتباراً من 27 سبتمبر/أيلول 2021، براتب شهري إجمالي يبلغ 2500 دينار أردني (ما يقارب 3550 دولاراً أميركياً).
وهذا إثر قرار إقالة أيمن سماوي، مدير المهرجان السابق خلال انعقاده، بعد التدافع الجماهيري خلال حفل الفنان جورج وسوف ضمن فعاليات دورته الخامسة والثلاثين، الذي أدى إلى كسر الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا.
وكان لافتاً إرسال قعوار خطاباً رسمياً إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي بتاريخ 8/11/2021، يطلب فيه ضمه إلى سجل العاملين الممارسين واحتساب راتبه ضمن حسبة التقاعد المدني، لكنه زاد مبلغ 250 ديناراً أردنياً (أقل من 400 دولار أميركي)، دون توضيح آلية هذه الزيادة، خاصة أن عقد شراء خدماته لإدارة المهرجان، يوضح أنه لا يحصل على مكافآت أو زيادات غير راتبه الشهري.
في هذا الصدد، قال الناطق الإعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي، شامان المجالي، إن "شمول المدير التنفيذي لمهرجان جرش بأحكام قانون الضمان تم على أجر (2500) دينار فقط. أما الكتاب المُرسل من قبل مدير المهرجان نفسه إلى الضمان بأجر (2750) ديناراً، فلم يتم الأخذ به حتى هذا الوقت، وسيخضع للتحقق عن ماهية الزيادة البالغة (250) ديناراً عمّا ورد في اتفاقية شراء خدمات المذكور، وما إذا كانت تنطبق على هذه الزيادة الشروط والمعايير الخاصة بعناصر الأجر التي تدخل ضمن مفهوم الأجر الإجمالي الخاضع لاقتطاع الضمان أو لا".
واستهجن المجالي، من أحد بنود اتفاقية شراء الخدمات المشار إليها، والموقّعة ما بين قعوار واللجنة العليا لمهرجان جرش للثقافة والفنون، ينص على أن ما يُدفَع من "مكافآت" للطرف المتعاقَد على شراء خدماته وفقاً للأنظمة النافذة، علماً بأن عقود شراء خدمات المئات من الموظفين لا تتضمن في ما يتعلق بالرواتب والأجور سوى الأجر أو المكافأة أو الراتب، شاملاً لكل العلاوات.
بدوره، علّق القانوني، موسى الصبيحي، خبير التأمينات والحماية الاجتماعية والضالع في قوانين مؤسسة الضمان الاجتماعي، على الفارق بين راتب مدير المهرجان وكتابه المرسل إلى الضمان الاجتماعي، بالقول: "ثبت فعلياً أنه لم يتقاضَ سوى الألفين وخمسمائة دينار شهرياً لا غير، فإنه يكون قد أعطى معلومة غير صحيحة لمؤسسة الضمان، وبالتالي يكون قد عرّض المنشأة التي يعمل لديها "مهرجان جرش" وعرّض نفسه لعقوبات مالية نصّ عليها قانون الضمان، ومنها ما نصت عليه الفقرة (ج) من المادة الـ (22) التي ألزمت المنشأة التي لم تؤدِّ الاشتراكات على أساس الأجور الحقيقية زيادةً أو نقصاناً بأن تؤدي غرامة قدرها (30%) من قيمة الاشتراكات التي لم تؤدّها أو التي قامت بتأديتها زيادةً على المقرر".
وبين الصبيحي أن عقوبة من يُدلي بسوء نية ببيانات غير صحيحة للضمان، نصّت عليها الفقرة (أ) من المادة (100) من القانون، التي جاء فيها: "يعاقب بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ألفي دينار كل من أدلى بسوء نية بأي بيانات غير صحيحة للحصول لنفسه أو لغيره على راتب أو تعويض بمقتضى أحكام هذا القانون دون وجه حق".
وحول رأيه القانوني في ما يجب اتباعه في هذه الحالة، يجيب الصبيحي: "يجب أن تبُتّ اللجنة العليا لإدارة مهرجان جرش بصفتها الطرف الذي تعاقد مع شخص مدير المهرجان بموجب اتفاقية شراء خدمات، بموضوع الأجر أو المكافأة الشاملة التي يتقاضاها، وفيما إذا تقرّر له أي مكافأة أخرى غير المُبيّنة في الاتفاقية، عندها ستقطع جهيزة قول كل خطيب، وإذا ثبت أنه زاد في الأجر أو المكافأة المبينة في الاتفاقية دون وجه حق، يلزم فسخ الاتفاقية معه، وتحميله كامل تبعات وآثار هذا الفسخ، كما يجب على مؤسسة الضمان تحميله العقوبة المالية التي نص عليها القانون واللجوء إلى القضاء لهذه الغاية".
في سياق متصل، كشفت وثيقة أخرى وجود مخالفة قانونية تعوق تعيين قعوار مديراً لمهرجان جرش للثقافة والفنون، إذ تظهر بيانات وزارة الخارجية الأردنية، أن قعوار يعمل قنصلاً فخرياً لجمهورية بولندا في الأردن، وأن نظام القناصل الفخريين المعتمد في الأردن والصادر عام 2019، تنص المادة الخامسة فيه على ألا يكون القنصل موظفاً أو عاملاً في الحكومة أو في أي مؤسسة من المؤسسات الرسمية العامة، وهذا ما يتنافى مع وجود قعوار مديراً لمهرجان جرش، إذ كان يجب عليه الاستقالة من منصبه كقنصل قبل قبول تكليفه إدارة المهرجان، وبقاؤه في منصبه يخالف قرارات وزارة الخارجية المعمول بها.
هذا وقال مصدر مطلع في وزارة الثقافة الأردنية لـ"العربي الجديد" إن قرار تعيين قعوار مديراً للمهرجان، يتحمله وزيرها السابق، وإن الوزيرة الحالية هيفاء النجار تتابع الموضوع للوقوف على حيثياته.
وفي الوقت الذي لم يردّ فيه مدير المهرجان على اتصالات "العربي الجديد" ولا على الرسائل المرسلة إلى هاتفه، وصف أحد العاملين في إدارة المهرجان أن ما يجري "زوبعة في فنجان"، مصدرها موظفون سابقون في إدارة المهرجان استُغني عن خدماتهم أخيراً.