- أعمال فنية متنوعة من جداريات وتعبيرات شعبية في أنحاء مختلفة من تونس تظهر التضامن مع فلسطين، بما في ذلك رسومات تجسد العلم الفلسطيني وشعارات داعمة للحرية والمقاومة، وحتى سيارات الأجرة تحمل صورًا تضامنية.
- تجدد الوعي والتضامن مع القضية الفلسطينية في تونس، خاصة بين الشباب، يعكس عمق الروابط التاريخية والإنسانية بين الشعبين، مع تنظيم فعاليات متعددة كحفلات ومسيرات تؤكد على هذا التضامن الشعبي والثقافي.
قبل أشهر فقط كانت معظم جداريات الفناني في الأحياء الشعبية في العاصمة تونس، مخصصة لأكبر فريقي كرة قدم محليين الأفريقي والترجي الرياضي التونسي، لكن، وبعد السابع من أكتوبر/ تشرين الماضي، اختفت ألوان الناديين البيضاء والحمراء والصفراء، لتحلّ مكانها ألوان العلم الفلسطيني: الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، التي سيطرت على أغلب جداريات العاصمة التونسية، دعماً للقضية الفلسطينية وانتصاراً للمقاومة في قطاع غزة بوجه العدوان الإسرائيلي.
وعلى جدار معهد في حي الزهور الرابع، أحد الأحياء الشعبية في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، تعترضك جدارية بطول خمسة أمتار وعرض مترين رُسم عليها العلم التونسي والفلسطيني وخريطة فلسطين وصورة لمقاوم، تعبيراً عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وقال أحد المشاركين في رسم الجدارية، أحمد البنبلي، في حديث مع "العربي الجديد": "في العادة كنا نرسم ألوان فرقنا المفضلة أو بعض شخصيات أفلام الحركة، لكن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني اخترنا أن نعبر عن إيماننا بالقضية الفلسطينية التي تعلو على كل القضايا، خاصةً في ظل الإبادة التي يقترفها جيش الاحتلال بحقهم".
وفي المقلب الآخر من العاصمة، وتحديداً في حي المروج في الضاحية الجنوبية للعاصمة، تنتشر العديد من الجداريات التي تعبر عن تضامن الشعب التونسي مع الشعب الفلسطيني. أبرزها جدارية على المفترق الرئيسي لطرقات الحي، الذي يتجاوز عدد سكانه 120 ألف نسمة، طولها أربعة أمتار وعرضها ثلاثة أمتار. تصوّر الجدارية طفلاً فلسطينياً يرتدي الكوفية الفلسطينية، وخلفه العلم الفلسطيني، وكتب باللغة الإنكليزية: "الحرية لغزة".
ولفت أحد الرسامين المشاركين في العمل، محمد علي، المعروف باسمه الفني "دالي"، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "اختيار مكان رسم الجدارية يهدف إلى تنبيه المارة وتذكيرهم بالمأساة التي يعيشها شعبنا في فلسطين منذ عشرات السنين، والتي تفاقمت حدتها منذ بدء العدوان الأخير على قطاع غزة".
كذلك، اختار بعض سائقي الأجرة التونسيين، تحويل سياراتهم التي ينقلون بها الركاب في العاصمة، إلى منصة للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. أحد هؤلاء، المعروف باسمه حمادي، ألصق صورة على الزجاج الخلفي لسيارته تحمل صورة القدس والعلم الفلسطيني، إضافةً إلى شعارات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية.
ولا يعد التضامن مع الشعب الفلسطيني بالأمر الجديد على الشعب التونسي، إلّا أنّه شهد نمواً متسارعاً بالتزامن مع اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
ورأى أستاذ التاريخ فتحي الحشاني في ذلك "عودة الوعي لدى الشعب، وخاصة الشباب التونسي"، موضحاً: "خلنا منذ الثورة التونسية سنة 2011 وما صاحبها من أحداث أن التونسيين باتوا منغلقين على واقعهم المحلي، وأن الوعي بمأساة الشعب الفلسطيني تراجع بشكل كبير وبات مقتصراً على الصالونات السياسية وبعض التجمعات النقابية". أضاف: "أثبت العدوان على غزة أننا مخطئون وأن الشعب التونسي يحمل القضية الفلسطينية في جيناته منذ نكبة 1948، مروراً بعديد الأحداث الأخرى، ومنها العدوان الإسرائيلي على حمام الشط في تونس سنة 1985".
تعدّدت أوجه التضامن مع الشعب الفلسطيني في تونس، من حفلات فنية ومهرجانات سينمائية ومسيرات يومية، لكن يبقى التضامن الشعبي التلقائي أحسن ترجمة لعمق الروابط التاريخية والإنسانية الجامعة بين الشعبين التونسي والفلسطيني.