تورّطت جامعة هارفارد الأميركية، مرة أخرى، في النقاش حول عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، متهمةً رسماً كاريكاتورياً ينتقد قبضة إسرائيل والصهيونية بـ"معاداة السامية". ويتّهم المنحازون كل انتقاد كيفما كان نوعه لإسرائيل وجرائمها وتأثيرها على الإعلام والاقتصاد والسياسة العالمية، بأنه معاداة للسامية، في خلط مقصود لنزع الشرعية عن المطالب الفلسطينية. وصوّر الرسم الكاريكاتوري يداً عليها نجمة داود، وفي وسطها علامة الدولار تحمل مشانق مربوطة حول رقبة رجلين هما الملاكم والناشط المناهض للحرب محمد علي، والرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر.
ونَشرت الرسم في وسائل التواصل الاجتماعي مجموعتان طلابيتان، هما لجنة التضامن مع فلسطين في جامعة هارفارد، ومنظمة المقاومة الأميركية ــ الأفريقية، وأعاد نشره أعضاء في هيئة التدريس وبعض الموظفين. وفي بيان صدر في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي، أدان رئيس جامعة هارفارد المؤقت، آلان غاربر، الرسم الكاريكاتوري، ووصفه بأنه "معادٍ للسامية بشكل صارخ". وأضاف غاربر أن الجامعة ستسعى إلى "فهم أفضل للمسؤول عن النشر وتحديد ما هي الخطوات الإضافية التي يمكن تبريرها".
وأزالت المجموعات الطلابية الصورة واعتذرت عن نشرها، قائلة في بيان مشترك إنها "تنتهك معاييرها وقيمها". كما اعتذر فريق العمل وأعضاء هيئة التدريس وسحبوا منشورهم.
جامعة هارفرد تحت الضغوط الصهيونية
يأتي هذا الجدل في الوقت الذي يقود فيه الجمهوريون تحقيقاً للكونغرس بزعم أن هارفارد وجامعات أميركية أخرى لا تفعل ما يكفي لمكافحة معاداة السامية في الحرم الجامعي. واستقالت رئيسة جامعة هارفارد، كلودين غاي، من منصبها بعد شهر عاصف شهد حملات تشهير ضدها وضد مسؤولي جامعات أميركية كبرى، بتهمة عدم القيام بما يكفي لمحاربة "معاداة السامية" وهتافات مزعومة حول "إبادة اليهود".
وجاء هذا في سياق قيام مجموعات طلابية بنشاطات مناصرة للشعب الفلسطيني ومعاداة سياسات الاحتلال الإسرائيلي داخل الجامعات، شملت التنديد بجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة.
ركّزت حملة التحالف الصهيوني اليميني على تجريم الشعارات والهتافات التي رددها الطلاب والمتظاهرون الأميركيون خلال العدوان. ويتمحور الجدال ومحاولات التجريم حول معنى هتافات مثل "فلسطين حرة من النهر إلى البحر"، وهو من ضمن الهتافات التي استخدمها الطلاب المناصرون لفلسطين في الجامعات الأميركية.
وكانت ورقة علمية نشرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، قد حلّلت تراجع نسبة المطالبين بدعم إسرائيل في الولايات المتحدة، إذ يؤيد 68 في المائة من الأميركيين وقف إطلاق النار. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن لجنة التعليم والقوى العاملة في مجلس النواب الأميركية، قدّمت مذكرات استدعاء لمسؤولي جامعة هارفارد لإجبار الجامعة على تسليم المزيد من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل من اجتماعات أقوى مجلسين إداريين لها، وجميع الاتصالات حول معاداة السامية التي تشمل مجالس الإدارة، كجزء من التحقيق فيها.
مذكرات استدعاء
أثارت مذكرات الاستدعاء، التي وصفها الخبراء بأنها غير مسبوقة، تساؤلات حول الحرية الأكاديمية والسلامة في الحرم الجامعي وحدود حرية التعبير. في هذا السياق، واجه طالبان في جامعة نورثويسترن في ولاية إلينوي الأميركية احتمال السجن لمدة عام، بعد نشرهما صحيفة طلابية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تنتقد ساخرةً موقف إدارة الجامعة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتتهمها بالتواطؤ في الإبادة بحق الفلسطينيين، بحسب موقع "ذا إنترسبت" الأميركي.
وجّه المدعي العام المحلي اتهامات للطالبين بسرقة خدمات إعلانية، وفقاً لقانون موجود حصراً في ولايتي إلينوي وكاليفورنيا. لكن، بعد أيام من توجيه الاتهامات، قرّر المدعون العامون إسقاط الشكوى المرفوعة ضد الطالبين.