أظهرت دراسة حديثة تراجعاً في حجم ثقب الأوزون أعلى القطب الجنوبي، ليصل إلى 23.2 مليون كيلومتر مربع، بين 7 سبتمبر/ أيلول و13 أكتوبر/ تشرين الأول 2022. كانت هذه المنطقة المستنفدة من طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية أصغر قليلاً من العام الماضي، وبشكل عام استمر الاتجاه العام للانكماش في السنوات الأخيرة.
ووفقاً للدراسة التي نشرتها الإدارة الأميركية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، يوم 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإنه بمرور الوقت يحرز تقدم مطرد، كما أنّ الثقب يصبح أصغر حجماً. لاحظ الباحثون بعض التذبذب مع تغير الطقس وعوامل أخرى من يوم لآخر ومن أسبوع لآخر.
وقال كبير علماء علوم الأرض في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لـ"ناسا" في غرينبيلت في ولاية ماريلاند، بول نيومان، إن ثقب الأوزون أخذ يتناقص خلال العقدين الماضيين. ويعتقد نيومان أنّ القضاء على المواد المستنفدة للأوزون من خلال بروتوكول مونتريال يؤدي إلى تقليص الثقب أكثر فأكثر. وأضاف نيومان، في تعليق لـ"العربي الجديد": "أدى الالتزام ببنود بروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون إلى حدوث انخفاض ملحوظ في كمية المواد التي تؤدي إلى الإضرار بطبقة الأوزون، من خلال استنفاد غاز الأوزون من طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي".
يُقصد بطبقة الأوزون ذلك الجزء من طبقة الستراتوسفير الذي يحمي كوكبنا من أشعة الشمس فوق البنفسجية. ترتبط الأشكال النشطة كيميائياً من الكلور والبروم في الغلاف الجوي، المشتقة من المركبات التي ينتجها الإنسان، بالسحب القطبية عالية الارتفاع في كل شتاء جنوبي، ثم يبدأ الكلور التفاعلي والبروم في تفاعلات مدمرة للأوزون مع شروق الشمس في نهاية شتاء القارة القطبية الجنوبية. يقيس الباحثون في "ناسا" والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي نمو وتراجع ثقب الأوزون بأدوات على متن أقمار Aura وSuomi NPP وNOAA-20.
وفي الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، لاحظت تلك الأقمار الصناعية ثقباً في الأوزون ليوم واحد بحد أقصى 26.4 مليون كيلومتر مربع، أكبر قليلاً من العام الماضي. ويجرى التقييم مرة كلّ أربعة أعوام لمتابعة مدى التزام الدول الموقعة على بروتوكول مونتريال ببنود الاتفاق الذي يهدف إلى الحدّ من غازات الدفيئة المسببة لنفاد طبقة الأوزون التي تحمي الحياة على الأرض من المستويات الضارة من الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس.
مرّت على توقيع بروتوكول مونتريال أربعة عقود حتى الآن، ففي 16 سبتمبر/ أيلول عام 1987، وقعت 24 دولة على الاتفاق الذي نص على حظر استخدام المواد الضارة والمستنفدة لطبقة الأوزون، مثل مركبات الكلورو فلورو كربون، وبلغ عدد الدول الموقعة على البروتوكول حتى الآن أكثر من 190 دولة. وفي سبتمبر 2019، أعلن برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي (كوبرنيكوس) أنّ من المرجح أن يكون ثقب الأوزون قد بلغ أصغر حجم له خلال عام 2019، مقارنة بالـ30 عاماً الماضية، ليصل إلى حجم لا يتجاوز 10 ملايين كيلومتر مربع مقارنة بـ25 مليون كيلومتر مربع في ذروة التدهور. وأرجع المرصد هذا التقدم إلى نجاح الأطراف في تطبيق بروتوكول مونتريال.
أوضح الباحث نيومان أنّه عندما تشرق الشمس القطبية يجري علماء الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي قياسات باستخدام مقياس "مطياف دوبسون الضوئي لقياس الأوزون"، وهي أداة بصرية تسجل الكمية الإجمالية للأوزون بين السطح وحافة الفضاء، والمعروفة باسم إجمالي قيمة عمود الأوزون.
على الصعيد العالمي، يبلغ متوسط العمود الإجمالي نحو 300 وحدة دوبسون. في 3 أكتوبر، سجل العلماء أدنى قيمة لعمود الأوزون الكلي بلغت 101 وحدة دوبسون فوق القطب الجنوبي. في ذلك الوقت، كان الأوزون غائباً تقريباً على ارتفاعات تراوح بين 14 و21 كيلومتراً، وهو نمط مشابه جداً للعام الماضي. كان بعض العلماء قلقين بشأن التأثيرات المحتملة على طبقة الستراتوسفير من ثوران بركان هونغغا تونغا-هونغ هاباي، في دولة تونغا الجزرية في المحيط الهادئ في يناير/ كانون الثاني 2022. وقد أطلق ثوران جبل بيناتوبو، في الفيليبين، عام 1991، كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت، الذي أدى إلى تضخيم طبقة الأوزون. مع ذلك، لم يُكشف عن أيّ آثار مباشرة من البركان في بيانات الستراتوسفير في القارة القطبية الجنوبية.