اتُهم "تويتر" بالانصياع لضغوط الحكومة الهندية بعد منعه عشرات الصحافيين والسياسيين والناشطين المعروفين من استخدام منصته في الأسابيع الأخيرة، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية.
وأصدرت الحكومة الهندية بلاغات تأمر "تويتر" بإزالة حسابات مجموعة من الناس، عقب قطع الإنترنت عن ولاية البنجاب أثناء البحث عن زعيم سيخي انفصالي فار.
ووافق "تويتر" على حظر أكثر من 120 حساباً، بما في ذلك السياسي الكندي جاغميت سينغ والشاعر روبي كاور، إضافة إلى العديد من الصحافيين وعضو في البرلمان الهندي، وكذلك حساب مكتب "بي بي سي" في البنجاب.
وفي 21 مارس/ آذار، تلقى المؤسس المشارك لموقع باز نيوز الكندي المتخصّص بأخبار السيخ في الشتات، جاسكاران ساندو، رسالة بالبريد الإلكتروني من "تويتر" تفيد بأن حسابه قد جرى حجبه في الهند.
واطلعت "ذا غارديان" على البريد، الذي لم يشر أو يستشهد بأي تغريدة أو نشاط محدّد أدى إلى اتخاذ هذا القرار بحق ساندو.
وقال ساندو: "تحوّل اتخاذ إجراءات صارمة بحقّ السيخ أو الأقليات الأخرى، وقمع أي احتجاج من قبلهم، إلى أمر معتاد من الحكومة الهندية"، معتبراً أنّ ما قام به "تويتر" مؤخراً "مجرد مثال آخر على تعرّض الحريات المدنية والحقوق الديمقراطية للهجوم".
وتابع: "حظر حسابي بشكل كامل في الهند، لا تغريدة واحدة، إنّها رقابة شاملة، فيما تويتر في صمت مطبق".
واتهمت منظمة فريدوم هاوس، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي "بدفع الهند باتجاه الاستبداد"، وخفّضت مكانة الهند في مؤشرها للعام 2021 من "حرة" إلى "حرة جزئياً".
أثبتت الهند، ثالث أكبر سوق لـ"تويتر" بعد الولايات المتحدة واليابان، أنها واحدة من أكبر التحديات التي تواجهها الشبكة الاجتماعية. ورداً على تغريدة حول الرقابة في الهند، غرّد مالك "تويتر" إيلون ماسك قائلاً: "لا يمكنني إصلاح كل جانب من جوانب تويتر في جميع أنحاء العالم بين عشية وضحاها، بينما أواصل إدارة تسلا وسبايس إكس وأتابع مهام مختلفة".
وكان يُنظر إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها "تويتر"، على أنّها إحدى الأدوات القليلة المتبقية للشعب الهندي للتعبير عن معارضته الحكومة، بعد أن استسلمت وسائل الإعلام التقليدية إلى حدّ كبير أمام ضغوط الحكومة للالتزام بخطها.
ورفعت شركة تويتر دعوى قضائية ضدّ الحكومة في يوليو/ تموز الماضي بسبب أوامر إزالة، بعد أن أصدرت تشريعًا في عام 2021 يهدف إلى تنظيم كل أشكال المحتوى الرقمي، بما في ذلك الأخبار عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث، وتمكين نفسها من إزالة المحتوى الذي تعتبره "مرفوضاً".
قال مدير السياسات في مؤسسة إنترنت فريدوم، براتيك واغر، في حديث مع "ذا غارديان": إن الكثير من المحتوى الذي جرى حجبه كان عبارة عن تقارير لا تصوّر الحكومة بشكل إيجابي، واصفاً سلوك الحكومة بأنّه "عبثي".
ومنذ توليه منصبه، قلّص ماسك عدد العاملين في "تويتر" في الهند بنسبة 90 بالمئة. قال واغر: "هناك سؤال حول ما إذا كان لا يزال لدى تويتر أشخاص لفحص طلبات الحجب والحظر"، مشيراً إلى أنّ "السؤال يتعلق بالاستعداد لمقاومة الضغوط الحكومية، وهو الأمر الذي تقلص منذ استيلاء ماسك على المنصة".
أمّا مؤسّس موقع هيندوتفا ووتش، الذي يتخذ الولايات المتحدة مركزاً ويتتبع جرائم الكراهية في الهند، رقيب حميد نايك، فيصف الوضع بأنه "قاتم للغاية".
وقال: "لقد استسلمت شركات التكنولوجيا الكبرى بالكامل للنظام الاستبدادي لرئيس الوزراء ناريندرا مودي"، لافتاً إلى أنّ ممارسات "تويتر" في الهند تأخذ "اتجاهاً مقلقاً يهدف لإسكات وسائل الإعلام والنقاد والمعارضين في جميع أنحاء العالم".
وقال ساندو إنّه لم يكن متفائلاً بشأن قدرة الهند على "الحفاظ على الحد الأدنى من المتطلبات لديمقراطية صحية"، واصفاً النظام بأنه "فاسد حتى النخاع".