توقيف ومضايقة صحافيين: حرية الصحافة تتراجع في تونس

24 مارس 2022
مضايقات يتعرض لها الصحافيون في تونس (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

تعيش تونس منذ فترة مناخاً متوتراً في المجال الإعلامي نتيجة التضييقات التي يتعرض لها الصحافيون أثناء أداء عملهم.

آخر فصول هذه التضييقات ما حصل مساء أمس الأربعاء لفريق صحافي من موقع "نواة"، إذ تم منعه من العمل وحجزت معداته رغم حوزة الصحافيين على وثائق رسمية تفيد بهويتهما المهنية والمهام المكلفين بها، والمتمثلة في تصوير تحرك احتجاجي لمناصري حملة "تعلم عوم"، التي تدين العنف البوليسي في تونس، وهي القضية المعروفة بـ"قضية عمر"، مشجع فريق النادي الأفريقي، البالغ من العمر عشرين سنة، الذي تمّ دفعه سنة 2018 في واد قريب من ملعب رادس الأولمبي بعد مطاردة من الشرطة، مما أدى إلى وفاته.

رئيس تحرير موقع "نواة" ثامر مكي اعتبر، في تصريح نقله الموقع نفسه، ما حصل من اعتداء على الصحافيين "عملاً غير مقبول، خاصة أنّ وزارة الداخلية تعمدت التضليل من خلال تقديم معلومات غير صحيحة عن مهمة الصحافيين"، مذكرًا بأن ذلك يعتبر "عدم احترام للقوانين التونسية والمواثيق الدولية التي تنظم عمل الصحافيين". 

وأشار مكي إلى أن المصوّرين تسلّما استدعاء "للحضور يوم 14 نيسان/إبريل 2022 بالمحكمة الابتدائية ببن عروس"، من دون معرفة أسباب هذا الاستدعاء، وفق ما نقلته عنه "فرانس برس".

في سياق متصل، من المنتظر أن يعرض غدًا الجمعة الصحافيون خليفة القاسمي والحسين الدبابي وأمل المناعي على التحقيق بسبب نشر موقع "موزاييك إف إم" خبرًا عن تفكيك خلية إرهابية في محافظة القيروان في الوسط التونسي. الخبر نقله مراسل الإذاعة خليفة القاسمي الذي تمّ توقيفه يوم 19 مارس/ آذار 2022، في حين تمّ التحقيق مع الدبابي والمناعي وإطلاق سراحهما، على أن يتم عرضهم جميعاً على التحقيق.

توقيف خليفة القاسمي أتى على خلفية رفضه الإفصاح عن مصدر المعلومة التي نشرها، لأن القوانين التونسية تعطي للصحافي الحق في عدم كشف مصدره إلا لقاض إذا تعلق الأمر بقضية تتعلق بالأمن القومي، وهي الشروط التي لم تتوفر في قضيته.

لذلك، اعتبر محمد ياسين الجلاصي، نقيب الصحافيين التونسيين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "من حق خليفة القاسمي عدم الكشف عن مصدره، وأن عملية إيقافه فيها تعسف وعدم احترام للمرسوم 115 المنظم لقطاع الإعلام في تونس، الذي يمنح الصحافي التونسي الحق في عدم الكشف عن مصادره".

وأكد الجلاصي أن "ما تعرض له القاسمي حلقة جديدة في مسار التضييق على حرية الصحافة الذي يعرف منحى تصاعدياً".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وعملية توقيف مراسل إذاعة "موزاييك إف إم" خلفت ردود فعل غاضبة في الوسط الإعلامي التونسي، إذ أطلق الصحافيون التونسيين وسم "#سيّب_خليفة" (أطلقوا سراح خليفة)، كما نظموا وقفات احتجاجية تنديداً بعملية التعدي على حرية الصحافة.

من ناحيتها، أصدرت منظمات تونسية، ومنها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ومجلس الصحافة والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، بيانات اعتبرت فيها أن حرية الصحافة في تونس تعرف تراجعاً خطيراً بعد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الاستثنائية يوم 25 تموز/يوليو2022، مطالبين بالإفراج عن خليفة القاسمي وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لقيام الصحافيين بعملهم بعيداً عن التضييقات الأمنية والتعسف في استعمال القانون.

وقال نقيب الصحافيين مهدي الجلاصي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن ذلك يعتبر "ضرباً لحرية الصحافة... وضرباً لحق الصحافيين في المحافظة على مصادرهم"، وفق ما نقلته "فرانس برس".

وفي تقدير النقيب، فإن توقيف الصحافيين "من أخطر الحالات التي حدثت منذ ثورة 2011، وخاصة منذ 25 تمّوز/يوليو" حين أعلن الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في البلاد. وبيّن نقيب الصحافيين التونسيين أن السلطات "تنتهج القوّة وتستغل أجهزة الدولة... سياسة واضحة من أجل إسكات الصحافيين وتخويفهم وترهيبهم".

كما طالبت منظمات دولية، مثل "لجنة حماية الصحافيين" و"الاتحاد الدولي للصحافيين" ومنظمة "مراسلون بلا حدود"، السلطات التونسية بالإفراج عن الصحافي خليفة القاسمي وضمان حرية الصحافة، مناشدة الرئيس التونسي توفير الضمانات القانونية لحرية الصحافة حتى يؤدي الصحافيون عملهم بكل حرية ومهنية.

هذه الوقائع اعتبرها البعض، ومنهم مدير مكتب شمال أفريقيا لمنظمة "مراسلون بلا حدود" صهيب الخياطي، خلال حديثه لإذاعة "موزاييك إف إم"، "علامة على تراجع حرية الصحافة في تونس، وهو ما سيؤدي حتماً إلى تراجع تونس في التصنيف الدولي في حرية الصحافة، وما سيعني تراجعاً في هذا التصنيف للمرة الثانية منذ عشر سنوات ما بعد الثورة التونسية".

ومن المنتظر أن يدخل الصحافيون التونسيون العاملون في مؤسسات الإعلام الرسمي (العمومي)، وهي مؤسسات التلفزيون التونسي والإذاعة التونسية ووكالة "تونس أفريقيا للأنباء" (وات)، وشركة "سنيب لابراس" التي تصدر صحيفتين يوميتين، في إضراب عام يوم 2 نيسان/إبريل المقبل بعد دعوة النقابة الوطنية للصحافيين لذلك، بسبب ما اعتبرته "تدخلاً في خط تحرير التلفزيون، وضبابية في تسيير بقية المؤسسات انعكست سلباً على أدائها".

المساهمون