تهمة "إهانة الرئيس" تنتشر على نطاق واسع في تركيا

22 فبراير 2022
(كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -

تبدأ الصحافية التركية سديف كاباش، اليوم الثلاثاء، شهرها الثاني في السجن بتهمة "إهانة الرئيس". وتنتشر هذه التهمة أكثر فأكثر في تركيا، وتسمح بكمّ أفواه المعارضة قبل 16 شهراً من الانتخابات الرئاسية، وفق ما يراه مراقبون. وتؤكد منظمة "مراسلون بلا حدود" أنّ كاباش (52 عاماً) هي الصحافية التي أمضت أطول فترة في السجن بهذه التهمة، حتى الآن.

وكانت كاباش ذكرت خلال برنامج تلفزيوني أنّ مثلاً قديماً يقول إنّ الرأس المتوّج يصبح عموماً أكثر حكمة، وأضافت: "يمكن أن نرى بوضوح أنه خاطئ". وكررت الصحافية مقارنتها التي اعتُبرت مهينة للرئيس رجب طيب أردوغان ونظامه، على حسابها على "تويتر" الذي يتابعه 900 ألف شخص.

بعد ثلاثة أسابيع، تم توجيه اتهام رسمي إلى سديف كاباش، ورُفض طلبها بالإفراج عنها. ويطالبها رئيس الجمهورية بتعويض قدره 250 ألف ليرة تركية (أكثر من 18000 دولار). وستتم محاكمتها في 11 مارس/آذار المقبل، وهي معرّضة، في حال إدانتها للسجن لمدة 12 عاماً وعشرة أشهر، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية واثنين من وزرائه.

سديف كاباش معرّضة للسجن 12 عاماً بتهمة إهانة رئيس الجمهورية واثنين من وزرائه

ودان ممثل "مراسلون بلا حدود" في تركيا إيرول أونديروغلو، "القانون المناقض للديمقراطية" حول "إهانة الرئيس"، والذي "تحوّل إلى أداة قمع تجسّد السياسة الاستبدادية للحكومة". واعتبر أنّ جريمة إهانة الرئيس المنصوص عليها في المادة 299 من قانون العقوبات والتي تطالب "مراسلون بلا حدود" بإلغائها، "تسمح بإسكات المنتقدين وإضعاف وسائل الإعلام".

وعبّرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن قلقها إزاء الاستخدام التعسفي للمادة 299.

وحذّر رئيس الجمهورية من أنّ قضية كاباش "لن تبقى من دون محاسبة"، ودعا إلى "احترام وحماية منصب" الرئاسة. وشدّد أردوغان "على أنّ لا علاقة لذلك بحرية التعبير".

بعد فترة وجيزة، صدرت ثماني مذكرات توقيف، منها واحدة ضد السباح الأولمبي ديريا بويوكونجو، على خلفية رسائل على "تويتر" تسخر من إصابة الرئيس بكوفيد (بدون أعراض)، وكذلك زوجته.

وتم توجيه تهمة ازدراء الرئيس إلى أكثر من 31 ألف شخص في 2020، و36 ألفاً في 2019، بينما اقتصرت على أربعة فقط في 2010، وفقاً لإحصاءات قضائية رسمية.

تم توجيه تهمة ازدراء الرئيس إلى أكثر من 31 ألف شخص في 2020

وتشير الباحثة في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية في باريس سمبُل كايا، إلى أنّ تهمة إهانة الرئيس أكثر تعميماً من تهمة "الإرهاب"، وهي الأكثر انتشاراً منذ محاولة الانقلاب ضد أردوغان في عام 2016.

وتوضح أنّ "هذا الجرم يسمح بالتعرّض للمواطنين العاديين"، كاشفةً عن "تراجع دور السلطة القضائية"، بينما تمر تركيا بأزمة اقتصادية تؤثر على شعبية رئيس الدولة لناحية إعادة انتخابه في 2023.

وكان جرم "إهانة موظفي الخدمة العامة" موجوداً منذ مدة طويلة، ولكن إهانة الرئيس الأكثر تواتراً حالياً، وُضع في 2005 بمبادرة من حزب "العدالة والتنمية"، حزب أردوغان الموجود في السلطة منذ عام 2002، بحسب ما توضحه كايا. وتضيف: "في حالة السباح، اعتبر الرئيس أردوغان أنه تم استهداف موقعه ولكن كان الأمر يتعلق بشخصه: ننزلق من حماية الموقع باتجاه حماية شخص الرئيس".

ويرى الخبير الاقتصادي والسياسي أحمد إنسل أنّ "الاستخدام المفرط للمادة 299 يهدف إلى إسكات أي تعبير ناقد ضد شخص الرئيس". ويضيف: "سُجن العديد من الصحافيين والمحامين بتهمة الدعاية لتنظيمات إرهابية. ولكن عندما لا يمكن توجيه هذه التهمة، كما في حالة سديف كاباش، يرفع محامو أردوغان دعوى قضائية بموجب المادة 299".

ويرى أنّ هذا التطور يأتي في إطار "تصوّر أردوغان الاستبدادي للغاية للوظيفة الرئاسية، وقد أصبح في عام 2018 رئيساً للدولة ورئيساً للحكومة وزعيماً للحزب الحاكم في آن"، بحسب قوله.

ويشير المراقبون إلى صغر سنّ مدعي عام إسطنبول الذي وجه الاتهام الى كاباش، والمُتخرّج في 2018. ويقول إنسل: "تم استبدال أكثر من 4000 قاضٍ ومدعٍ عام منذ 2016 بمحامين شباب مقربين من حزب العدالة والتنمية، في عمليات (توظيف) غير شفافة"، مؤكداً أنّ "الأوامر تأتي من فوق، مباشرة من القصر الرئاسي".

وطالبت حوالى 30 منظمة دولية لحماية الصحافيين بالإفراج الفوري عن سديف كاباش.

وتحتل تركيا المركز 253 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وفق منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية.

(فرانس برس)

المساهمون