تلسكوب جيمس ويب رصد أقدم الثقوب السوداء النشطة

12 يوليو 2023
أطلقت "ناسا" التلسكوب في ديسمبر (لورا بتز/ أسوشييتد برس)
+ الخط -

اكتشف باحثون أكثر ثقب أسود فائق الكتلة نشاطاً حتى الآن، باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي. تشكلت المجرة المعروفة باسم سيرس 1019 (CEERS 1019)، وهي المجرة التي تستضيف الثقب الأسود، بعد نحو 570 مليون سنة من الانفجار العظيم، ويعد ثقبها الأسود أقل كتلة من نظرائه في أي مجرة أخرى جرى التعرف إليها في الكون المبكر.

بالإضافة إلى الثقب الأسود، حدّد الباحثون اثنين من الثقوب السوداء الأخرى الموجودة على الجانب الأصغر في مجرة CEERS 1019، اللذين كانا موجودين بعد مليار سنة (للأول) و1.1 مليار سنة (للثاني)، من حدوث الانفجار العظيم، وفقاً لثلاث دراسات نشرت معاً يوم 6 يوليو/ تموز الحالي، في مجلة أستروفيزيكال جورنال لترز (Astrophysical Journal Letters).

وأوضح قائد فريق البحث في إحدى الدراسات الثلاث، استيفان فينكلشتاين، وهو أستاذ علم الفلك في جامعة تكساس في أوستن في الولايات المتحدة، أن الثقب الأسود الهائل النشط في مركز مجرة CEERS 1019  غير معتاد، ليس فقط بسبب عمره والمسافة، ولكن أيضاً لأنه أصغر حجماً، إذ يزن 9 ملايين كتلة شمسية فقط، ممّا يعني أنه أثقل بـ9 ملايين مرة من شمس مجرتنا.

وعادةً ما تزن معظم الثقوب السوداء فائقة الكتلة في بدايات الكون أكثر من مليار كتلة شمسية، ما يجعلها أكثر إشراقاً ويسهل اكتشافها.

وأضاف فينكلشتاين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الفريق لا يزال لا يستطيع الإجابة عن السؤال المرتبط بصغر حجم الثقب الأسود المكتشف، كلك لا يزال من الصعب شرح كيفية تشكله بعد وقت قصير من بدء الكون.

ويُعَدّ مرصد جيمس ويب أول مرصد يمكنه التقاط ثقوب سوداء ذات كتلة منخفضة في الكون المبكر، رغم معرفة الباحثين بوجودها منذ زمن بعيد. قال استيفان فينكلشتاين: "حتى الآن، كان البحث عن الأجسام في الكون المبكر نظرياً إلى حد كبير. مع تلسكوب جيمس ويب، لا يمكننا فقط رؤية الثقوب السوداء والمجرات على مسافات بعيدة، بل يمكننا الآن البدء بقياسها بدقة. هذه هي القوة الهائلة لهذا التلسكوب".

بالإضافة إلى اكتشاف الثقب الأسود في مركز المجرةCEERS 1019 ، وجد التلسكوب أيضاً ثقبين أسودين آخرين بوزن خفيف. الثقوب السوداء فائقة الكتلة ذات كتل أصغر مما يرى عادة في الثقوب السوداء على تلك المسافة. تشكل هذان الثقبان الأسودان بعد الانفجار العظيم، ويزن كل منها نحو 10 ملايين كتلة شمسية.

وأوضح الباحث أن الثقب الأسود المعروف باسم "ساجيتيريس إي*" (*Sagittarius A) الموجود في قلب مجرتنا درب التبانة، أكبر بنحو 4.3 ملايين مرة من كتلة الشمس. لكنه لا يزال خفيفاً جداً بالنسبة إلى ثقب أسود فائق الكتلة. فيما يزن الثقب العملاق الموجود في مركز المجرة M87 نحو 6.5 مليارات كتلة شمسية.

لم يتمكن الفريق فقط من فك التشابك بين الانبعاثات في الطيف الصادرة عن الثقب الأسود والتي تأتي من المجرة المضيفة له، بل أمكنهم أيضاً تحديد كمية الغاز التي يمتصها الثقب الأسود، وتحديد معدل تشكل النجوم لمجرته. ووجد الفريق أن هذه المجرة تبتلع أكبر قدر ممكن من الغاز بينما تنتج نجوماً جديدة أيضاً.

"قبل مرصد جيمس ويب، كانت الثقوب السوداء الثلاثة باهتة جداً، بحيث لا يمكن اكتشافها. مع التلسكوبات الأخرى، تبدو هذه الأهداف مثل مجرات تشكل النجوم عادية، وليست ثقوباً سوداء فائقة الكتلة نشطة"، أوضح الباحث.

سمحت الأطياف الحساسة لمرصد جيمس ويب للباحثين بقياس المسافات الدقيقة، وبالتالي أعمار المجرات في الكون المبكر. ونتيجة لذلك، حدد أعضاء الفريق 11 مجرة كانت موجودة من 470 إلى 675 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. وقال فينكلشتاين إن هذه المجموعة من المجرات المكتشفة حديثاً، جنباً إلى جنب مع المجرات البعيدة الأخرى التي قد يمكن رصدها في المستقبل، قد تغير فهمنا لتشكيل النجوم وتطور المجرات عبر التاريخ الكوني.

أُطلق تلسكوب جيمس ويب في ديسمبر/ كانون الأول 2021، وهو موجود الآن على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض.

ويملك "جيمس ويب" القدرة على النظر إلى نقاط في الكون أبعد من أي تلسكوب سابق، بفضل مرآته الرئيسية الضخمة، وأدواته التي تستقبل إشارات الأشعة تحت الحمراء، ما يتيح له التحديق عبر سحب الغبار. ويُتوقع أن يتيح "جيمس ويب" خصوصاً مراقبة المجرات الأولى التي تشكلت بعد بضع مئات الملايين من السنين فقط من الانفجار العظيم، والكواكب الخارجية.

المساهمون