حذر تقرير دولي جديد من أن سياسات التكيف أو التخفيف التي تنتهجها البلدان لم تعد كافية لتقليل مخاطر تأثيرات تغير المناخ، وأنه لا شيء أقل من الجهود العالمية المتضافرة للحد بشكل جذري من انبعاثات الكربون والتكيف بشكل استباقي مع تغير المناخ حتى يمكن مواجهة العواقب الأكثر كارثية.
ووفقاً للتقرير الصادر عن "اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ" التابعة للأمم المتحدة (IPCC)، في 28 فبراير/ شباط، فإن المجتمعات الأكثر ضعفاً، غالباً ذات الدخل المنخفض أو السكان الأصليين، هي الفئات الأكثر تضرراً. وجد التقرير أن ما يصل إلى 3.6 مليارات شخص يعيشون في مناطق معرضة بشدة لتغير المناخ، بسبب الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة والجفاف والطقس الذي يمهد للحرائق.
وأفاد التقرير الذي شارك في إعداده خبراء وباحثون من 195 دولة إلى أن تغير المناخ يؤثر بالفعل على الصحة البدنية للأفراد، كما يؤثر على صحتهم العقلية. إذ إن الأضرار الرئيسية على الصحة العقلية للأفراد هي من تأثيرات الطقس القاسية، مثل التعامل مع المنازل التي غمرتها الفيضانات، ولكن أيضاً من خلال ظاهرة "القلق البيئي".
ولفت معدو التقرير إلى أن أعباء تغير المناخ تقع بشكل غير متساو على عاتق الأشخاص الأغنى والأفقر. إذ يتمركز الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم في الدول ذات الدخل المنخفض، في غرب وشرق ووسط أفريقيا وجنوب آسيا وأميركا الجنوبية، بالإضافة إلى أولئك الذين يعيشون في الدول الجزرية ومناطق القطب الشمالي ضحايا. ووجد المؤلفون أن الوفيات الناجمة عن الفيضانات والجفاف والعواصف في تلك المناطق كانت 15 مرة أعلى من المناطق الأقل عرضة للخطر، ومعظمها من الدول ذات الدخل المرتفع مثل كندا والمملكة المتحدة وبلدان غرب أوروبا، بين عامي 2010 و2020.
وقال رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هوسونج لي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عبر المكتب الإعلامي للمنظمة، إن التقرير "يمثل تحذيراً رهيباً بشأن عواقب عدم اتخاذ أي إجراء". وأضاف أن التقرير يشير بوضوح إلى العلاقة المتبادلة بين المناخ والتنوع البيولوجي والناس، ويدمج العلوم الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية بقوة أكبر من التقييمات السابقة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. كما يؤكد التقرير على الضرورة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية وأكثر طموحا لمواجهة مخاطر تغير المناخ.
وخلال المؤتمر الصحافي لإعلان التقرير، قالت المؤلفة الرئيسية للتقرير راشيل وارين إن النتائج تشير بوضوح إلى زيادة إدراكنا للحدود التي يمكن أن تصل إليها عمليات التكيف، وأن ما ظهر في التقرير هو رسالة قوية مفادها أنه عند درجتين مئويتين تكون المخاطر أكبر بعدة مرات من ما هي عليه عند 1.5 درجة مئوية.
وتتعرض المناطق الحضرية بشكل متزايد للحرارة والفيضانات والعواصف التي تؤثر على الطاقة والنقل وتؤدي إلى تفاقم تلوث الهواء. وستؤدي فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين إلى زيادة لا مفر منها في المخاطر التي يتعرض لها الناس في أنحاء العالم كافة، لأن هناك بالفعل 1.5 درجة مئوية من الاحترار الناتج عن انبعاثات غازات الدفيئة السابقة.
وبحلول منتصف القرن، سيكون نحو مليار شخص معرضين لخطر التأثيرات الساحلية مثل الفيضانات، بما في ذلك في الدول الجزرية الصغيرة التي يواجه بعضها تهديداً وجودياً في وقت لاحق من هذا القرن.
وإذا ارتفعت درجة حرارة العالم بمقدار درجتين مئويتين، فإن ذلك سيعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر. كما يحذر التقرير من خطورة تعرض 14 في المائة من الأنواع الحيوانية والنباتية الموجودة على الأرض لمخاطر الانقراض إذا ارتفعت الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية، ومن المرجح أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى 29 في المائة إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 3 درجات مئوية.